غضبت إسرائيل حين سمع العالم الرئيس الأميركي باراك أوباما يؤجّل الضربة التي كانت وشيكة لسوريا، طمعًا في مباركة الكونغرس خطوته العسكرية، فاتهمته صحافتها بالجبن والتردد والتراجع، وقالت إن الأسد مستمتع الآن في حصنه الأرضي بدمشق.
وظهر الغضب الإسرائيلي واضحًا في الصحافة الإسرائيلية، كأن يشنّ ألبون بنكاس، المحلل السياسي في صحيفة “يديعوت أحرنوت” هجومًا لاذعًا على أوباما، ويصفه بـ”الجبان والمتردد”، رادًا هذا التردد إلى الخسائر التي تعرّضت لها الولايات المتحدة في حربي العراق وأفغانستان، ومحذرًا في الوقت نفسه من أن هذا التردد، ولو كان مبررًا قليلًا، سيؤثر سلبًا على إسرائيل في نهاية المطاف.
وقالت “يديعوت” إن أوباما تراجع عن ضرب سوريا الآن، بعدما فقد الدعم البريطاني، وبعدما قرأ استطلاعات الرأي، التي دلت على أن غالبية الجمهور الأميركي تعارض مهاجمة سوريا، لأن المسألة بالنسبة إليهم وكأن أميركا تساند القاعدة”. ونقلت “يديعوت أحرونوت” عن مسؤول إسرائيلي قوله: “أوباما لم يطلب مصادقة الكونغرس عندما قرر تصفية زعيم تنظيم القاعدة أسامة بن لادن”. كما أبلغ مسؤولون إسرائيليون الصحيفة أن الأميركيين فقدوا الزخم، “فأي هجوم لاحق لن يكون فعالًا، والرئيس السوري بشار الأسد يجلس ويفرك يديه مستمتعًا، والإيرانيون يضحكون في الطريق إلى تصنيع القنبلة النووية، فقد منح الأميركيون الأسد الوقت الكافي ليحصّن نفسه، وأوباما فقد عامل المفاجأة منذ وقت طويل”.
وأضاف هؤلاء المسؤولون الإسرائيليون: “قرار أوباما يعكس تردداً وافتقاراً للقدرة القيادية، كما يؤثر سلبًا في إسرائيل وأمنها على أكثر من صعيد، إذ يوحي بأنها ستكون متروكة وحيدة من دون السند الأميركي أولًا، كما إن تأجيل ضرب سوريا إلى ما بعد التاسع من سبتمبرعلى أقرب تقدير، يعني اضطرار حكومة إسرائيل وجيشها إلى تمديد حال التأهب أسبوعين آخرين على الأقل، ما يضع البلاد تحت ضغوط أمنية واقتصادية كبيرة”، مشددة على حالة قصوى من التأهب معتمدة الآن في المنظومة الجوية الإسرائيلية وفي منظومة القبة الحديدية، من دون جدوى.
وتساءلت صحيفة “معاريف” العبرية في افتتاحيتها “هل تتردد الولايات المتحدة في مهاجمة سوريا؟”، قائلة إن واشنطن حصلت على الأدلة الدامغة، التي تثبت جرائم الرئيس السوري بشار الأسد، وبالرغم من ذلك تتلكأ في التحرك نحو توجيه ضربة عسكرية بحق نظامه، ناقلةً عن مصدر أمني إسرائيلي قوله: “أوباما يريد كسب المزيد من الوقت لإيجاد حلول دبلوماسية عوضًا من العسكرية”.
وقالت الصحيفة في عددها الصادر اليوم الأحد إن سياسيين إسرائيليين وصفوا أوباما بالجبان، بعد إعلانه تأجيل الضربة العسكرية المرتقبة على سوريا، مشيرةً إلى أن رئيس الوزراء الإسرائيلي بنيامين نتانياهو يؤيد توجيه ضربة عسكرية محددة ضد سوريا، من شأنها أن تعيد الردع الأميركي إلى المنطقة”. ونسبت معاريف إلى مسؤولين في إسرائيل قولهم: “يصعب تصديق أن أوباما سيشنّ عملية عسكرية ضد سوريا، بعد أن يرفض الكونغرس طلبه، خصوصًا أنه لا يتمتع بدعم المنظومة الدولية، ولا بدعم الرأي العام الأميركي، وتوجّه أوباما للكونغرس محاولة لكسب الوقت من أجل البحث عن حلول دبلوماسية تمنعه من الهجوم على سوريا”.
أما صحيفة “هآرتس”، وتحت عنوان “حان الوقت للتذكير بالجدّ الصهيوني لبشار الأسد”، اختارت أن تذهب مذهبًا مختلفًا، وأن تعيد نشر ما قالت إنه رسالة مرسلة من سليمان الأسد، جدّ الرئيس السوري الحالي بشار الأسد، إلى رئيس وزراء فرنسا اليهودي لاون بلوم، في العام 1936.. رسالة يحذره فيها من التعصب المتأصل في قلوب العرب والمسلمين. جاء في الرسالة: “اليهود الأخيار جلبوا للعرب الحضارة والسلام، ونشروا الذهب والازدهار في فلسطين، من دون المساس بأحد ومن دون أخذ شيء بالقوة، ومع ذلك أعلن المسلمون الجهاد ضدهم، ولم يتورّعوا عن ذبح نسائهم وأطفالهم”. وعلق كاتب التقرير قائلًا: “تلك العبارة لم يكتبها أحد رجال الدعاية في مكتب رئيس وزراء إسرائيل، ولم يكتبها مؤرخ يميني في الهستدروت الصهيوني، وإنما كتبها سليمان الأسد، والد حافظ الأسد، وجدّ الرئيس السوري بشار الأسد”. وأضاف الأسد في رسالته: “روح الكراهية والتعصب متأصلة في قلوب العرب المسلمين ضد كل شيء غير إسلامي، ولا أمل في تغيير ذلك، وبناء عليه فإن إنهاء الانتداب سيعرّض الأقليات في سوريا لخطر الموت والهلاك، ووضع اليهود في فلسطين خير دليل على الطابع العسكري للإسلام ضد من لا ينتمي إليه”.
في سياق متصل، كشفت صحيفة “معاريف” أن تقارير استخباراتية إسرائيلية تؤكد أن الأسد ما زال موجودًا في العاصمة دمشق، لكنه مختبئ في مخبأ سرّي تحت الأرض، هو عبارة عن خندق أرضي متاخم للعاصمة. وكانت “يديعوت أحرونوت” نقلت ما نشرته صحيفة “الديار” اللبنانية، ومفاده أنه بسبب احتمال شنّ هجوم أميركي على سوريا، وبعد التهديدات الغربية باستهداف رأس النظام السوري، يختبئ الأسد وعدد من كبار مسؤولي نظامه في مخبأ آمن تحت الأرض. وقد نشرت الصحيفة العبرية هذا الخبر اليوم صباحًا على موقعها الالكتروني، مؤكدة أن مقرّبًا من جريدة “الديار” موجود في دمشق نقل الخبر، والذي أكد أن الأسد وزوجته وأفراد عائلته ومسؤولين من نظامه محصّنون في هذا الخندق الأرضي. وأوضحت الصحيفة أن حرس الأسد الخاص نقله إلى مكان آمن مجهول في البلاد، وأن القصور الرئاسية خالية من أي فرد من الأسرة الحاكمة أو من الضباط والمسؤولين في الحكومة السورية.
قم بكتابة اول تعليق