يوسف العنيزي: اغتالوا البسمة فوق الشفاه

نعم اغتالوا البسمة فوق الشفاه، وضاعت الضحكة في دروب الديرة، وتلاشى الفرح من حياتنا، ولا نريد أن نكرر ما يقوله الغيورون من أبناء هذا الوطن، ونتساءل معهم “وين رايحين… وآه يا وطن”؟! وأين الترويح السياحي والعم الفاضل رحمه الله صالح شهاب؟ أين احتفالاتنا الوطنية والتغني بحب الوطن؟ وأين انتصاراتنا الرياضية التي أصبحت جزءاً من اللعبة السياسية؟!
أين الفن ورواده ممن رسموا البسمة فوق الشفاه ليأتي اليوم من يغتالها ويغتالهم معها، فتلاشت تلك الأفراح، وطغت عليها تصريحات وبيانات، وتهديد ووعيد، وشتم وتجريح، وطرح لأفكار لا تمت لمجتمعنا بصلة، ونتساءل: أين الخلل؟ ومن المتسبب فيما وصلنا إليه؟ أهو النظام الذي انبرى أقطابه في صراع لن يكون فيه منتصر والخاسر هو الوطن؟ أم حكومة مترددة تفتقد الرؤية الواضحة وقوة المواجهة؟
هل هم نواب الأمة الذين وضعوا مصالحهم فوق مصالح الوطن فأدخلوه في آتون صراع لا ينتهي، وأنا على يقين بأنه غير صادق من يقول إنه يعمل لخدمة الشعب والوطن؟ هل هو الشعب الذي انجرف بعضه وراء شعارات لا تغني ولا تسمن من جوع؛ راح وسيروح ضحيتها شباب تخلى عنهم من قادهم؟
وليس الإعلام ببعيد عن هذا، فغدا كنافخ الكير في إشعال الفتن، ونقول للجميع بلا استثناء اتقوا الله في الكويت، وقسماً بالله فإن التاريخ لن يرحم من يسيء إلى الكويت… قسماً بالله إن الكويت وأهلها لن يغفروا لمن يحاول المساس بالوطن وأمنه، ومن يشك في ذلك فليعد إلى التاريخ القريب أو البعيد، فالشعب الكويتي لديه من الوعي والإدراك ما يستطيع أن يميز به الخبيث من الطيب.
نعم هناك فساد وتراجع في مستويات التنمية، وعجز عن مواجهة مشاكل مزمنة، لكن مناقشة ذلك بالتأكيد ليس مكانه الشارع، إننا بحاجة إلى الهدوء والتفكير، والكويت غنية بالكفاءات، لكن هل منحناهم فرصة للعمل في ظل استجوابات وشتم وتجريح. وعلى الحكومة أن تدرك أن الوقت ليس في مصلحتها في ظل أوضاع إقليمية محيطة بنا ندعو الله أن يحفظ الكويت وأهلها من شرورها.
وفي هذا السياق يعود بي الخاطر إلى عام 1990 وأثناء الاحتلال العراقي الغاشم لبلدنا، وخلال زيارة الوفد الشعبي لجمهورية الجزائر برئاسة العم الفاضل أحمد السعدون قامت السفارة بإعداد محاضرة في إحدى قاعات العاصمة الجزائرية، وكان المتحدث الرئيسي فيها العم “بو عبدالعزبز” الذي أسهب في الشرح عن العدوان العراقي والتنديد بما يقوم به الجيش العراقي من فساد وتدمير، أبدى أحد الحضور استفسارا للسيد أحمد السعدون كيف يدافع عن النظام الكويتي، وهو الذي يدّعي أنه من أشرس المعارضين له، وقد رد بشكل قاطع بأن “هناك عهداً وميثاقاً بين الشعب الكويتي وأسرة آل الصباح بدأ منذ ثلاثمئة وخمسين سنة وسيستمر إن شاء الله، وإن كان بيننا خلاف فمن أجل الإصلاح”.
ونقول لكل من يحاول ان يغتال البسمة من فوق الشفاه إنه:

لو مات ورد الربيع
وتجمد الدمع في الأبصار
لو شنقوا البسمة فوق الشفاه
واغتالوا اللحن من ليل السمار
ستبقى الكويت أسطورة عز
مرسومة فوق الحواضر والأمصار

حفظ الله الكويت وقيادتها وأهلها من كل سوء ومكروه.
***
إلى جنة الخلد إن شاء الله… بالأمس ودعنا أحد رجالات الكويت، ودعنا “أبا طارق” عبدالمحسن الدويسان، كم لهذا الرجل من بصمات في بناء وزارة الخارجية في مراحلها الأولى، وكم لهذا الرجل من أفضال عليّ شخصياً، فقد كان أستاذي ومعلمي، وكان أحد أعضاء لجنة الاختيار التي قدمت اختباري أمامها، دعاؤنا من القلب لك “أبا طارق” بأن تكون الجنة مثواك.
وأحر التعازي إلى الأخت العزيزة سارة الدويسان “أم فهد”… وألهمهم الله جميل الصبر والسلوان.
المصدر جريدة الجريدة

قم بكتابة اول تعليق

Leave a Reply

لن يتم نشر بريدك الالكتروني في اللعن


*


هذا الموقع يستخدم Akismet للحدّ من التعليقات المزعجة والغير مرغوبة. تعرّف على كيفية معالجة بيانات تعليقك.