كنت في العشرين من عمري، حين لبست العقال ووضعته على رأسي لأول مرة، ولم يكن ذلك خياري بل كنت مجبرا عليه.
في ذلك العام كنت أعمل في أحد البنوك وكنا، أو أغلبنا، نمارس عملنا داخل البنك دون وضع العقال على رؤوسنا مكتفين بـ «الغترة» فقط كغطاء فوق الرأس، ولكن ادارة البنك قررت أن يرتدي جميع الموظفين من لابسي الدشداشة والغترة، العقال فوق رؤوسهم، فانصعنا لهذا القرار الجائر مجبرين لا مقتنعين، فصرنا نلبس العقال في البنك فقط أما خارجه فإن رؤوسنا تبقى حرة دون عقال يعقلها، وبمجرد خروجنا من باب البنك وقبل أن نصل إلى سياراتنا نبادر إلى رفعه من فوق رؤوسنا ونتركه بالسيارة حتى اذا ما جئنا في اليوم التالي ثبتناه على رؤوسنا ونحن نهم بدخول البنك وليس في السيارة!
والسبب أنه في تلك السنوات كان ثمة تدرج في اللباس الشعبي «الدشداشة والغترة والعقال» بحيث كنا في طفولتنا وحتى بلوغنا الثالثة أو الرابعة عشرة نكتفي بلبس الدشداشة فقط ورؤوسنا حاسرة مكشوفة دون غترة، ثم اذا ما بلغنا مبلغ الشباب نلبس الغترة وتظل هي ما يغطي رؤوسنا فقط دون عقال، ويستمر الوضع هكذا حتى سن الثلاثين وربما اكثر والبعض يبقى مكتفيا بالغترة فقط طوال عمره دون العقال، لذلك كنا نستنكر على أنفسنا لبس العقال خوفا من أن نصبح محل سخرية الأصدقاء لو رأونا بالعقال، لذلك نتحاشى لبسه خارج مكان العمل.
أما الآن فقد تغير الوضع تماما فلم نعد نرى شبانا يرتدون الغترة وحدها دون عقال، فما أن يصبح الواحد في سن الفتوة ومطلع الشباب فإننا نراه يرتدي الغترة والعقال في الوقت نفسه دون ذاك التدرج الذي أشرت إليه.
في وقتنا كان وضع العقال فوق رؤوسنا فترة الشباب مرفوضا والثقافة العامة السائدة ترفضه وتعتبره نوعا من التباهي والتدليس والتفاخر الكاذب، ولو عدنا لتسجيلات تلفزيون الكويت في الستينيات لرأينا أغلب الفنانين يظهرون بالغترة فقط دون عقال والذي لم يكن يرتديه الا الكبار في العمر أو أصحاب الوظائف المميزة.
katebkom@gmail.com
المصدر جريدة الانباء
قم بكتابة اول تعليق