رغم صدور العشرات من الأحكام القضائية الصادرة من محاكم الجنايات ببراءة الصحف عن نشر الأخبار والمقابلات والاعلانات التي تخص المرشحين في اليوم الانتخابي أو اليوم الذي يسبقه إلا أن وزارة الإعلام مصرة وعبر جهازها القانوني على معاداة الصحف في تقديم العديد من الشكاوى الجزائية استنادا لقرارات وزارية صادرة من الوزير إلى النيابة العامة.
ورغم وضوح الاحكام القضائية من عدم وجود الأساس التجريمي لهذه الشكاوى لكون أن أمر التجريم مرتبط ارتباطا وثيقا لا يقبل التجزئة بالمشرع ممثلا بمجلس الامة وفق بالمادة 32 من الدستور، والتي تؤكد أن لا جريمة ولا عقوبة إلا بناء على قانون، تصر وزارة الاعلام على تجريم الاخبار الصحافية عن المرشحين في اليوم الانتخابي استنادا الى قرارات وزارية أصدرها وزير الاعلام.
ليس ذلك فحسب، بل ان قانون المطبوعات والنشر لم يفوض السيد وزير الإعلام لإصدار أية قرارات تحظر نشر أي أخبار صحافية معينة كالانتخابات في اليوم الانتخابي، كما فعل مثلا قانون المرئي والمسموع أو حتى كما سمح قانون البلدية بمنحه صلاحيات لمدير البلدية، ومع ذلك تقوم وزارة الإعلام بتقديم شكاوى ضد الصحف لنشرها أخبارا ومقابلات وإعلانات للمرشحين يوم الانتخابات رغم خلو القانون من أي نصوص تسمح له بإصدار أية قرارات وزارية!
إصرار وزارة الاعلام رغم علمها بالأحكام القضائية التي انتهت إلى براءة الصحف استنادا لخلو القانون من التجريم أو حتى لخلوه من تفويض الوزير لأي صلاحيات بالحظر يدل على رغبة الوزارة في تقديم الشكاوى ضد الصحف بهدف ترهيبها لا أكثر، وإلا ماذا يعني أمر الاستمرار في تقديم شكاوى، قطع القضاء واستقر بأحكام نهائية بعدم سلامتها قانونيا لافتقادها للأساس التجريمي وليس لسبب آخر، وهو ما يجب على وزارة الإعلام التنبه له بأن العلة تشريعية بحتة والقانون الحالي لا يسمح بمقاضاة الصحف والمطالبة بمعاقبتها استنادا إلى قرارات وزارية وليس قوانين!
قانون المطبوعات والنشر وفق المادة 21 منه حصر امر التجريم على الصحف وفق حالات محددة، وعلى سبيل الحصر وليس من بينها حظر النشر يوم الانتخابات أو الذي يليه، كما أن قانون المطبوعات برمته لم ترد به كلمة انتخابات حتى يمكن الالتفاف على أي من نصوص القانون، فضلا عن أن القانون الوحيد الذي كان يجرم النشر هو المرسوم بقانون اللجنة الوطنية للانتخابات والذي انتهت المحكمة الدستورية في 15 يونيو على القضاء بعدم دستورية لانتفاء حالة الضرورة الموجبة له وفق المادة 71 من الدستور وأصبح هذا القانون هو والعدم سواء بعد صدور حكم بعدم دستوريته.
أخيرا يجب على المسؤولين في وزارة الاعلام الكف عن تقديم هذا النوع من الشكاوى لان الاستمرار في تقديمها يعني الرغبة في شكاية الصحف ومعاداتها من دون وجه حق وهو ما سيسمح بالرجوع على الصحف بالتعويض عن الاضرار التي لحقتها من جراء هذه الشكاوى التي تفتقد الاساس القانوني لها!
المصدر جريدة الجريدة
قم بكتابة اول تعليق