اشتكى السوريون في الآونة الأخيرة من الممارسات التي يواجهونها من قبل موظفي الحدود في الدول التي يلجأون إليها، وتم فرض العديد من القيود على اللاجئين السوريين في دول اللجوء من خلال قوانين تم وضعها خصوصاً للسوريين والتي وصفها البعض بأنها تناقض الحد الأدنى من حقوق الإنسان.
وانتشرت على شبكات التواصل الاجتماعي تنديدات من قبل النشطاء السوريين على التصرفات المهينة التي يقوم بها الموظفون اللبنانيون عند الحدود السورية اللبنانية ضد اللاجئين السوريين، وعرَض تلفزيون الجديد اللبناني مؤخراً تقريراً يوضح فيه الازدحام الشديد في مركز المصنع الحدودي، وكيف يقوم موظف الجمارك اللبناني وهو يضرب اللاجئين السوريين بالسوط في مشهد يندى له جبين الإنسانية.
وتم إصدار العديد من القوانين في لبنان التي تخص اللاجئين السوريين فقط ومنها منع التجول بعد الساعة العاشرة ليلاً.
وفي حوارات انفرادية قامت بها “العربية.نت” مع العديد من الذين كانوا على الحدود السورية اللبنانية مؤخراً، وطلب البعض عدم ذكر أسمائهم خوفاً من الانتقام، اجتمعت الآراء على المعاملة السيئة التي تلقوها من موظفي الحدود اللبنانية السورية، ومن أكثرها إيلاماً على حد تعبيرهم كان في السخرية من اللاجئين بإيقافهم كأرتال عسكرية مكاتفة مع بعضهم البعض كما يحدث في سوريا.
وقام بعض موظفي الحدود بثقب الهوية السورية أو كسر جزء منها مما يتسبب بتوريط السوريين مع النظام السوري، فقد جرت العادة أن تثقب قوات النظام السوري هوية كل من يخرج بمظاهرة لتمييزه عن الآخرين في حال تم القبض عليه في وقت لاحق.
وقالت الناشطة نانسي عيسى: “لقد تأخر الإعلام في تسليط الضوء على هذه العنصرية التي نواجهها كسوريين، وإساءة المعاملة للقادمين من سوريا تشمل السوريين والفلسطينيين، ويصل الأمر الى حد الضرب والإذلال”، وتضيف: “وصل أهلي إلى لبنان في الساعة الثانية ونصف فجراً، وبقوا في الانتظار أكثر من 12 ساعة متواصلة ولغاية الثالثة عصرا، وبعد أن قام موظف الجمارك بتوجيه وابل من الشتائم والسباب الى الموجودين، قرر أهلي العودة، خاصة بعد أن هددهم باعتقالهم وجرهم إلى النظارة”.
وقال ناشط آخر “ص.ق”، يعمل مهندسا: “منذ شهر وأنا في لبنان، احتقار السوري هنا لا يوصف، الإهانة بالتصرفات والكلمات، وقد عاد الخميس الماضي (15 أغسطس) أكثر من 20 سوريا انتظروا على الحدود أكثر من 8 ساعات، على أمل الدخول إلا أنهم لم يسمحوا لهم، كان قريبي منهم وعند الاتصال به أخبرني بما جرى”.
ويقول “و.خ” سوري متزوج من لبنانية : “تنوعت فنون إذلال السوري، يشتمون النساء لإحراج الرجال الذين معهم ومن يعترض على ذلك يقومون بكسر هويته، وحصل هذا الأمر مع ابن عمي الذي اضطر للانتظار لعدم قدرته على العودة بعد كسر هويته، لأنه سيتعرض للاعتقال لمجرد كسر الهوية”.
وقال “شمدين رستم” إنه كان مغادراً إلى مصر عن طريق لبنان مع زوجته وأطفاله، وعند نقطة الخروج استهزأوا به ورموا جوازات السفر على الأرض عمداً، فما كان منه إلا أن رد عليهم مطالباً بالاحترام، فردوا عليه بمنعه من السفر منفرداً، واضطر أن يعود إلى سوريا ويلحق بعائلته بعد أسبوع.
واجتمعت الشكاوى من العديد من الفلسطينيين حاملي الوثائق السورية ممن أجرت “العربية.نت” حواراً معهم بأن بعض موظفي الجمارك يقومون بتقاضي رسم الدخول أكثر من مرة ومن نفس الشخص، حيث يقوم الداخل إلى لبنان بدفع رسم الدخول ويقوم الموظف على الحدود اللبنانية بأخذ المبلغ ووضعه في الدرج، دون أن يختم بطاقة الدخول، ومن ثم يتركه ويذهب ليعود الموظف بعد فترة قد تتجاوز الساعتين من الانتظار بحجة تبادل الحديث مع زملائه أو تناول “الأيس كريم” ويطالب نفس الشخص بالرسوم مرة ثانية، وفي بعض الأحيان يطلب مبلغ 100 دولار من المنتظرين لتمرير معاملاتهم بحجة أنهم قادمون لأخذ المساعدات المالية والتي تدفع لهم بالدولار.
الردود الرسمية
وحاولت “العربية.نت” الاتصال بوزارة الداخلية، وأرسلنا رسالة نصية إلى الهاتف المتحرك الخاص بمساعد وزير الداخلية اللبناني مروان شربل، إلا أننا لم نلق رداً منهم.
وللوقوف على ردود فعل المنظمات الإنسانية لما يلاقيه اللاجئون السوريون اتصلت “العربية.نت” مع نبيل الحلبي مدير المؤسسة اللبنانية للديمقراطية وحقوق الإنسان “لايف” والتي تعنى بشؤون اللاجئين السوريين في لبنان قال: “تواصلنا مع الأمن العام، وأكدوا لنا رفضهم لهذا التصرف، وقالوا إنه لم يكن هناك ضرب حقيقي بل نوع من التخويف، كما أنهم بصدد اتخاذ تدابير مسلكية بهذا الشأن، ولكنهم للأسف دائماً يرددون ذلك ولا يطلعوننا كمؤسسات حقوقية على هذه التدابير، ونحن لا نأخذ كلامهم بجدية، والأمر يحتاج إلى تدابير قضائية لا مسلكية، لأن التدبير المسلكي يكون لمخالفة أمر إداري، ونحن بصدد جريمة وأفعال مؤذية، وحسب معلوماتنا لم يتم اتخاذ أية تدابير وهذا يعيدنا إلى عمليات التعذيب التي قام بها عناصر من الجيش بعد أحداث عبرة”.
ونفى الحلبي علمه بأي من عمليات ثقب الهويات السورية أو كسرها، وطالب الذين تعرضوا لهذا الفعل أن يتصلوا بمؤسسة “لايف” لإجراء الاستقصاء اللازم لخطورة هذا التصرف.
كما طالب الحلبي الفلسطينيين من حاملي الوثائق السورية اللاجئين إلى لبنان وممن تعرضوا لعمليات تقاضي الرسوم لأكثر من مرة بالاتصال بهم، التي أطلق عليها اسم “عمليات التشبيح المالي”.
وقام بعض اللبنانيين بالرد على هذه الممارسات التي وصفوها بالعنصرية فرفعوا لافتات كتب عليها “أهلا باللاجئين والعمال السوريين في لبنان، عذراً على ما يفعله العنصريون منا”.
وأوضح التقرير الذي أصدرته مفوضية الأمم المتحدة لشؤون اللاجئين في بداية الشهر الحالي أبرز المستجدات على صعيد وضع اللاجئين السوريين في لبنان، حيث تم تسجيل أكثر من 13000 نازح لدى المفوضية خلال الأسبوع الماضي، فبلغ مجموع عدد النازحين السوريين الذين يتلقون المساعدة من المفوضية وشركائها أكثر من 665000 شخص (أكثر من 554000 لاجئ مسجلين و111000 شخص في انتظار التسجيل).
ويتوزع النازحون المسجلون حاليا على مختلف المناطق اللبنانية وفق التالي: شمال لبنان: 189000- 35%. البقاع: 188000- 34%. بيروت وجبل لبنان: 104000- 18%. جنوب لبنان: 71000- 13%.
http://www.youtube.com/watch?v=KaHEys5wGq8
قم بكتابة اول تعليق