وليد الجاسم: مبادرة مفقودة.. وأزمة ثقة.. راسخة

رغم المحاولات العديدة والجمل الواضحة التي اطلقها وزير الإعلام الشيخ محمد العبدالله المبارك وعلى مدى يومين في اطار طمأنة كتلة الأغلبية وانصارها في الشارع بعد حكم المحكمة الدستورية الصادر والقاضي ببطلان عملية الانتخاب التي اجريت في الثاني من فبراير 2012 في الدوائر الخمس برمتها وبعدم صحة عضوية من اعلن فوزهم فيها مع استعادة المجلس المنحل (مجلس 2009) سلطته الدستورية بقوة الدستور وكأن الحل لم يكن.
أقول رغم محاولات وزير الاعلام تلك للطمأنة، وتأكيداته ان الاسباب الموضوعية التي ادت الى مرسوم حل مجلس 2009 مازالت قائمة وان المسألة اجرائية وتستلزم التأني فقط لتطبيق الحكم بشكل سليم لا يوقع البلاد في أزمة جديدة من هذا النوع بسبب خطأ اجرائي جديد، إلا أن الواضح أن الطرف الآخر (الأغلبية) لا يسمع هذا الكلام ولا أثر لهذه التطمينات البتة على كتلة الأغلبية التي صعدت خطابها تصعيداً غير مسبوق تجلى في البيان الصادر عن اجتماعها يوم أمس الأول.
المسألة إذاً هي أزمة ثقة مفقودة بين الطرفين، وأزمة الثقة هذه ربما كانت تتطلب بياناً أكثر موثوقية من شأنه الطمأنة، وبالتالي سحب البساط من أي نوازع تصعيدية.
فقد كان المأمول مثلاً أن يصدر تصريح باسم وزير الديوان الأميري يؤكد فيه على ما قاله وزير الإعلام وأن النية واضحة ثابتة بأن يتم حل مجلس 2009، وهنا يكون التطمين رفيعاً بالحد الذي يضمن التهدئة ولا يفتح باباً إلا لحسن الظن.
وربما لو جاء مثل هذا الخطاب مبكراً من وزير الديوان الأميري وقبل ما قاله وزير الإعلام مشكوراً للصحافة لكان أوقع وأكبر أثراً في الطمأنة، وربما لو جاءت المبادرة مسبقاً منه قبل انعقاد اجتماعات الأغلبية أصلاً لكان أثره أفضل بكثير – بل وربما – يسحب البساط تماماً من التيار المتطرف الذي يريد التصعيد تحت أي ذريعة وسبب طلباً للمواجهة بين السلطة والشعب، وهو تيار صغير متطرف لا يمثل جماهير الأغلبية لكن أجواء التأزم وعدم الثقة والتشكيك هي اجواء ملائمة لتحقيق المزيد من النمو والحركة في هذا التيار.
ان الوقت لم يفت بعد لمبادرة رفيعة، وما لم يكن هناك تحرك مدروس من هذا النوع يصدر فإن البلاد ستظل تدور في حلقة مفرغة من ردود الأفعال والتصعيد اللامنتهي.

وليد جاسم الجاسم
waleed@alwatan.com.kw
المصدر جريدة الوطن

قم بكتابة اول تعليق

Leave a Reply

لن يتم نشر بريدك الالكتروني في اللعن


*


هذا الموقع يستخدم Akismet للحدّ من التعليقات المزعجة والغير مرغوبة. تعرّف على كيفية معالجة بيانات تعليقك.