الراحل أنور عبدالله النوري التقيته خلال عملي كصحافي مرات عديدة ، وتواصلت معه لفترة خاصة في حرب العراق 2003 عندما عملت مع قناة بي بي سي لاستطلاع آراء شخصيات كويتية عن الأحداث السياسية التي واكبت تلك الفترة، وكما عرفته لا يتحدث إلا بما يعرف، ولا يتفلسف، ولا يجامل أو يهادن في رأيه لأي كان، ينصحك حتى وان كان لتوه قد التقى بك، وكأنه يعتقد ان النصيحة هي دين يجب ان يؤديه لكل من يقابله.
> > >
تعلمت من الراحل أمرا مهما جدا، وهو إلا تغير مبادئك حتى ولو تغير الجميع من حولك، وأذكر جملته جيدا وهو المؤمن بالعروبية حتى النخاع: «أنت ما تؤمن به وليس ما يؤمن به الآخرون».
> > >
في آخر مقالة للراحل النوري والمنشورة في الزميلة القبس بتاريخ 25 يوليو الماضي أي قبل أسبوع بالضبط من وفاته رحمه الله، بدا كما لو أنه يرثي نفسه، وأعيد نشر الفقرة الأولى من مقالته كما هي والتي رثى نفسه بها ودعا لنا بها.
> > >
فقد كتب الراحل النوري في مقالته تلك ما نصه «إلهي، سيدي ومولاي، خالقي والمنعم علي، أرجو أن تستجيب لدعائي ولا تخيب رجائي في هذا الشهر الفضيل الذي ذكرته في القرآن الكريم هدى للناس وبينات من الهدى والفرقان، ان تتقبل دعاءنا هذا وان ترحمنا بواسع رحمتك أحياء وأمواتا، وما أحوجنا الى هذه الرحمة أحياء قبل الممات، دعاؤنا ان تهيئ لنا من أمرنا رشدا، وأن يكون اهتمام قادتنا وكبار سياسينا بمستقبل الكويت شغلهم الشاغل لا ماضيها، وان تصفو نفوسهم وإذا ما صفت نفوسهم ازدهرت وأنبتت ثمارا طيبة، وان توفقهم في اختيار البطانة الصالحة التي تكون عونا لهم لا عبئا عليهم. نحن نعلم ان الله لا يغير ما بقوم حتى يغيروا ما بأنفسهم، فساعدنا على تغيير ما بأنفسنا. ربي آمنا في أوطاننا، وأعطنا الصحة في أبنائنا، وارزقنا المقدرة على مجابهة مشاكلنا بأنفسنا، وأبعد الجدلة عن حديثنا واجعلنا من الذين يستمعون القول فيتبعون أحسنه».
> > >
توضيح الواضح: من الحلول التي طرحها الراحل النوري لخروج البلاد من أزمتها السياسية كان ما ورد على لسانه في آخر لقاء تلفزيوني معه قبل عامين عندما قال: «لابد من مجلس حكماء محايد لبحث الأزمة والخروج بتوصيات ملزمة لننهي حالة الجدل السياسية المستمرة».
waha2waha@hotmail.com
المصدر جريدة الانباء
قم بكتابة اول تعليق