موسى معرفي: الداو بين الرأي الفني والإرهاب السياسي

مشروع «الكي داو» أشغل الساحة الكويتية منذ بداية عام 2006 حتى الآن بتداعياته المختلفة. وكان للتكتل الشعبي دور رئيسي وبارز في اجهاض هذا المشروع الاستراتيجي الناجح بكل المقاييس الاستثمارية والفنية، وقد ادى الارهاب السياسي في النهاية الى الغاء المشروع من قبل حكومة ضعيفة خضعت للضغوط والابتزاز السياسي على حساب الرأي الفني، الذي كان من الاهمية ان يُحترم ويُعمل به بدلا من التعاطي السياسي.

فما الفرق بين الرأي الفني والارهاب السياسي؟

بداية لا انسجام بين الاثنين، ذلك بسبب ان منطلقات الطرفين متعارضة. فالسياسي يعتبر الكل فاسدا ومتطاولا على المال العام ما لم يثبت نظافة يده، وينطلق من افق سياسي معارضا لكل ما تطرحه السلطة التنفيذية واجهزتها بهدف الوصول الى تحقيق بطولات سياسية ومنافع يومية لناخبيه المكبل باغلالهم والمنحاز لطلباتهم المصلحية، وهو حبيس لآرائهم وعامل لمصلحتهم الآنية متى تطلب الامر بهدف الوصول الى سلطة ونفوذ وهيمنة سياسية، وهو ذو تفكير احادي اعوج وفي كثير من الاحيان يسبق لسانه عقله ودليله الاعتبارات السياسية والاجندات الخاصة، وحينما تشتد الامور فان صفته التواري عن الانظار لجبنه في مواجهة الحقيقة الدامغة. فكم من السياسيين من اعضاء مجلس الامة رأيناهم يلوحون بأوراق ولا احد يعلم صدق محتواها ويمارس اغلبيتهم الكذب المستمر امام الناخبين، وذلك بهدف الوصول الى مآرب خاصة. وهذا ما حدث بالفعل في مشروع الكي داو من قبل «التكتل الشعبي» الذين تواروا عن الانظار بعد ان ظهرت الحقائق ووقعت الفأس بالرأس.

نعود الى الرأي الفني الذي يتميز بالصدق لاعتماده على لغة الارقام والدراسات منطلقا من رؤى استراتيجية تنموية لتحقيق منافع اقتصادية تنعكس على الاقتصاد الوطني، حيث لا تحكمه منافع سلطوية وينطلق من مؤهلاته وخبراته الفنية والاقتصادية في تقييم الامور، ويعارض على هذه الاسس متى ما تطلب الامر، ويتخذ الموقف المهني محكما ضميره، حيث يسبق عقله لسانه، واضعا المصلحة العامة فوق كل اعتبار، وهو شجاع في مواجهة الامور بصرخاته المدوية من دون تردد امام اي سلطة، ذلك لانه يصرخ بالحقيقة ويحتمي بها. أليس هذا هو واقع الحال اليوم، حيث يقف ابناء الكويت الغيارى من شباب القطاع النفطي في وجه اولئك السياسيين الذين افشلوا مشروعا استثماريا، مبرهنين مرة اخرى مواقفهم السابقة بلغة الارقام والدراسات ونتائجها؟

لقد اختبأ اولئك السياسيون بجبن في جحورهم اليوم دون واعز من ضمير للاعتذار عن مواقفهم المشينة امام الرأي الفني اليوم.

وفي نهاية المطاف، فان العبرة بالنتائج وليس بالارهاب السياسي الذي بات يمارس يوميا، مما سيقودنا الى كوارث اخرى ان لم نتعظ ونتعلم الدرس من هذا المشروع.. ونترك الخبز لخبازه!

موسى معرفي

mousamarafi@hotmail.com
المصدر جريدة القبس

قم بكتابة اول تعليق

Leave a Reply

لن يتم نشر بريدك الالكتروني في اللعن


*


هذا الموقع يستخدم Akismet للحدّ من التعليقات المزعجة والغير مرغوبة. تعرّف على كيفية معالجة بيانات تعليقك.