احمد الجارالله: شكرا لكم يا أقباط مصر

شكرا يا أقباط مصر، شكرا يا من أحبطتم مخطط الفتنة الاخوانية في أرض الكنانة، فهذا عهدنا بكم منذ الفتح الاسلامي، طلاب وحدة، حماة وطن، مؤمنون بالتعايش الوحدوي بين أبناء الشعب من دون تفرقة، تتعالون على جراح يتسبب بها جهلة متطرفون حاقدون على الانسانية، وليس فقط على من يخالفونهم الرأي.
شكرا لك سيادة البابا تواضروس الثاني، فأنت على خطى مار مرقس الذي نشر المسيحية في مصر منذ 1900 عام، تسير في طريقه التي عبّدها بالمحبة والوحدة، بمجاورة المسجد والكنيسة على الايمان بالله الواحد ولهذا معكم نصلي “بحق الإله الواحد الذي نعبده جميعاً من أجل كل مواطن مصري ليكون درعاً لحماية الوطن من كل إرهاب ومن كل عنف”، كما معكم” نصلي من أجل أن يسود الهدوء والسلام بقاع مصر المحروسة في يد الله القوي والقادر والذي لا يعسر عليه أمر”.
مرة اخرى تتجلى الصورة المصرية الحقيقية بالموقف البابوي الذي فوت على الفتنويين الفرصة في شق الصف، فالاعتداء على بيوت الله، أيا كانت هويتها هو اعتداء على البشرية جمعاء، ومن يقدم القرابين على مذابح الوطنية برصّ الصفوف، لن يحصد إلا الخير الوفير، وهو خير بشرنا به، أتقياء حملوا رسالة سلام ووطنية صادقة على مر العصور، فكانوا خير حراس لوطنهم.
لقد أدركتم قصد الارهابيين الاخوانيين من حرق الكنائس فقدمتموها قربانا على مذبح وحدة الوطن، ولم تأخذكم حماسة الانتقام ولا الاحساس بالضعف، بل كنتم ومازلتم أقوياء بوطنكم المحتاج اليوم الى أصوات الحكمة والعقل التي تجلت في موقفكم المتنزه عن كل مآرب، غير التشبث بأرض استمدت اسمها منكم، ولم تنزلقوا في لعبة الامم التي تريد جماعة الفسق والقتل والتخريب زج مصر بها عبر استدراج تدخلات خارجية تحت يافطة حماية الاقباط والاقليات، لايمانكم أن الانتماء الى الوطن لا يحتاج الى حماية الخارج الساعي الى تنفيذ مخططاته وتحقيق أهدافه على حساب الدم المصري.
في موقفكم التاريخي هذا وضعتم النقاط على الحروف، وأظهرتم للعالم اجمع ان هدف “الاخوان” ليس وحدة أرض الكنانة، ولا استقرار هبة النيل، إنما التقسيم والخراب والدمار، وهو للاسف ما لم تدركه بعض القوى التي لا تزال ترفع لواء الدفاع عن جماعة إرهابية يزدحم تاريخها بالدم والاغتيالات، وحاضرها مليء بالتآمر والخيانة، ورغم ذلك فان بعض السلطات الغربية والعربية تكيل بعشرات المكاييل، فلا هي تتخذ موقفا أخلاقيا او سياسيا محقا، ولا رأت ما فعلته أيدي عصابة الكذابين القتلة من قتل وتخريب طوال الاشهر الماضية في مصر، بل وقفت ضد العالم، المسيحي والمسلم، المؤيد للشعب المصري في انتفاضته على حكم مرشد التكفير والارهاب، فهل حافظت فرنسا على ثوابت ثورتها في الحرية والعدالة والمساواة، أم كانت بريطانيا في تحيزها الى جانب الآتين من كهوف القرون الوسطى تناصر الديمقراطية، أم أن الولايات المتحدة الاميركية المتأرجحة مواقفها كالزئبق رأت ملايين المصريين الرافضين لتلك الظلامية الارهابية التي حاول “الاخوان” تكريسها، أم كانت قطر تؤيد التضامن والاستقرار حين دعمت وحدها تلك الجماعة؟
واذا كنا لا نستغرب موقف رجب طيب أردوغان لأنه مجبول بالطينة الاخوانية نفسها، إلا أننا نمقت من يدعون أنهم عالم حر مناصر لحقوق الانسان الذين غضوا نظرهم عن المجرزة التي ارتكبها ضد التظاهرات المعارضة له في اسطنبول وأنقرة، واليوم يستنكرون فرض سلطات الدولة الشرعية الأمن وتنفيذ القانون، وتفريق اعتصام بلطجية وإرهابيين عاثوا في مصر فسادا.
لا تفسير لمواقف تلك الدول غير أنها تسعى الى تمكين الجماعات الارهابية من حكم مصر والعالم العربي، تنفيذا للخطة الصهيونية اليهودية القائمة على أساس واحد لا غير، وهو تمزيق العالم العربي الى دويلات ومعسكرات طائفية ومذهبية.

أحمد الجارالله

المصدر جريدة السياسة

قم بكتابة اول تعليق

Leave a Reply

لن يتم نشر بريدك الالكتروني في اللعن


*


هذا الموقع يستخدم Akismet للحدّ من التعليقات المزعجة والغير مرغوبة. تعرّف على كيفية معالجة بيانات تعليقك.