العمل الوطني: تنامي موجة التشكيك في القضاء يثير القلق

عبرت كتلة العمل الوطني بمجلس الأمة عن قلقها من تنامي موجة التشكيك بالقضاء، مبينة ان رفض حكم المحكمة الدستورية يعد انقلابا على الدستور.

تتابع كتلة العمل الوطني بقلق شديد ردود الأفعال المتوالية على حكم المحكمة الدستورية بإبطال مرسوم حل مجلس الأمة 2009 وما ترتب عليه من آثار، وقبل الشروع بالتعليق تؤكد الكتلة موقفها الذي أعلنته في بيانها السابق بأن مجلس 2009 بحكم المنتهي نظراً لاستمرار الأسباب الموضوعية التي بني عليها قرار حله، ما يحتم العودة إلى الأمة طبقاً لإجراءات صحيحة لا تحول بينها وبين تحقيق إرادتها.

ولكن ما يثير الاستغراب هو استمرار التصعيد رغم إجماع التيارات السياسية والكتل النيابية باختلاف توجهاتها على حتمية حل مجلس 2009 العائد بأسرع وقت ممكن، وتأكيد الحكومة بتصريحاتها وتقديمها استقالتها استكمالاً للمتطلبات الإجرائية التي بين حكم الدستورية قصورها، وما يثير القلق هو تنامي موجة التشكيك في القضاء ونفي شرعية حكم المحكمة الدستورية، برزت منها مطالبة مجلس القضاء بالتدخل لتغيير الحكم، وهي مطالبة غريبة كونها تخالف الدستور الذي نص على أنه لا سلطان لأي جهة على القاضي في قضائه، وسافرة مؤداها إقحام مجلس القضاء كطرف في الصراعات السياسية، وهي مطالبة تنم عن نهج اعتاد الزحف على صلاحيات السلطات الأخرى بما يخالف مبدأ فصل السلطات الوارد بالدستور.

هناك حقيقة دامغة لا يمكن المجادلة بها: ان مجلس 2009 كان قد حُل حلاً غير دستوري كما أكدت المحكمة الدستورية، ولعلها مفارقة مثيرة أن الذين يرفعون شعار الدفاع عن الدستور يصرون على الحل غير الدستوري، ويتبرمون من إصرار المحكمة على التمسك بالدستور، رغم أن الحكم أسس قاعدة إيجابية هي مثار فخر واعتزاز بتقليص نطاق أعمال السيادة، ما يضع حداً لمحاولات الحل غير الدستوري ويتيح للطعن بالمراسيم الأميرية إذا ما جانبت الإجراءات الدستورية والقانونية الصحيحة، إن المحافظة على المكتسبات الدستورية ليست شعاراً يردد، وإنما إيمان ومنهج يكرس على أرض الواقع بمعزل عن الأهواء السياسية.

إن المحكمة الدستورية تستمد شرعيتها من الدستور وأحكامها نهائية ونافذة، لذلك فإن رفض الحكم الصادر والقول بأنه منعدم والحول دون تنفيذه هو انقلاب على الدستور برمته، وهدم لأحد أهم أركان ثقة الناس بالدولة، فآلاف المواطنين والمقيمين يتخاصمون يومياً في القضاء ويرتضون أحكامه، إيماناً منهم بأن وجود مرجع مستقل ومستقر لحل النزاعات – وإن لم تأت أحكامه على مبتغاهم – أسلم من شيوع الفوضى. إن تأليب الشارع ضد السلطة القضائية واستغلال الأزمة الحالية وقوداً لمعارك انتخابية هو بمثابة حرق للبلد، فلا يفسر رفض أحكام القضاء وإهدارها، وهو المرجع في حل النزاعات، سوى أنه إرساء للفوضى، وتأسيس لمنهج قائم على أن الغلبة في حل النزاعات الدستورية والقانونية لدى من يمتلك القدرة الأكبر على تهييج الشارع.

كما لا يجب أن نغفل أن حكم المحكمة الدستورية حمل رسالة واضحة للحكومة تدين نهج التسرع باتخاذ القرارات دون استكمال متطلباتها الدستورية والقانونية، سواء كان ذلك تخبطاً إدارياً أو خضوعاً للضغط والابتزاز، ومن هذا المنطلق نجدد التأكيد على أن الاحتكام للدستور وإرساء مبدأ سيادة القانون هو طوق النجاة لنا من كل الأزمات، والحكومة بحكم توليها السلطة التنفيذية هي المسؤول الأول والأخير عن ذلك.

إننا أمة في خطر، وعلى الغيورين على مصلحة الكويت ومستقبلها مسؤولية تاريخية في رفض محاولات النيل من الدستور وإشاعة الفوضى، وتقع المسؤولية بشكل أكبر على الحكومة والمجلس والجماعات السياسية في التحلي بالروح الوطنية في محاولة الخروج من هذه الأزمة، وسبق وأن طرحت الكتلة في بيانها السابق خارطة طريق بخطوات عملية وواقعية تؤدي إلى حل مجلس 2009 والعودة للأمة لاختيار مجلس جديد حسب إجراءات صحيحة هذه المرة تغلق باب الطعون في المستقبل.

قم بكتابة اول تعليق

Leave a Reply

لن يتم نشر بريدك الالكتروني في اللعن


*


هذا الموقع يستخدم Akismet للحدّ من التعليقات المزعجة والغير مرغوبة. تعرّف على كيفية معالجة بيانات تعليقك.