يشير “الاغتراب” وفق أحد المصادر العلمية إلى “الشعور بالابتعاد وعدم المشاركة في الاهداف والتقاليد والاعراف السائدة في مجتمع أو ثقافة ما. ويتمثل هذا الشعور في الابتعاد عن الجماعة والعصيان والتمرد عليها وعدم المساهمة في نشاطاتها”. ويذكر المصدر نفسه أن الاغتراب النفسي يشير إلى “الابتعاد عن النفس أو الذات الحقيقية ويحدد هذا الاغتراب أو الابتعاد قدرة الفرد على الانتماء إلى الآخرين, والابتعاد عن الآخرين يحدد قدرة الفرد على اكتشاف نفسه !” (نجار 65). ما يهمني شخصياً حول موضوع الاغتراب (Alienation) هو عندما يُصبح مفروضاً عليك من بعض أبناء وطنك ! فعندما يحاول البعض قسراً عزل عضو المجتمع عن بيئته الاجتماعية التي ولد وتربى ونشأ فيها فقط لأنه مختلف عرقياً أو دينياً أو مذهبياً, فعندئذ يصبح الاغتراب مشكلة فعلية تؤثر سلبياً في المجريات كافة للحياة اليومية (بالنسبة إلى التضحية).
ثمة نوع فوبائي من بني البشر يتعمد إكراه الآخر- وخصوصاً إذا كان مختلفاً عنهم عرقياً أو دينياً او مذهبياً- على الشعور بالاغتراب القسري. أي أنهم سيحاولون بكل الطرق والأساليب الرخيصة إشعار الفرد الآخر انه لا ينتمي للمجتمع الوطني ولا يتشارك إطلاقاً بتجاربه الإنسانية التاريخية والاجتماعية. حتى لو كان هذا التجني والإجحاف ينافي الحقائق والوقائع اليومية. فالاغتراب القسري هو سلوك وتصرف سلبي ومتعمد وشخصاني يهدف من ورائه الكارهون للاختلاف والتعددية ترسيخ الإحساس بقلة الأمان والشعور بالغربة النفسية والثقافية, رغم وجود معطيات فعلية تدل على أن “ضحية الاغتراب القسري” جزء لا يتجزأ من المعادلة الاجتماعية أو الوطنية الشاملة.
إضافة إلى ذلك, يشعر ضحية الاغتراب المفروض بانه مهما أكد انتمائه للمجتمع الوطني, ومهما حقق من التزام بالواجبات والمسؤوليات الاجتماعية التي يشترك بها مع مواطنيه الآخرين, ومهما حقق من تفرد إنساني أو وطني, سيبقى في أدمغة الفوبائيين وفي عقولهم وعيونهم الضيقة غريباً عنهم!
ما هو فاس ومأسوي في آن واحد في تجربة الاغتراب القسري هو شعور الضحية بعض الأحيان بنفاذ حيلته وتناقض أهدافه وتطلعاته الشخصية. فلا هو ثبت على ما هو عليه من تفرد أصلي وتميز إنساني, ولا هو تمكن تماماً من تقمص أدوار اجتماعية مختلفة تشعره بقبول الآخرين! الحل الأمثل للاغتراب القسري هو أن يستمر الإنسان الحر يعيش حياة إنسانية طبيعية من دون تكلف مصطنع, ومن دون اكتراث أو مبالاة بالفوبائيين.
كاتب كويتي
khaledaljenfawi@yahoo.com
المصدر جريدة السياسة
قم بكتابة اول تعليق