لم يأت انتخاب مرزوق الغانم رئيساً لمجلس الامة الكويتي من فراغ.
أن يشغل الغانم الشاب المعروف بديناميكيته وانتمائه الى اولئك الذين يفكّرون في المستقبل وربط الكويت بكل ما هو حضاري وعصري، موقع رئاسة المجلس يعتبر دليل عافية…ونقلة نوعية في آن واحد.
انه فوز يندرج في سياق تطورات متلاحقة تصبّ في خدمة الكويت وتمكينها من تجاوز المرحلة الصعبة التي تمرّ فيها المنطقة من جهة وتحصين الداخل من جهة أخرى.
وفى تقرير تحليلى ـ بقلم الكاتب خير الله ـ يقول فيه: انه من الثابت أن هذه النقلة النوعية لا يستطيع القيام بها سوى العقلاء من كبار العائلة، على رأسهم أمير الدولة، والجيل الجديد من الكويتيين الذين احتكّوا بالعالم المتحضر ويمتلكون ما يكفي من الثقافة والعلم، بما يتيح لهم خدمة البلد فعلاً. وهذا يعني خدمة الكويت بالأفعال وليس بالكلام المعسول.
هؤلاء الشبّان من الجيل الجديد تخرّجوا من جامعات عالمية معروفة سمحت لهم بامتلاك ثقافة حقيقية بعيدة كل البعد عن التزمت والتطرف. الاهم من ذلك كلّه، أن هؤلاء يعرفون الكويت جيدا ويعرفون تركيبة البلد التي هم جزء منها، ويعرفون خصوصا الاسباب التي جعلت من الكويت في الماضي القريب جدا دولة طليعية على كل صعيد وفي كل المجالات
ويضيف التقرير: قبل الانتخابات النيابية الأخيرة يوم السابع والعشرين من – يوليو الماضي، كان أمير الدولة الشيخ صُباح الاحمد أخذ الأمور بيديه، وقرّر إعادة الكويت إلى ما يجب أن تكون عليه، أي الى دولة تتطلع الى شغل موقعها الطبيعي في المنطقة بدل البقاء في أسر الشعارات والمزايدات. فقد عانت الكويت طويلا من الجمود ومن غياب التعاون بين الحكومة ومجلس الأمة. صار تعطيل العمل الحكومي بحجة الفساد أقرب الى هواية من أي شيء آخر.
وقد يكون هناك فساد، كما قد تكون هناك مبالغات. لكنّ اللافت في معظم النقاشات، التي كانت تتوّجب استجوابات للوزراء، هو غياب الارقام الحقيقية واللغة الراقية عن معظم ما كان يدور تحت قبة قاعة عبدالله السالم (مجلس الامة). كانت الإشاعات كفيلة، أحيانا، بإسقاط حكومة أو استقالة وزير في عالم لا مكان فيه سوى للأساليب العلمية والخبرة المهنية لدى التعاطي مع المشاريع الكبيرة التي تبدو الكويت في أشدّ الحاجة اليها. هل طبيعي أن يكون القطاع الصحّي، مثلاً، في حال لا تليق ببلد قليل السكان، نسبياً، يمتلك ثروة كبيرة؟
ويمضى الكاتب فى تقريره الى القول: ثمة مؤشرات الى دخول الكويت مرحلة جديدة مختلفة. تقوم هذه المرحلة على كلمة “التعاون” بين السلطتين التنفيذية والتشريعية. ولذلك، كان الشيخ صُباح في غاية الوضوح عندما قال في كلمة افتتح بها مجلس الأمة الجديد “لا حاجة لي بالتأكيد على حتمية التعاون بين المجلس والحكومة، كي يتحقق الانجاز المأمول به ويأتي الإصلاح المنشود”.
لم يخف أمير الكويت في الوقت نفسه دقّة الوضع الاقليمي وانعكاساته على الكويت وضرورة الابتعاد عن كل ما يثير الحساسيات، خصوصا الغرائز المذهبية بين السنّة والشيعة.
قال في هذا المجال “علينا أن لا نسمح بأن تكون بلادنا ساحة لصراعات ومعارك الغير وتصفية حساباتهم. وعلينا الحذر، كلّ الحذر من استدراج الفتنة البغيضة التي تشقّ صفوفنا وتنال من وحدتنا وتضعف قوّتنا”.
هناك رغبة كويتية في تجاوز الجمود. كانت الانتخابات الاخيرة أفضل دليل على ذلك. هناك إرادة شعبية في كسر الحلقة المفرغة التي أجبرت أحد عشر حكومة على الاستقالة منذ العام 2006.
في الفترة الأخيرة، لم تعد تمرّ سنة من دون انتخابات نيابية. باتت الكويت في حال ضياع داخليا وإقليميا.
ومما يبعث على التفاؤل بمستقبل الكويت ـ حسب التقرير ـ أن الشعب تحدّى الحرّ والغبار والصيام وأقبل على صناديق الاقتراع.
الذين قاطعوا الانتخابات تعرّضوا لهزيمة وليس لمجرد نكسة. انها هزيمة للاخوان المسلمين ولآخرين على شاكلتهم. هزيمة لاولئك الذين كانوا يريدون أن تكون الكويت مجرّد صندوق يستخدم في تمويل نشاطات معيّنة في هذا البلد أو ذاك، خصوصاً في مصر…أو في هذه الدولة الخليجية أو تلك!
ومن الواضح أن المجلس النيابي الجديد، بانتخابه مرزوق الغانم رئيساً له، قرّر أن يكون شريكاً في عملية كسر الجمود وتعزيز ما تحقق من تقدم في العامين الماضيين، خصوصاً في مجال اقرار خطة التنمية الطموحة وتعزيز دور الاعلام، الذي بدأ يلعب الدور الطبيعي والموضوعي المطلوب منه وبدء البحث في كيفية تطوير التعليم والخدمات الصحية وبناء منازل جديدة للمواطنين.
ويضيف الكاتب خير الله: ولا عودة الى الخلف في الكويت بوجود أمير عاقل يعرف العالم العربي عن ظهر قلب مثلما يعرف بدقة التوازنات الاقليمية والدولية.
لم يتردد الشيخ صُباح في اتخاذ المواقف الشجاعة المطلوبة.
شمل ذلك الانفتاح على الدول الاسيوية التي حققت انجازات اقتصادية باهرة، ودعم الشعب السوري، ودعم مصر والاستقرار فيها خصوصا بعدما قال الشعب كلمته وأخرج الاخوان المسلمين وتوابعهم من رئاسة الجمهورية.
ويختتم التقرير بالقول: المهمّ أن الكويت تتقدم بخطى حثيثة بغية التعويض عن الاضرار التي لحقت بالدولة والمجتمع في السنوات القليلة الماضية واصلاحها.
المهمّ الآن أن هذا التقدّم الذي يتحقق، والذي بدأ بمبادرة من امير الدولة، بات مدعوماً شعبياً.
بات مدعوماً من أكثرية شعبية رفضت مقاطعة الانتخابات الاخيرة وانتخبت مجلساً متجانساً الى حدّ كبير.
مضيفا: وما قد يكون أكثر أهمية هو أن تعي الاوساط الكويتية كلها أنّ لا أمل في مستقبل أفضل من دون الاستثمار في التعليم.
والتعليم الجيّد الذي في مستوى معيّن هو ذلك الذي يبتعد عن القشور، مثل الاختلاط وما شابه ذلك.
التعليم الجيّد يركّز على المعرفة من خلال برامج حديثة معترف بها دوليا وليس تلك التي وضعها الاخوان المسلمون، خصوصاً بعد تغلغلهم منتصف التسعينات من القرن الماضي في النظام التربوي. حسب قول الكاتب
قم بكتابة اول تعليق