نبيل الفضل: قراءة

قراءة متأنية في بيان من يسمون أنفسهم ظلما بالاغلبية البرلمانية، رغم انعدام الصفة عن %60 منهم، نجدهم يقولون عن الدستور «الوثيقة التي اكدت ان الامة صاحبة السيادة، ومصدر السلطات مما جعل استقرار الكويت لا يرتبط بالاشخاص وانما بالدستور ودولة المؤسسات»!!.
وهذا كلام تدليس في افضل الاحوال لانه يحمل الكذب على طبق من الصدق.
فالقول بان الدستور والمؤسسات هي حافظة الاستقرار كلام صحيح الى حد بعيد، ولكنه لا يلغي دور الاشخاص. والا فما دور صاحب السمو أمير البلاد مثلا؟! فمحاولة تهميش الدور متعمدة هنا لاسباب خفية على العامة.
ثم ان «الامة اذا كانت مصدرا للسلطات وصاحبة للسيادة» فان التوقف هنا خطيئة وليس خطأ.
فالمادة السادسة التي تقول بهذا المبدأ تضيف دون توقف «وتكون ممارسة السيادة على الوجه المبين بهذا الدستور»!.
فلماذا يقرأون «لا تقربوا الصلاة» فقط؟!!
ويتهمون السلطة بالتعدي على الدستور اعتداءً صريحا ومتكررا بدءاً بتقديمها قوانين مقيدة للحريات في مجلس 1963!!.
ربما صدقوا ولكن. ماذا عن قانون عدم تجنيس غير المسلم الذي اقره نواب الامة، هل هو مقيد للحرية أم لا؟!
وكذلك قانون فصل الجنسين في الجامعة الذي تكالب عليه نواب الامة، هل هو تقييد للحرية أم لا؟!
ومحاولة تعديل المادة الثانية والمادة 79، هل هي محاولات نيابية لتقييد الحرية الدستورية باغلال فهم الشريعة لدى البعض أم لا؟!
فتمهلوا باتهام الغير قبل ان تنظروا اشكالكم في مرايا الزمن!.
ثم انهم ادعوا «ان تكرار حل مجلس الامة لا يمكن ان يمت للدستور بصلة»؟! ونحن نسأل هؤلاء العباقرة، وهل في الدستور ما يمنع تكرار الحل لاسباب مختلفة؟! هذا وانتم بالذات من اهم الاسباب في كل مرة يحل بها المجلس.
ثم اضافوا فض فوهم، و«لعل اخطرها اقحام السلطة القضائية بهذا الصراع بين السلطة من جهة والشعب ودستوره من جهة اخرى»؟! وهذا كلام واضح في اتهام القضاء، بانه قد سمح لنفسه بان يقحمه الغير في صراع سياسي بين اكثر من طرفين!!.
ولكن نواب الاغلبية الباطلة يضيفون بان ما حدث ما هو الا انتقام عنيف من ارادة الشعب الكويتي!!!
من ينتقم من من؟! القضاء ينتقم من الشعب ام انتم تنتقمون من القضاء ام الحكومة تنتقم من الشعب ام ماذا؟! والله عيب!.
المهم ان الحديث عن «حتى جاءت الست سنوات الاخيرة» حديث يلمز في عهد سمو الامير صباح الاحمد حفظه الله، وهي قضية تستهدف مكانته بمخالفة صريحة للقانون من قبل من وقع على ذلك البيان.
كما ان الادعاء بان المجلس قد حل خمس مرات متكررة خلال هذه السنوات الست مجافٍ للحقيقة ان لم يكن كذبا بواحا.
ثم يقولون «ان حل مجلس 2012 المعبر عن ارادة الامة الحقيقية» وهذا كلام خرطي. فمجلس 2012 أُبطل ولم يُحل، وهو والعدم سواء. اما ارادة الامة التي عبرت عنها انتخابات 2 فبراير الماضي، فهي ارادة مزورة بالايداعات ومزيفة بالتحويلات، وما فرضته هاتان القضيتان من تأثير مخيف على مزاج الناس واختياراتهم.
ولكن الاحبة فوق وصفهم لحكم ابطال المجلس الاخير بالبدعة المستوردة، يرون خطورة القبول بها والاذعان!. اي انهم لن يقبلوا بالحكم القضائي مثلما اعلن عبيد الوسمي عدم اعترافه وقبوله بحكم قضائي سابق لحكم المحكمة الدستورية!.
يعني، من اجتمع في ديوان احمد السعدون لا يرضخون لسلطة الامير ولا يؤمنون بحق الشرطة تطبيق القانون وحماية المجتمع، وهم لا يقبلون بالأحكام القضائية.
فهل ديوانية احمد السعدون دولة مستقلة داخل دولة الكويت؟!
ثم يطالبون في بيانهم بـ«تحديد من المتسبب بهذا الخطأ الاجرائي ان وجد ومحاسبته واجبة لا يجوز تأخيرها»!!
وهم هنا يعترفون بوجود خطأ اجرائي مما ينفي كل اتهاماتهم المبطنة للقضاء الكويتي الشامخ، ويحتالون بالتساؤل «ان وجد»!. مع ان المتسببين موجودان، وهما فيصل الصرعاوي والعم احمد عبدالعزيز السعدون، مرجعية الكويت الدستورية وصاحب الديوان الوحيد في الكويت الذي تزينه صورة الدستور.
ثم يواصل البيان خلطه للاوراق ليربط بين حكم المحكمة الدستورية ببطلان حل مجلس 2009 مع حكم محكمة الجنايات بتبرئة رجال الداخلية من تهمة الاعتداء على عبيد الوسمي، الذي يشعر الكثيرون انه لم ينل ما يستحقه على ما تفوه به من بذاءات وتحريض.
ولكن لا احد يرى العلاقة بين الحكمين الا من منظور «المؤامرة» التي يسوق لها احمد السعدون منذ اربعين عاماً!.
المضحك ان الموقعين على البيان يطالبون – هكذا على كيف مزاجهم – بنظام برلماني كامل، ويبررون طلبهم لمنع تلاعب السلطة عبر عدم ممارسة الحكومة اعمالها قبل ان تنال ثقة البرلمان!!
ويبدو ان الجماعة لا يعلمون بان النظام البرلماني الكامل يعني ان الحكومة لا تشكل الا من قبل البرلمان والحزب الفائز!! فما مدى ادراك هؤلاء الموقعين للنظام البرلماني الكامل قبل المطالبة به؟!
ثم اذا كان الاحبة على استعداد للانقلاب على الدستور وثيقة العهد بين الحاكم والشعب فمن حق الحكم كذلك ان يتخلى عن التزامه بهذه الوثيقة، فالعقد شرط المتعاقدين.
فهل هذا ما يريدونه؟!
ثم نأتي لصيغة الخطاب التحريضي في البيان ونرصد مفرداته فنجد.
«استقرار الكويت لا يرتبط بالأشخاص»- «السلطة واصلت التعدي على الدستور اعتداء صريحاً» – «تزوير الانتخابات» وكذلك «الانقلاب على الدستور والانقلاب الثاني على الدستور»! وهذه مستعارة قطعا من الفيلسوف احمد الديين!.
«وفي ظل التغييب القسري لارادة الشعب الكويتي» و«حتى جاءت ست السنوات الاخيرة التي تم فيها حل مجلس الأمة خمس مرات متكررة»!!. – «ارهاق وانهاك الشعب الكويتي» – «حل مجلس الأمة لا يمكن ان يمت للدستور بصلة».
«ولعل أخطرها اقحام السلطة القضائية»!! – «الصراع بين السلطة من جهة والشعب ودستوره من جهة» – «فما حدث ما هو الا انتقام عنيف من ارادة الشعب الكويتي»!!!.
«حل مجلس 2012.. هو بدعة مستوردة من الخطورة القبول بها او الاذعان إليها» – «ان الذريعة التي تسوقها السلطة في تبرير خروجها المتكرر على القانون..» – «نعلن صراحة عدم قبولنا بهذه الممارسات من اي سلطة كانت وتحت اي مبرر»!. – «يعتبر نهجاً استبدادياً لا يمكن القبول او التعايش معه» – «.. مما يعني بحكم اللزوم اعطاء اذن مسبق لقوات الأمن باستباحة حقوق الافراد وحرياتهم والنيل من كراماتهم تحت مبررات لا تستند الى شرع او قانون او منطق»!!.
«العبث بارادة الشعب الكويتي» و«ان الاغلبية النيابية تعلن انها في حالة انعقاد دائم»!!!!!.

اعزاءنا

هل هذه الجمل والمفردات واللغة جزء من خطاب سياسي ام خطاب تحريضي ام اعلان حرب؟! وهل تلام الصحف بعدم نشر هذا البيان العسكري؟!
والمضحك انهم يختمون هذا البيان التحريضي بالقول «وسنبقى باذن الله متواصلين مع الأمة مدافعين عن حقوقها ما بقينا»!!
من سيدافع عن حقوق الأمة يا ترى؟! محمد هايف ام اسامة مناور؟!!
نبيل الفضل
المصدر جريدة الجريدة

قم بكتابة اول تعليق

Leave a Reply

لن يتم نشر بريدك الالكتروني في اللعن


*


هذا الموقع يستخدم Akismet للحدّ من التعليقات المزعجة والغير مرغوبة. تعرّف على كيفية معالجة بيانات تعليقك.