درست المرحلة الابتدائية في بداية السبعينات من القرن الماضي حين كانت البيئة المدرسية في الكويت جاذبة للطلبة. فمع عدم توفر تكنولوجيا المعلومات آنذاك, ومع عدم توفر كثير من الدراسات النفسية والعلمية حول طرق التدريس المتطورة, كان ثمة ميزات “مدرسية” معينة كانت تشوق الطالب للاشتراك الفعال في العملية التعليمية. فإضافة إلى العلاقة الأبوية الرحيمة بين المدرس والطالب آنذاك, كانت طرق التدريس تتناسب مع الأوضاع الاجتماعية والتعليمية في ذلك العصر. ولكن مع تطور حقول التعليم في عالمنا المعاصر أصبح ضرورياً مواجهة بعض المشكلات المزمنة والتي يعاني منها الجسد التربوي حالياً: استمرار بعض سلوكيات وتصرفات جافة تناقض مفاهيم التربية والتعليم المعاصرة وتكره بعض الطلبة بالجو المدرسي.
كوني ولي أمر وأكاديمي تربوي حالياً وطالب سابق, أعرف جيداً وطأة التأثيرات السلبية للتلقين وللمعاملة الجافة التي يتلقاها بعض طلبة المدارس. فلقد طالبت أكثر من مرة وعبر هذة الصفحة لطرح مزيد من الدورات التدريبية وورش العمل للهيئة التدريسية في وزارة التربية بهدف مواكبة آخر التطورات في حقل التعليم. فيستمر البعض من المدرسين يستخدم أساليب جافة في التعامل مع طلبتهم: وسواء تمثلت هذه المعاملة في إطلاق بعض أوصاف إزدرائية تجاه بعض الطلبة أو تمثلت هذه المعاملة السيئة التي ربما يتلقاها بعض الطلبة في التعامل معهم بشكل غير حضاري, وكأنهم على خطأ دائم, فلابد من حدوث تغيير جذري في طريقة التعامل معهم. فلم يعد تلميذ وطالب اليوم يتحمل بعض القسوة والانضباط شبه العسكري الذي كان بعضنا يواجهه في بعض المدارس في بداية السبعينات. فجيل “الآيباد” و”الآيفون” وجيل “تويتر” أصبحوا أكثر إدراكاً لما يجري حوله في عالمنا اليوم, بل وأصبحوا أكثر حساسية ضد التعامل الصارم أو القاسي.
ولا يمكن أن نعمم حول المعاملة الجافة التي يتعرض لها بعض الطلبة في بعض المدارس. ولكن صحفات الصحف الكويتية مليئة بالأحداث والمشكلات التربوية من هذا النوع مما يشير إلى أنها لا تزال تؤرق الجسد التربوي.
أعتقد أن وزارة التربية تتحمل مسؤولية تكريس مزيد من المعاملة الإيجابية بين المدرس والطالب.فبدلاً من ممارسة الإخصائي الاجتماعي أو النفسي العمل الاداري أو محاولته تخفيف وطأة نتائج التعامل الجاف, حري بوزارة التربية ممثلة بالإدارة المدرسية تقديم ورش عمل لبعض أعضاء الهيئة التدريسية بشأن التعامل التربوي الصحيح وفق معطيات العصر ووفق آخر التطورات العلمية والتربوية.
كاتب كويتي
khaledaljenfawi@yahoo.com
المصدر جريدة السياسة
قم بكتابة اول تعليق