أظن أن أزمة إدراج أسهم وربة وعجز الدولة ممثلة بأجهزتها ذات الصلة عن إجراءات الدمج بشكل الكتروني تلقائي واضطرار الناس الى التواجد الشخصي، بل والتدافع والصراخ، وافتراش الأرض أحياناً على أمل النجاح في إنجاز الإجراءات اللازمة وإتمام البيع، هذا كله إنما هو إعلان وفاة لوهم اسمه الحكومة الالكترونية، هذا الوهم الكبير الذي طالما تحججوا به لصرف الملايين تلو الملايين على إنجازه.. ولكن، دائماً عند الاختبار الأول نضطر للعودة الى المربع الأول، واستخدام الورقة والقلم بنفس الطريقة التي كانت تكتب بها صكوك الملكية قبل 200 سنة.
أضف الى ذلك العديد من المشاكل الأخرى التي كان بالإمكان تفاديها بسهولة ويسر لو كان هناك تنسيق بين الجهات ذات الصلة، وخصوصاً إدارة السوق والمقاصة والوسطاء.
وفيما يلي نورد (19) نقطة من أهم النقاط التي أدت الى المشاكل في إدراج سهم وربة وبيعه، أعد النقاط المختصرة مشكوراً الزميل في القسم الاقتصادي ابراهيم عبدالعزيز، والتمعن فيها يكشف الكثير من مواطن الخلل التي كان يمكن تلافيها بسهولة ويسر:
1 – تم تأسيس البنك في أكتوبر 2010 برأسمال 100 مليون دينار.
2 – تم تخصيص %76 من أسهم البنك لتوزع على المواطنين والباقي %24 لهيئة الاستثمار.
3 – بلغ عدد المواطنين المساهمين في البنك 586 ألف مواطن بواقع 684 سهماً لكل مواطن.
4 – المواطنون المساهمون في البنك هم من جميع فئات المجتمع.. أطفال ونساء وشيوخ.
5 – سهم البنك كان مسموحاً بتداوله في سوق الجت وكثير من المساهمين باع أسهمه فيه بمقتضى عقود معظمها غير قانوني.
6 – طول الفترة بين التأسيس والإدراج وجدت مشاكل عديدة في الملكية مثل الأولاد القصّر الذين بلغوا سن الرشد والمتزوجات اللاتي تحوّلن الى مطلقات وحالات الوفاة وغيرها مما أوجد إشكالات قانونية كثيرة تحتاج وقتاً لمعالجتها..
7 – قامت شركة المقاصة بعمليات دمج مباشرة للأبناء القصّر مع الوليّ الشرعي لهم حتى لا يتطلب الأمر حضور الأطفال الى البورصة.
8 – اعتمدت البورصة على هذا الأمر ولم تسمح بعمليات دمج الأسهم قبل الإدراج في السوق بفترة تفادياً للزحام الذي حدث.
9 – اعتمدت البورصة أيضاً على إلغاء سوق الكسور الأمر الذي يسمح بالبيع بأي كمية أسهم في البورصة حتى لو كانت سهماً واحداً وبالتالي لم تجد أن هناك حاجة للسماح بالدمج المبكر.
10 – كان واضحاً ان هناك سوء تقدير من إدارة البورصة والمقاصة لما يمكن أن يحدث من زحام في أول إدراج لسهم البنك نظراً لضخامة عدد المساهمين فيه.
11 – لم يكن هناك أي نوع من التنسيق بين البورصة والمقاصة والوسطاء، فكل من هذه الجهات الثلاث كان يعمل منفرداً وكان من الأفضل أن يتم التنسيق والاستعداد بشكل مسبق.
12 – هيئة أسواق المال تشترط على أي سهم جديد أن يكون هناك تفويض رسمي من مالك السهم للوسيط الذي يتعامل معه وأن يتم توقيع عقد التداول الموحّد بين الوسيط والمساهم.
13 – كان من الصعب بل المستحيل أن يتم توقيع عقد بين كل مساهم وشركة الوساطة التي يتعامل معها في ظل هذا العدد الضخم من المساهمين.
14 – تزامن مع إدراج السهم وتوقيع العقود مع الوسطاء السماح بدمج الأسهم للبالغين، الأمر الذي أدى الى ربكة كبيرة حيث كان البعض يرغب في الدمج والبيع في نفس اليوم وهو ما أدى الى ضغط على نظام شركة المقاصة وأدى لتوقفه 3 مرات عن العمل في أول يوم لإدراج سهم البنك.
15 – إدارة المقاصة لم تدرج السهم ضمن حسابات المتداولين المسجلين لديها وبالتالي لم يكن ممكناً السماح بالتداول الالكتروني.
16 – لم تعتمد المقاصة نظام تحويل الأرصدة الى الحسابات المصرفية آلياً بل تم اعتماد الطريقة القديمة بإصدار الشيكات واشتراط حضور صاحبها بنفسه لاستلامها.
17 – إنجاز كل المعاملات سواء التفويض أو الدمج أو استلام الشيكات تم في وقت التداول الرسمي وهو ما سبّب الزحام الشديد والربكة.
18 – ظهرت مشاكل عديدة في الدمج ونقل الملكية بسبب الأسهم التي تم بيعها في سوق الجت أو بسبب المشكلات الأسرية وإصرار الجميع على الحضور بنفسه.
19 – عدد كبير من المساهمين في بنك وربة لم يكن لهم حسابات تداول ولا يعرفون الإجراءات المطلوبة وهؤلاء يبلغ عددهم نحو 380 ألف مواطن ومواطنة.
والآن.. بعد التمعن في هذه النقاط الأساسية، أظن يمكن القول إن بنك وربة قد أصدر شهادة وفاة لوهم كبير طالما انتظرناه اسمه.. الحكومة الالكترونية.
وليد جاسم الجاسم
waleed@alwatan.com.kw
@waleedjsm
المصدر جريدة الوطن
قم بكتابة اول تعليق