كنت معلمي توجهني وتعلمني وتزودني بالنصيحة، وكنت دائماً مفعماً بالابتسامة والتفاؤل بالمستقبل، رحمك الله يا أنور النوري.
منذ المرحلة الدراسية الأولى، وحتى الانتهاء من الدراسات العليا احترم المعلم وأجله، وكنت أسمع لا بل أؤمر بالطاعة والاحترام لمعلمي، انطلاقاً من مقولة «من علمني حرفاً ملكني دهراً»، نأتي لهذا المعلم أنور عبدالله النوري الذي عرفته عن قرب منذ أكثر من خمسة عشر عاماً، عندما كنت شاباً يافعاً متحمساً ومتطوعاً ضمن مجموعة مختارة من الشباب والشابات الكويتيين، لمرافقة ضيوف لجنة الصداقة الكويتية الأميركية.
بعدها كان الرئيس للشركة التي كنت واحداً من أسرتها، وكنت دائماً أسمع واسترشد بنصائح هذا المعلم الفذ، كنت أشعر بأني قريب منه مسترشداً دائماً بنصائحه، يتكلم بلغة مفهومة لا تفارقة الابتسامة دائماً، كان يقول «عندما أراك أفرح، ويزيد إيماني بأن الكويت بألف خير».
يوم وفاته، كنت معه الساعة الحادية عشرة صباحاً، ودعته مستجيباً لأمره «سوف أراك بعد عودتي من السفر»، كنت أشاركه حب هذا البلد الطيب، وكان يشاركني حرصه اللامحدود والرغبة للوصول إلى بر الأمان والازدهار في مختلف المجالات، ويخص بالذكر تنمية الفرد والتقدم العلمي ليس للكويت فقط بل للعالم العربي.
كان يسأل وبتواضع جم من هم أقل منه خبرة ودراية، ثم يقوم بتوجيههم ونصحهم تارة كرب عمل، وتارة كأب، وتارة كأخ وزميل.
خلال زياراتي المتعددة له كان يسألني عن الاقتصاد والتطورات في الأسواق العالمية، رغم ثراء معلوماته، ثم يثريني بحديثه وخبرته عن بداية الكويت الحديثة، أشاركه القلق نحو كويت الحاضر، ويشاركني بتفاؤل عن كويت المستقبل.
وكان دائماً يحفزني أن أستزيد من الفكر العاقل والرزين للعم يوسف سيد عبدالوهاب الرفاعي، كان أيضاً يذكرني بين الحين والآخر بما قدّمته أسرتي من أجل العلم والتعليم في الكويت والوطن العربي، مبيّناً في الوقت نفسه أن تقدم الشعوب هو بتقدم الأنظمة التعليمية.
حدثتني يا عمي العزيز بومناور عن الماضي وعن تحديات العمل الوزاري، ثم انتقلت بي إلى الحاضر، وحرصك على التعليم من خلال نشر أساليب تعليمية غير تقليدية، ومواكبة التقدم العلمي في ظل وجود التطور المستمر لطرق الاتصال في العالم الحديث.
حدثتني وبتفاؤل عن المستقبل، وعن حبك اللامحدود لأسرتك وشغفك بالعمل التطوعي.
في آخر لقاء ذكرتني وفي عينك حرص الأب على الإخلاص في العمل والتفاؤل بالمستقبل، وحب طلب العلم والعمل التطوعي، حتى في ظل مشاغل الحياة.
كنت أتطلع لمقابلتك بعد عيد الفطر في مكتبك الجديد، كما وعدتني، ولكن اللهم لا اعتراض، ولا حول ولا قوة إلا بالله.
عم بو مناور أخاطبك وكأني أمام دائرة معارف، وأقول: شكراً من القلب بمشاركتك لنا جميعاً في مرابع الذكرى، وكم سوف افتقد زيارتك.
اللهم اسكن العم بومناور فسيح جناتك، وألهم أهله ومحبيه الصبر والسلوان، «إنا لله وإنا إليه راجعون».
فهد سامي فهد الإبراهيم
المصدر جريدة القبس
قم بكتابة اول تعليق