وجه نبيل فهمى وزير الخارجية رسالة للعالم من على منصة الأمم المتحدة اليوم بتأكيده على إن لمصر مكانةً متميزةً فى تاريخِ وحاضرِ البشرية.. مكانةٌ ودورٌ وتأثيرٌ، تنطلقُ فى المقامِ الأولِ من رصيدِها الثقافى والحضارى، مؤكدا على أنه “ما كان ليَتَسِقَ معَ كلِ ذلك، وفى مطلعِ قـرنٍ جديد، أَنْ تَظَـلَ إرادةُ شـعبِ مصرَ مُقيـدة، أو أَنْ يُسلَبَ مِن شبابِها حَقُهم فى صيـاغةِ مستقبلِهم.. لذا كان من الطبيعى بأبناءِ مصرَ أَنْ يخرجوا فى الخامسِ والعشرينَ مِن يناير عام 2011.. ليُعْلِنُوا عزْمَهُم على بناءِ دولةٍ ديمقراطيةٍ حديثة.. تحَقِقُ لأبنائِها الحريةَ، والكرامةَ، والعدالةَ الاجتماعية”.
وبدأ فهمى كلمة مصر أمام الجمعية العامة للأمم المتحدة فى دورتها الثامنة والستين بقوله: “اسمحوا لى، أَنْ أخرُجَ عن العرفِ السائدِ فى افتتاحِ دوراتِ الجمعيةِ العامة، وأَنْ أَستَهِلَ بيانى بنقلِ رسالةٍ أحمِلُها إليكُم ولشعوبِكُم.. ليسَ فقط مِن رئيسِ الدولة المصرية، المستشار عدلى منصور، بل مِن الشعبِ المصرى الذى وضعَ أساسَ الحضارةِ الإنسانية، وأَلْـهَمَ شعوبَ العالمِ حديثا”.
وأشار فهمى إلى أن المصريين خرجوا فى الخامسِ والعشرينَ مِن يناير عام 2011ليُعْلِنُوا عزْمَهُم على بناءِ دولةٍ ديمقراطيةٍ حديثة تحَقِقُ لأبنائِها الحريةَ، والكرامةَ، والعدالةَ الاجتماعية، مؤكدا على أن هذه هى معالـمُ الوِجهـةِ التى اختارها ملايـينُ المصريين، وهى نفسُ الوِجهةِ التى صَمَمَوا عليها، فى الثلاثينَ مِن يونيو الماضى مؤكدين للعالمِ أنْ إرادةَ الشعوبِ لا تَنكسر.. وهى قادرةٌ على منحِ السُلْطَة.. وأيضاً على نَزعِها مِمَن يسيئونَ استغلالَها.
وأضاف وزير الخارجية: “لَدَى المصريينَ رؤية مستقبلية طموحة.. وتتطـلبُ عَمـلاً منهجياً وفى إطـارٍ زمنىٍ منطقى.. رؤيةٌ سيُكْتَبُ لها النجـاحُ بالانفتاح على كلِ التياراتِ السياسية السلمية.. وعلى التَعدُديةِ التى تَسْتَوعِبُ ثَراءَ كُلِ مُكَوناتِ المُجْتَمع.. وعلى المُواطنةِ التى يَضْمَنُها حُكْمُ القانونِ والمسـاواةُ أمامَ العدالة.. رؤيةٌ تَتْسِقُ فى مبادئِها وممارساتِها مع القواعدِ الأساسـيةِ التى تَحْكُمُ الممارساتِ الديمقراطـيةِ فـى مُخْتَلفِ أنحاءِ العالم.. وأهمها سلمية الحوار، ونبذ العنف، وسيادة القانون، واحترام حقوق الإنسان، وإيماناً بِحَقِ الشعبِ المصرى فى أَنْ يَرى تلكَ الرؤيةَ واقعاً ملموساً.. فَقَدْ تَضمَنتْ خريطةُ المستقبل، التى تَسيرُ مصرُ عليها مُنْذُ الثالثِ مِنْ يُوليو الماضى.. مَنْهَجاً وطنياً واضحاً لبِنَاءِ مُؤَسساتِ الدولةِ الديمقراطية، فى إطارٍ زمنىٍ مُحَدَّدْ.. معَ دعوةِ جميعِ أبناءِ الوطنِ للمشاركةِ فى العمليةِ السياسيةِ بِكلِ مراحلِها.. طالما التزموا بنبذ العنف والإرهاب والتحريض عليهما”.
وقال فهمى: “واتِسَاقاً معَ تلكَ الخريطة، يتواصلُ العمـلُ بالفعلِ على عِدَةِ مسارات.. أثمرَتْ حتى الآن عن ترسيخِ العدالـةِ والحرية والديمقراطية كأساسٍ للحكمِ.. على أَنْ يَلِى ذلكَ انتخابُ مجلسِ النوابِ.. ثمَ إجراءُ الانتخاباتِ الرئاسية، بحيثُ تَنْتَهى المرحلةُ الانتقاليـةُ فى الربيعِ القادمِ”.
وأشار فهمى فى كلمته إلى أن عزم مصر الصادق على استكمالِ تنفيذِ خريطةِ المستقبلِ “يتطلبُ أَنْ نَضعَ نُصْبَ أعينِنَا الحفاظَ على الأمنِ وإنفاذ القانون، والتصدى لمُحَاولاتِ الترويعِ والترهـيبِ التى تَهْدِفُ إلى إعـاقةِ مسـار تنفيذِها”، مشيرا إلى أن “بعضُ الأنحاء فى مصرَ تعرضت مؤخراً إلى هجماتٍ إرهابيةٍ يائسة وبائسة،لم تُفرٍق فى ضحاياها بين رجلٍ وامرأة، شيخٍ وطفلِ، مسلمٍ وغير مسلم من أبناءِ الوطن.. إرهابٌ كَشَف عن وجههِ القبيح.. يهدِفُ إلى تقويضِ العمليةِ الديمقراطيةِ وتدميرِ اقتصادِنا”، مضيفا “وأؤكدُ أمامَكم بكل وضوحٍ وثقةٍ أن الشعبَ المصرى العظيمَ الذى نجحَ فى فرض إرادته مصر قادر على القضاءِ على الإرهاب فى إطارِ سيادة القانون، وأَثِقُ فى أَنَّ المجتمعَ الدولى بِأَسرِهِ، والذى طالما لفظ الإرهاب.. سيَقِفُ بحزمٍ إلى جانبِ الشعبِ المصرى فى معركتِه لدحرِ العنفِ والداعين إليه.. ولنْ يَتَقَبّلَ مُحاولاتِ تبريرِه أو التسامحِ معَهُ.. وفى ذلك الإطار أود أن أتقدم بخالص التعازى لدولة وشعب كينيا على ضحايا الحادث الإرهابى الذى تعرضت له البلاد مؤخراً”.
وأضاف فهمى: “لا تَكتمِلُ رسالة الشعبِ المصرى، وفى طليعتِهِ شبابُ مصر المشارك معى فى تمثيل بلدنا العريق فى اجتماعنا هذا، دون أَنْ أنقلَ إليكم أيضا، تطلعَ مصرَ إلى تعزيزِ ديمقراطيةِ العلاقاتِ الدوليةِ المعاصرة.. وإلى مدِ جسورِ التعاونِ بينَ الشعبِ المصرى وكافةِ شعوب العالم.. على أساسِ استقلالِ القرار، والاحترامِ المُتبادل، وعدمِ التدخلِ فى الشؤونِ الداخليةِ للدول.. ووفقَ سياسةٍ خارجيةٍ تقومُ على النديةِ وتكون ركيزتها رؤية مستقبلية بناءة وحضارية”، لافتا إلى أن سياسةُ مصرَ الخارجية، أصبحت تعكسُ الإرادة الشعبية، وتُصاغُ على نحوٍ يتَسِقُ مع مصالحِها الوطنية وأمنِها القومى بعيداً عن أية اعتبارات أخرى”، وقال: “لا غُـلُـوَ فى تقريرِ أَنَّنَا نُـدْرِكُ، بمسئوليةٍ تامة ارتباطَ أَمنِ مصرَ القومى بقضايا وأَمنِ أُمَتِها العربية، كما تَلْتَزِمُ مصرُ بِحُكمِ الموقعِ والتاريخِ والانتماء بمواصلةِ الدفاعِ عن مصالحِ قارتِها الأفريقية وبالتصدى لقضايا العالمِ الإسلامى ونشر قيم الاعتدال وسماحة الإسلام وتعزيز الحوار بين الأديان السماوية، وبتبنى التحدياتِ التى تُواجِهُ دولَ الجنوب فى عالمٍ تَخْتَلُ فيه موازينُ القوى”.
وعرض فهمى فى كلمة مصر ملامحَ رؤية مصرَ، لعددٍ من القضايا التى تحظى بأولويةٍ متقدمةٍ فى اهتماماتِ سياستِنا الخارجية، وقال: “بلغَتِ المأساةُ فى سوريا حَدَ استخدامِ الأسلحةِ الكيميائية.. والتى نُدينُ اللجوءَ إليها.. وينبعُ اهتمامُنا بالاتفاقِ الذى تَمَ التوصل إليهِ بين روسيا والولايات المتحدة.. من الحرصِ على ضرورةِ معالجةِ السياقِ الأوسعِ للأزمة السورية.
وبجانبِ المأساةِ الإنسانيةِ الناجمةِ عن القتالِ المُسْتَعِر، اقترَبَتْ الدولةُ السوريةُ ذاتها من حافةِ التفكك.. الأمرُ الذى يستلزمُ التوصلَ إلى تسويةٍ سياسيةٍ عاجلة.. تحققُ للسوريينَ الحريةَ والكرامةَ والديمقراطيةَ التى يَصْبُونَ إليها، وتصونُ وحدةَ كيان الدولة.. وهو ما نأملُ فى أَنْ يتَحقَقَ من خلالِ عقدِ مؤتمرِ جنيف الثانى.. وصولاً إلى إنشاءِ سلطةٍ انتقاليةٍ تضعُ حَداً للاحترابِ الأهلى.. وللتدخلاتِ الخارجيةِ التى طالما حذرنا من تداعياتِها”.
وأكد وزير الخارجية على أن قضيةُ فلسطينَ تظل مصدرَ التوترِ الرئيسى فى منطقتنا، التى مازالت تُعانى من تداعياتِ استمرارِ احتلالِ إسرائيل للأراضى العربية.. وتكثيفِ الأنشطةِ الاستيطانية حتى كادَ الأملُ فى إمكانيةِ تحقيقِ حلِ الدولتين يتلاشى دونَ رجعة، موضحا انه ” إزاءَ هذه الصورةِ القاتمة، فإنَّ الجهودَ التى بَذلَتْها الولاياتُ المتحدة لدعمِ استئنافِ المفاوضاتِ الفلسطينيةِ الإسرائيلية، تستحقُ مِنا الترحيب والتقدير، كما أَنَّ حِرصَ الطرفينِ – حتى الآن – على الالتزامِ بالانخراطِ فى عمليةٍ تفاوضيةٍ مُحددةٍ بإطارٍ زمنى، يمثلُ تطوراً هاماً، الأمرُ الذى يدعُونا للعملِ على أَنْ تُؤَدِى المفاوضات الجارية إلى تسويةٍ نهائيةٍ لهذه المشكلةِ التى تَعُودُ جذورُها إلى القرنِ الماضى”.
وأكد نبيل فهمى على استمرار مصر: “فى دعمِ حقِ الشعبِ الفلسطينى فى تقريرِ المصير.. وإقامةِ دولتهِ المستقلةِ ذاتِ السيادة، وعاصمتُها القدسُ الشرقية، على كاملِ أراضى الضفةِ الغربيةِ وغزة.. وفقَ مبادرةِ السلامِ العربية، وتأسيساً على المرجعياتِ ذاتِ الصلة “، لافتا غى الوقت ذاته إلى ضرورة التأكيد على “حقيقة أن عدم الوفاء باحتياجات سكان قطاع غزة هو أمر لم يعد مقبولاً سياسياً أو أخلاقياً، ومن ثم فإننا نطالب إسرائيل والمجتمع الدولى بتحمل مسئولياتهما بما يضمن وصول المواد الأساسية للشعب الفلسطينى فى القطاع، ونؤكد استعدادنا التعاون مع السلطة الفلسطينية وكافة الأطراف المعنية للتوصل إلى ترتيبات مناسبة لتوفير هذه الاحتياجات بطرق مشروعة وشفافة”.
ولفت وزير الخارجية إلى أن ” بناء شرق أوسط جديد لن يتأتى بدون ضمانِ الحقِ فى الأمنِ المتساوى.. والتخلصِ من التهديداتِ التى يُمَثلُها وجودُ الأسلحةِ النوويةِ وأسلحةِ الدمارِ الشاملِ فى منطقتِنا.. الأمر الذى يهدد مصداقية نظام منع الانتشار بل ومصداقية الأمم المتحدة ذاتها، معلنا على مبادرة تتخلص فى دعوة كافةَ دولِ الشرقِ الأوسطِ، وكذلك الدول الخمس دائمة العضوية بمجلس الأمن.. لإيداعِ خطاباتٍ رسميةٍ لدى السكرتيرِ العام للأممِ المتحدة، بتأييدِها لإعلانِ الشرقِ الأوسطِ منطقةً خاليةً من أسلحةِ الدمارِ الشامل، النوويةِ والكيميائيةِ والبيولوجية، وقيام دولَ المنطقةِ غير الموقعةِ أو المُصادِقـةِ على أىٍ من المعاهداتِ الدوليةِ الخاصةِ بأسلحة الدمار الشامل أن تلتزم، قبلَ نهايةِ العامِ الجارى.. بالتوقيـعِ والتصديقِ على المعاهداتِ ذاتِ الصلةِ بشكلٍ متزامن.. وأَنْ تُودِعَ هذه الدولُ ما يؤكدُ قيامَها بذلك لدى مجلسِ الأمن، كما دعا السكرتيرَ العامَ للأممِ المتحدة، لتنسيقِ اتخاذِ كافةِ هذهِ الخطوات بشكلٍ متزامن، كشرطٍ أساسىٍ لنجاحِها.. وهوَ ما يَعنى تحديداً:
? انضمامَ إسرائيلَ إلى معاهدةِ منعِ الانتشارِ النووى كدولةٍ غيرِ نووية.. وتصديقَها على اتفاقية الأسلحةِ الكيميائية.. وتوقيعَها وتصديقَها على اتفاقية الأسلحةِ البيولوجية.
? تصديقَ سوريا على اتفاقية الأسلحةِ البيولوجية.. واستكمالَ الخطواتِ التى تعهدَت بها بشأنِ اتفاقية الأسلحةِ الكيميائية.
? تصديقُ مصرَ على معاهدةِ اتفاقية الأسلحة البيولوجية.. والتوقيعُ والتصديقُ على اتفاقية الأسلحةِ الكيمائية، وذلك مقابل استكمال كافة دول الشرق الأوسط إجراءات الانضمام للمعاهدات الدولية لحظر أسلحة الدمار الشامل والمعاهدات والترتيبات المتصلة بها.
ثالثاً: مواصلةُ الجهودِ الدوليةِ لضمان سرعةِ انعقاد المؤتمر المؤجل عام 2012 لإخلاءِ الشرقِ الأوسطِ من أسلحةِ الدمارِ الشامل.. ليتم عقده قبل نهاية هذا العام.. وكحدٍ أقصى فى ربيع عام 2014. ولتحقيق هذا الهدف، فإنه يتعين مضاعفة الجهد من السكرتير العام، والدول الثلاث المودعة لديها معاهدة منع الانتشار والميسر.. لعقد هذا المؤتمر.
وأكد فهمى على أن جذورَ مصرَ ضاربةٌ فى قارتِها الإفريقية، وهى تفخرُ بما شهدُته القارةُ من تغييراتٍ إيجابيةٍ عديدة، ومُضيها نحو مزيدٍ من الديمقراطيةِ والتنمية.. غير أن أفريقيا مازالت بحاجةٍ لتضافرِ الجهودِ الوطنيةِ والإقليميةِ والدوليةِ، لمساعدَتِها على معالجةِ النزاعات.
واتساقاً مع هذا الموقفِ المصرى، أودُ الإشارةَ إلى أَنَّنَا بصددِ إنشاءِ وكالةٍ مصريةٍ للمشاركةِ من أجلِ التنمية.. وأَنَّنَا سنعملُ على توجيهِ معظم مواردِ هذه الوكالة حالَ إنشائها إلى الدولِ الأفريقيةِ الشقيقة، بما يتيحُ الاستفادةَ من الرصيدِ المُتراكمِ للخبراتِ الفنيةِ المصرية.
ولفت وزبر الخارجية إلى إِنَّ الحديثَ عن ديمقراطيةِ العلاقاتِ الدوليةِ الراهنـةِ، وسيادةِ القانونِ على المستوى الدولى.. لا يستقيمُ دونَ تحقيقِ الإصلاحِ الشاملِ والجوهـرى لمنظومةِ الأممِ المتحدة.. حتى تكون أكثرَ قدرةً وقابليـةً على مواجهة التحديات والاستجابة لطموحات الشعوب.
إِنَّ السبيلَ المنطقىَ والسليم، لتحقيقِ هذا الإصلاح المنشود، هو إصلاحُ وتوسيـعُ مجلسِ الأمـن.. ومـن ثَمَ، تجددُ مصرُ دعوتَها لإنهاءِ احتكارِ الدولِ دائمةِ العضويةِ لعمليةِ صنعِ القرارِ داخلَ المجلس، ولتصحيحِ الظلمِ التاريخى الواقعِ على إفريقيا، جراءَ عدمَ تمثيلِها بفئةِ العضويةِ الدائمة، فضلاً عن ضعفِ تمثيلِها بفئةِ العضويةِ غير الدائمة.. الأمرُ الذى لن تتخلى معه إفريقيا عن مطالبتِها بالحصولِ على التمثيلِ الدائمِ الذى تستحقُه، وفقَ ما هو محددٌ بتوافقِ أوزولوينى، وفى إعلانِ سرت.
وأنهى فهمى كلمة مصر أمام الأمم المتحدة بالتأكيد على أولويات العَملِ المضرى ضمن منظومةِ الأممِ المتحدة والتى تشمل: تعزيزُ منظومةِ حقوقِ الإنسانِ الدولية.. معالجةُ مشكلةِ غيابِ الديمقراطيةِ فى إدارةِ العلاقاتِ الدولية.. الإسراع بتنفيذ الأهداف الإنمائية للألفية.. تحقيق نزع السلاح النووى.. مكافحة الفساد بما فى ذلك استعادةَ الأموالِ المُهربة والمَنْهوبة لرموز نظم أسقطتها شعوبنا، مجددا التأكيد على عزم مصر مواصلةُ العملِ من أجلِ احترام حقوق الإنسان وتمكينِ المرأةِ على المستويينِ الوطنى والدولى.. وإفساحُ المجالِ أمامَ الشباب للمساهمةِ بفاعليةٍ فى صياغةِ رؤيتِنا للعالمِ ولمستقبلِ أوطاننا.. ولا يَفُوتُنى أَنْ أُرحبَ فى هذا الصدد باختيارِ السكرتيرِ العام ممثلاً خاصاً لقضايا الشباب ينتمى إلى العالمِ العربى.
كما أود التشديد على أهمية تضافر الجهودِ الدوليةِ لمواجهةِ خطر الإرهاب، وتطويرُ دورِ الأممِ المتحدةِ فى تنسيقِ جهودِ مكافحتِه ومعالجةِ جذوره.
وقال فهمى: “فى النهاية، كلى أملٌ أَنْ تكونَ رسالة شعب مصر ورئيسها قد وصلَت للجميع.. وفى أَنْ يتَحولَ ما عَبَرتُ عنه من تطلعاتٍ، وآمال، إلى حقائقَ ترتضيها شعوبُنا من أجلِ الرقىِ والسلامِ والتنمية.. وأَنْ نَعودَ فى العامِ القادمِ لنَجنِىَ ثمارَ ما تحققَ من إنجازات”.
السيد الرئيس..
يطيبُ لى فى البداية.. أَنْ أتوجهَ إليكم، ولبلدِكم الصديق أنتيجوا وباربودا.. بالتهنئةِ على توليكم رئاسةَ الجمعيةِ العامةِ فى دورتِها الثامنةِ والستين.. كما أنتَهزُ هذهِ الفرصة، لتوجيهِ التحيةِ للرئاسـةِ الصربية على جهودِها خلالَ الدورةِ السابقة.
ولا يَفُوتُنى أَنْ أُجدِدَ دعمَنا للسكرتيرِ العام فى سعيِه لتحقيقِ مقاصدِ ومبادئِ الميثاق.. وأَنْ أؤكـدَ تأييدَ مصر لاختيارِ أجندةِ التنميةِ فيما بعد 2015 كموضوعٍ رئيسىٍ لهذهِ الدورة.. لِمَا يُمَثلُهُ تَحقيقُ التنميةِ بمفهومِها الشامل، مِن أولويةٍ رئيسيةٍ للأممِ المتحدة، ولجميعِ الشعوب.
السيد الرئيس..
السادة الحضور الكرام..
اسمحوا لى، أَنْ أخرُجَ عن العرفِ السائدِ فى افتتاحِ دوراتِ الجمعيةِ العامة، وأَنْ أَستَهِلَ بيانى بنقلِ رسالةٍ أحمِلُها إليكُم ولشعوبِكُم.. ليسَ فقط مِن رئيسِ الدولة المصرية، المستشار عدلى منصور، بل مِن الشعبِ المصرى الذى وضعَ أساسَ الحضارةِ الإنسانية، وأَلْـهَمَ شعوبَ العالمِ حديثاً.
إن لمصر مكانةً متميزةً فى تاريخِ وحاضرِ البشرية.. مكانةٌ ودورٌ وتأثيرٌ، تنطلقُ فى المقامِ الأولِ من رصيدِها الثقافى والحضاري.. وما كان ليَتَسِقَ معَ كلِ ذلك، وفى مطلعِ قـرنٍ جديد، أَنْ تَظَـلَ إرادةُ شـعبِ مصرَ مُقيـدة، أو أَنْ يُسلَبَ مِن شبابِها حَقُهم فى صيـاغةِ مستقبلِهم.. لذا كان من الطبيعى بأبناءِ مصرَ أَنْ يخرجوا فى الخامسِ والعشرينَ مِن يناير عام 2011.. ليُعْلِنُوا عزْمَهُم على بناءِ دولةٍ ديمقراطيةٍ حديثة.. تحَقِقُ لأبنائِها الحريةَ، والكرامةَ، والعدالةَ الاجتماعية.
تلكَ هى معالـمُ الوِجهـةِ التى اختارها ملايـينُ المصريين.. وهى نفسُ الوِجهةِ التى صَمَمَوا عليها.. فى الثلاثينَ مِن يونيو الماضي.. مؤكدين للعالمِ أنْ إرادةَ الشعوبِ لا تَنكسر.. وهى قادرةٌ على منحِ السُلْطَة.. وأيضاً على نَزعِها مِمَن يسيئونَ استغلالَها.
ولَدَى المصريينَ رؤية مستقبلية طموحة.. وتتطـلبُ عَمـلاً منهجياً وفى إطـارٍ زمنىٍ منطقى.. رؤيةٌ سيُكْتَبُ لها النجـاحُ بالإنفتاح على كلِ التياراتِ السياسية السلمية.. وعلى التَعدُديةِ التى تَسْتَوعِبُ ثَراءَ كُلِ مُكَوناتِ المُجْتَمع.. وعلى المُواطنةِ التى يَضْمَنُها حُكْمُ القانونِ والمسـاواةُ أمامَ العدالة.. رؤيةٌ تَتْسِقُ فى مبادئِها وممارساتِها مع القواعدِ الأساسـيةِ التى تَحْكُمُ الممارساتِ الديمقراطـيةِ فـى مُخْتَلفِ أنحاءِ العالم.. وأهمها سلمية الحوار، ونبذ العنف، وسيادة القانون، واحترام حقوق الإنسان.
وإيماناً بِحَقِ الشعبِ المصرى فى أَنْ يَرى تلكَ الرؤيةَ واقعاً ملموساً.. فَقَدْ تَضمَنتْ خريطةُ المستقبل، التى تَسيرُ مصرُ عليها مُنْذُ الثالثِ مِنْ يُوليو الماضي.. مَنْهَجاً وطنياً واضحاً لبِنَاءِ مُؤَسساتِ الدولةِ الديمقراطية، فى إطارٍ زمنىٍ مُحَدَّدْ.. معَ دعوةِ جميعِ أبناءِ الوطنِ للمشاركةِ فى العمليةِ السياسيةِ بِكلِ مراحلِها.. طالما التزموا بنبذ العنف والإرهاب والتحريض عليهما.
واتِسَاقاً معَ تلكَ الخريطة، يتواصلُ العمـلُ بالفعلِ على عِدَةِ مسارات.. أثمرَتْ حتى الآن عن ترسيخِ العدالـةِ والحرية والديمقراطية كأساسٍ للحكمِ.. على أَنْ يَلِى ذلكَ انتخابُ مجلسِ النوابِ.. ثمَ إجراءُ الانتخاباتِ الرئاسية، بحيثُ تَنْتَهى المرحلةُ الانتقاليـةُ فى الربيعِ القادمِ.
السيدات والسادة الحضور..
إِنَّ عَزْمَنا الصادقَ على استكمالِ تنفيذِ خريطةِ المستقبلِ.. يتطلبُ أَنْ نَضعَ نُصْبَ أعينِنَا الحفاظَ على الأمنِ وإنفاذ القانون.. والتصدى لمُحَاولاتِ الترويعِ والترهـيبِ التى تَهْدِفُ إلى إعـاقةِ مسـار تنفيذِها.
ولقد تَعَرَضت بعضُ الأنحاء فى مصرَ مؤخراً إلى هجماتٍ إرهابيةٍ يائسة وبائسة.. لم تُفرٍق فى ضحاياها بين رجلٍ وامرأة، شيخٍ وطفلِ، مسلمٍ وغير مسلم من أبناءِ الوطن.. إرهابٌ كَشَف عن وجههِ القبيح.. يهدِفُ إلى تقويضِ العمليةِ الديمقراطيةِ وتدميرِ اقتصادِنا.
وأؤكدُ أمامَكم بكل وضوحٍ وثقةٍ أن الشعبَ المصرى العظيمَ الذى نجحَ فى فرض إرادته مصر قادر على القضاءِ على الإرهاب فى إطارِ سيادة القانون.
وأَثِقُ فى أَنَّ المجتمعَ الدولى بِأَسرِهِ، والذى طالما لفظ الإرهاب.. سيَقِفُ بحزمٍ إلى جانبِ الشعبِ المصرى فى معركتِه لدحرِ العنفِ والداعين إليه.. ولنْ يَتَقَبّلَ مُحاولاتِ تبريرِه أو التسامحِ معَهُ.. وفى ذلك الإطار أود أن أتقدم بخالص التعازى لدولة وشعب كينيا على ضحايا الحادث الإرهابى الذى تعرضت له البلاد مؤخراً.
السيد الرئيس..
لا تَكتمِلُ رسالة الشعبِ المصرى، وفى طليعتِهِ شبابُ مصر المشارك معى فى تمثيل بلدنا العريق فى إجتماعنا هذا، دون أَنْ أنقلَ إليكم أيضا، تطلعَ مصرَ إلى تعزيزِ ديمقراطيةِ العلاقاتِ الدوليةِ المعاصرة.. وإلى مدِ جسورِ التعاونِ بينَ الشعبِ المصرى وكافةِ شعوب العالم.. على أساسِ استقلالِ القرار، والاحترامِ المُتبادل، وعدمِ التدخلِ فى الشؤونِ الداخليةِ للدول.. ووفقَ سياسةٍ خارجيةٍ تقومُ على النديةِ وتكون ركيزتها رؤية مستقبلية بناءة وحضارية.
فسياسةُ مصرَ الخارجية، أصبحت تعكسُ الإرادة الشعبية.. وتُصاغُ على نحوٍ يتَسِقُ مع مصالحِها الوطنية وأمنِها القومي.. بعيداً عن أية اعتبارات أخرى.
ولا غُـلُـوَ فى تقريرِ أَنَّنَا نُـدْرِكُ، بمسئوليةٍ تامة.. ارتباطَ أَمنِ مصرَ القومى بقضايا وأَمنِ أُمَتِها العربية.. كما تَلْتَزِمُ مصرُ بِحُكمِ الموقعِ والتاريخِ والانتماء.. بمواصلةِ الدفاعِ عن مصالحِ قارتِها الأفريقية.. وبالتصدى لقضايا العالمِ الإسلامى ونشر قيم الاعتدال وسماحة الإسلام وتعزيز الحوار بين الأديان السماوية.. وبتبنى التحدياتِ التى تُواجِهُ دولَ الجنوب فى عالمٍ تَخْتَلُ فيه موازينُ القوى.
ومِن هُنا، اسمحوا لى أَنْ أَعرِضَ بإيجازٍ ملامحَ رؤية مصرَ، لعددٍ من القضايا.. التى تحظى بأولويةٍ متقدمةٍ فى اهتماماتِ سياستِنا الخارجية:
بلغَتِ المأساةُ فى سوريا حَدَ استخدامِ الأسلحةِ الكيميائية.. والتى نُدينُ اللجوءَ إليها.. وينبعُ اهتمامُنا بالاتفاقِ الذى تَمَ التوصل إليهِ بين روسيا والولايات المتحدة.. من الحرصِ على ضرورةِ معالجةِ السياقِ الأوسعِ للأزمة السورية.
وبجانبِ المأساةِ الإنسانيةِ الناجمةِ عن القتالِ المُسْتَعِر، اقترَبَتْ الدولةُ السوريةُ ذاتها من حافةِ التفكك.. الأمرُ الذى يستلزمُ التوصلَ إلى تسويةٍ سياسيةٍ عاجلة.. تحققُ للسوريينَ الحريةَ والكرامةَ والديمقراطيةَ التى يَصْبُونَ إليها، وتصونُ وحدةَ كيان الدولة.. وهو ما نأملُ فى أَنْ يتَحقَقَ من خلالِ عقدِ مؤتمرِ جنيف الثاني.. وصولاً إلى إنشاءِ سلطةٍ انتقاليةٍ تضعُ حَداً للاحترابِ الأهلي.. وللتدخلاتِ الخارجيةِ التى طالما حذرنا من تداعياتِها.
السيد الرئيس..
تظلُ قضيةُ فلسطينَ مصدرَ التوترِ الرئيسى فى منطقتنا، التى مازالت تُعانى من تداعياتِ استمرارِ احتلالِ إسرائيل للأراضى العربية.. وتكثيفِ الأنشطةِ الاستيطانية حتى كادَ الأملُ فى إمكانيةِ تحقيقِ حلِ الدولتين يتلاشى دونَ رجعة.
وإزاءَ هذه الصورةِ القاتمة، فإنَّ الجهودَ التى بَذلَتْها الولاياتُ المتحدة لدعمِ استئنافِ المفاوضاتِ الفلسطينيةِ الإسرائيلية، تستحقُ مِنا الترحيب والتقدير.. كما أَنَّ حِرصَ الطرفينِ – حتى الآن – على الالتزامِ بالانخراطِ فى عمليةٍ تفاوضيةٍ مُحددةٍ بإطارٍ زمنى، يمثلُ تطوراً هاماً.. الأمرُ الذى يدعُونا للعملِ على أَنْ تُؤَدِى المفاوضات الجارية إلى تسويةٍ نهائيةٍ لهذه المشكلةِ التى تَعُودُ جذورُها إلى القرنِ الماضى.
وسوفَ تستمرُ مصرُ فى دعمِ حقِ الشعبِ الفلسطينى فى تقريرِ المصير.. وإقامةِ دولتهِ المستقلةِ ذاتِ السيادة، وعاصمتُها القدسُ الشرقية، على كاملِ أراضى الضفةِ الغربيةِ وغزة.. وفقَ مبادرةِ السلامِ العربية، وتأسيساً على المرجعياتِ ذاتِ الصلة.
ولا يفوتنى هنا أن أؤكد على حقيقة أن عدم الوفاء باحتياجات سكان قطاع غزة هو أمر لم يعد مقبولاً سياسياً أو أخلاقياً.. ومن ثم فإننا نطالب إسرائيل والمجتمع الدولى بتحمل مسئولياتهما بما يضمن وصول المواد الأساسية للشعب الفلسطينى فى القطاع.. ونؤكد استعدادنا التعاون مع السلطة الفلسطينية وكافة الأطراف المعنية للتوصل إلى ترتيبات مناسبة لتوفير هذه الاحتياجات بطرق مشروعة وشفافة.
السيد الرئيس..
لعلكم تتفقون معنا فى الرأى بأن بناء شرق أوسط جديد لن يتأتى بدون ضمانِ الحقِ فى الأمنِ المتساوي.. والتخلصِ من التهديداتِ التى يُمَثلُها وجودُ الأسلحةِ النوويةِ وأسلحةِ الدمارِ الشاملِ فى منطقتِنا.. الأمر الذى يهدد مصداقية نظام منع الإنتشار بل ومصداقية الأمم المتحدة ذاتها.
لذلك.. وبدافع الحرص على هذه المصداقية.. أعلنُ أمامكمُ اليوم، من هذهِ المنصةِ المبادرة التالية:
أولاً: دعوة كافةَ دولِ الشرقِ الأوسطِ، وكذلك الدول الخمس دائمة العضوية بمجلس الأمن.. لإيداعِ خطاباتٍ رسميةٍ لدى السكرتيرِ العام للأممِ المتحدة، بتأييدِها لإعلانِ الشرقِ الأوسطِ منطقةً خاليةً من أسلحةِ الدمارِ الشامل، النوويةِ والكيميائيةِ والبيولوجية.
ثانياً: قيام دولَ المنطقةِ غير الموقعةِ أو المُصادِقـةِ على أىٍ من المعاهداتِ الدوليةِ الخاصةِ بأسلحة الدمار الشامل أن تلتزم، قبلَ نهايةِ العامِ الجاري.. بالتوقيـعِ والتصديقِ على المعاهداتِ ذاتِ الصلةِ بشكلٍ متزامن.. وأَنْ تُودِعَ هذه الدولُ ما يؤكدُ قيامَها بذلك لدى مجلسِ الأمن.. وأدعو السكرتيرَ العامَ للأممِ المتحدة، لتنسيقِ اتخاذِ كافةِ هذهِ الخطوات بشكلٍ متزامن، كشرطٍ أساسىٍ لنجاحِها.. وهوَ ما يَعنى تحديداً:
انضمامَ إسرائيلَ إلى معاهدةِ منعِ الانتشارِ النووى كدولةٍ غيرِ نووية.. وتصديقَها على اتفاقية الأسلحةِ الكيميائية.. وتوقيعَها وتصديقَها على اتفاقية الأسلحةِ البيولوجية.
تصديقَ سوريا على اتفاقية الأسلحةِ البيولوجية.. واستكمالَ الخطواتِ التى تعهدَت بها بشأنِ اتفاقية الأسلحةِ الكيميائية.
تصديقُ مصرَ على معاهدةِ اتفاقية الأسلحة البيولوجية.. والتوقيعُ والتصديقُ على اتفاقية الأسلحةِ الكيمائية، وذلك مقابل استكمال كافة دول الشرق الأوسط إجراءات الانضمام للمعاهدات الدولية لحظر أسلحة الدمار الشامل والمعاهدات والترتيبات المتصلة بها.
ثالثاً: مواصلةُ الجهودِ الدوليةِ لضمان سرعةِ انعقاد المؤتمر المؤجل عام 2012 لإخلاءِ الشرقِ الأوسطِ من أسلحةِ الدمارِ الشامل.. ليتم عقده قبل نهاية هذا العام.. وكحدٍ أقصى فى ربيع عام 2014. ولتحقيق هذا الهدف، فانه يتعين مضاعفة الجهد من السكرتير العام، والدول الثلاث المودعة لديها معاهدة منع الانتشار والميسر.. لعقد هذا المؤتمر.
السيد الرئيس..
إِنَّ جذورَ مصرَ ضاربةٌ فى قارتِها الإفريقية، وهى تفخرُ بما شهدُته القارةُ من تغييراتٍ إيجابيةٍ عديدة، ومُضيها نحو مزيدٍ من الديمقراطيةِ والتنمية.. غير أن أفريقيا مازالت بحاجةٍ لتضافرِ الجهودِ الوطنيةِ والإقليميةِ والدوليةِ، لمساعدَتِها على معالجةِ النزاعات.
واتساقاً مع هذا الموقفِ المصرى، أودُ الإشارةَ إلى أَنَّنَا بصددِ إنشاءِ وكالةٍ مصريةٍ للمشاركةِ من أجلِ التنمية.. وأَنَّنَا سنعملُ على توجيهِ معظم مواردِ هذه الوكالة حالَ إنشائها إلى الدولِ الأفريقيةِ الشقيقة، بما يتيحُ الاستفادةَ من الرصيدِ المُتراكمِ للخبراتِ الفنيةِ المصرية.
السيد الرئيس..
إِنَّ الحديثَ عن ديمقراطيةِ العلاقاتِ الدوليةِ الراهنـةِ، وسيادةِ القانونِ على المستوى الدولي.. لا يستقيمُ دونَ تحقيقِ الإصلاحِ الشاملِ والجوهـرى لمنظومةِ الأممِ المتحدة.. حتى تكون أكثرَ قدرةً وقابليـةً على مواجهة التحديات والاستجابة لطموحات الشعوب.
إِنَّ السبيلَ المنطقىَ والسليم، لتحقيقِ هذا الإصلاح المنشود، هو إصلاحُ وتوسيـعُ مجلسِ الأمـن.. ومـن ثَمَ، تجددُ مصرُ دعوتَها لإنهاءِ احتكارِ الدولِ دائمةِ العضويةِ لعمليةِ صنعِ القرارِ داخلَ المجلس، ولتصحيحِ الظلمِ التاريخى الواقعِ على إفريقيا، جراءَ عدمَ تمثيلِها بفئةِ العضويةِ الدائمة، فضلاً عن ضعفِ تمثيلِها بفئةِ العضويةِ غير الدائمة.. الأمرُ الذى لن تتخلى معه إفريقيا عن مطالبتِها بالحصولِ على التمثيلِ الدائمِ الذى تستحقُه، وفقَ ما هو محددٌ بتوافقِ أوزولوينى، وفى إعلانِ سرت.
السيد الرئيس..
اسمحوا لى أَنْ أكرر عليكم فى الختامِ أولويات عَملِنا ضمن منظومةِ الأممِ المتحدة والتى تشمل: تعزيزُ منظومةِ حقوقِ الإنسانِ الدولية.. معالجةُ مشكلةِ غيابِ الديمقراطيةِ فى إدارةِ العلاقاتِ الدولية.. الإسراع بتنفيذ الأهداف الإنمائية للألفية.. تحقيق نزع السلاح النووى.. مكافحة الفساد بما فى ذلك استعادةَ الأموالِ المُهربة والمَنْهوبة لرموز نظم أسقطتها شعوبنا.
وأؤكد مرة أخرى عزمنا مواصلةُ العملِ من أجلِ احترام حقوق الإنسان وتمكينِ المرأةِ على المستويينِ الوطنى والدولي.. وإفساحُ المجالِ أمامَ الشباب للمساهمةِ بفاعليةٍ فى صياغةِ رؤيتِنا للعالمِ ولمستقبلِ أوطاننا.. ولا يَفُوتُنى أَنْ أُرحبَ فى هذا الصدد باختيارِ السكرتيرِ العام ممثلاً خاصاً لقضايا الشباب ينتمى إلى العالمِ العربي.
كما أود التشديد على أهمية تضافر الجهودِ الدوليةِ لمواجهةِ خطر الإرهاب، وتطويرُ دورِ الأممِ المتحدةِ فى تنسيقِ جهودِ مكافحتِه ومعالجةِ جذوره.
السيد الرئيس..
فى النهاية، كلى أملٌ أَنْ تكونَ رسالة شعب مصر ورئيسها قد وصلَت للجميع.. وفى أَنْ يتَحولَ ما عَبَرتُ عنه من تطلعاتٍ، وآمال، إلى حقائقَ ترتضيها شعوبُنا من أجلِ الرقىِ والسلامِ والتنمية.. وأَنْ نَعودَ فى العامِ القادمِ لنَجنِىَ ثمارَ ما تحققَ من إنجازات.
قم بكتابة اول تعليق