“وَقُلِ اعْمَلُوا فَسَيَرَى اللَّهُ عَمَلَكُمْ وَرَسُولُهُ وَالْمُؤْمِنُونَ وَسَتُرَدُّونَ إِلَى عَالِمِ الْغَيْبِ وَالشَّهَادَةِ فَيُنَبِّئُكُمْ بِمَا كُنْتُمْ تَعْمَلُونَ” ( التوبة 105).
يدل الإخلاص في أداء العمل, سواء تمثل في الإيفاء الكامل بواجبات وظيفة معينة أو تجلى في إتقان متميز لعمل حرفي أو فني, على نبل الفرد وتميزه الأخلاقي. فمن يخلص في عمله ويحاول قدر ما يستطيع الوصول إلى درجة الإتقان في أدائه إنسان متميز أخلاقياً وحضارياً. فإذا كانت ثمة سمة تاريخية ثابتة تفرق بين التميز الأخلاقي وما يناقضه فهو تمكن أحد الأفراد من ربط سعادته الشخصية بقدر ما يؤديه من عمل مخلص ومتقن. وإذا كانت ثمة حقيقة واضحة حول الإخلاص في العمل وإتقانه فهي تتمثل في كون هذه السلوكيات والتصرفات الأخلاقية الايجابية تعود بالنفع على من يمارسها: فالإخلاص في أداء العمل مكافأته ذاتية, حيث يشعر المخلص في عمله بالسعادة والثقة الشخصية من دون انتظاره مكافآة الآخرين له.
إضافة إلى كون الاخلاص في العمل وإتقانه مجزية ذاتياً (Selfrewarding) فهي تدل أيضاً على التزام الإنسان المخلص في عمله وتدل كذلك على نظاميته ووضوح رؤيته الأخلاقية والذهنية. فالمخلص في عمله يتميز عن الآخرين بأنه يعرف جيداً ما يريد تحقيقه في حياته اليومية ويدرك بوضوح تام طبيعة مبادئه الأخلاقية: المخلص في عمله ومن يحاول إتقان كل أمر أو واجب وظيفي يقع بين يديه هو الأكثر ثقة بنفسه وبمقدراته الفعلية.
وفي عالم معاصر يوجد فيه بعض أفراد ربما عجزوا عن تحديد أهدافهم الشخصية بسبب ضبابية تفكيرهم وبسبب مزاجيتهم وقلة إلتزامهم, يحقق الإنسان المخلص في عمله تميزاً أخلاقياً فريداً من نوعه: فالإنسان المخلص في أداء أي عمل يمارسه هو من نجح فعلاً في تحقيق حياة إنسانية متكاملة. فرغم كل مظاهر التحبيط والتي ربما يواجهها المخلص أثناء أداء عمله, يستمر الموظف المخلص والفني والحرفي في تحقيق نجاحات متواصلة.
وبالطبع, إخلاصك في عملك يدل على إخلاصك وتميزك الأخلاقي في جوانب أخرى من حياتك اليومية: فالموظف المخلص لابد أن يكون زوجاً مخلصاً, ولابد أن يكون أباً مخلصاً, وإبناً مخلصاً و أخاً مخلصاً وجاراً طيباً وصديقاً صدوقاً ومواطناً حقاً يخلص لنفسه ولمجتمعه ولوطنه. فشكراً لكل إنسان متميز ومخلص في أداء عمله فهو من يجعل حياتنا اليومية ذات معنى حقيقي يستحق المثابرة والعطاء والإيثار.
كاتب كويتي
khaledaljenfawi@yahoo.com
المصدر جريدة السياسة
قم بكتابة اول تعليق