أكد التقرير الصادر امس عن بنك الكويت الوطني ان مصير الأوضاع الاقتصادية في مصر يتوقف مرة أخرى رهن الأوضاع السياسية غير المستقرة، وذلك بعد الأحداث التي طرأت في شهري يوليو وأغسطس، و التي شهدت مجيء حكومة جديدة.
وقد ساهم الدعم الضخم من دول مجلس التعاون الذي بلغت قيمته 12 مليار دولار بتحقيق استقرار للجنيه.
ونظرا لتحسن الأوضاع، فقد استطاع بنك مصر المركزي أن يخفض أسعار الفائدة بواقع 50 نقطة أساس مرتين منذ يوليو، ما أدى الى تراجع العجز المالي. وفي منظورنا، فان الحكومة تقوم بتوفير الظروف المناسبة لاعادة الأمور الى طبيعتها وتحسين الوضع الاقتصادي في مصر.
واضاف : مع استقرار الأمور وعدم وجود الحاجة الملحّة للتمويل على المدى القصير، فمن المرجح أن تقوم الحكومة باتّخاذ اجراءات اصلاحية مالية مناسبة.
ومن المفترض أن تكون هذه الاجراءات كافية لتحقيق الاستقرار، بالاضافة الى وضع اللبنة الأساسية لتحقيق تحسن تدريجي مترقب، فيما أن عملية وضع الدستور الجديد واجراء الانتخابات الرئاسية سوف تتم في الموعد المزعم خلال التسعة أو الاثنى عشر شهر المقبلين.
ومن الجدير بالذكر أن السياحة والاستثمار الأجنبي يعتبران مكونين رئيسيين من المهم ملاحظة مؤشرات تحسنهما. ويعتبر الاستقرار الحالي للأوضاع كافيا لتحقيق نمو بنسبة 2.5 في المئة بالأسعار الثابتة في السنة المالية الحالية، وذلك قبل تحسنه الى 3.0 في المئة في السنة المقبلة. ومن المتوقع أن يتباطأ التضخم ليصل الى 7 في المئة و 5.5 في المئة للسنة المالية الحالية والمقبلة، بعد أن كان يبلغ ما يقارب 10 في المئة خلال السنة المالية 2012-2013، وذلك بفضل استقرار الجنيه.
ويلاحظ أن المخاطر المرتبطة بالأمور المالية والعملة المصرية قد انحسرت بشكل كبير، وذلك نتيجة وجود دعم مالي كبير من دول مجلس التعاون وفرض ضوابط على حركة رؤوس الأموال منذ بداية العام 2013.
ولكننا نتوقع أن يعطي ذلك مصر فترة سنة واحدة تقريبا لتستجمع قواها. في الوقت نفسه، فقد تباطأ النمو بشكل ملحوظ في العام 2013، منحرفا عن مساره نحو التعافي طوال العام 2012.
ونتوقع بأن يظل النمو ثابتا خلال السنة المالية هذه وعدم حدوث أي تحسن تدريجي قبل السنة المالية 2014-2015، شرط أن يستقر الوضع السياسي الجديد. وتظل المخاطر قائمة مع احتمال تغير الوضع الأمني الداخلي.
وقد أخذ الناتج المحلي الاجمالي بالتباطؤ منذ بداية العام الحالي، ولاسيما في الربع الثاني من العام 2013 نتيجة سوء الوضع السياسي.
وينعكس هذا الانخفاض في مؤشر الانتاج الذي انخفض بواقع 4.6 في المئة على أساس سنوي بالاضافة الى الانخفاض في عدد السائحين في يونيو ويوليو مقارنة بعام مضى، والذي يظهر من خلال الانخفاض في عدد غرف الفنادق المؤجرة بواقع 29 في المئة.
ولم يتم نشر البيانات الرسمية للناتج المحلي الاجمالي للسنة المالية 2012-2013، ولكن من المتوقع أن تعكس نموا بواقع 2.2 في المئة كالعام الماضي.
وقال التقرير : لقد تفاقمت الأحوال المالية سوءا في مصر وبالأخص خلال السنة الماضية، حيث ارتفع العجز ليصل الى 13.6 في المئة خلال العام المالي 2012-2013.
ومن المقدر أن يكون الدين الحكومي قد وصل الى 95 في المئة من الناتج المحلي الاجمالي بحلول نهاية السنة المالية 2012-2013. ويمثل الدين المحلي معظم نسبة الاقتراض وينتمي للقطاع المصرفي، ومن المتوقع أن يصل العجز المالي للحكومة لنسبة أعلى من 13 في المئة خلال السنة المالية 2013-2014، كما أن احتمال اتخاذ اجراءات اصلاحية لتقليل العجز محدودة حاليا.
وعلى العكس من ذلك، فان الحكومة تعد بتوفير حافز مالي، كما تقوم بتأخير استقطاع المعونات والأرباح العالية من الضرائب. وقد أشارت بأنها سوف تركز على انعاش الاقتصاد بتمويل من دول مجلس التعاون بمبلغ 3.2 مليار دولار كبداية لدفع عجلة الاستثمار الحكومي وتوفير فرص العمل.
وأوضحت الحكومة أنها لا تتطلع الى اتفاقية مع صندوق النقد الدولي ولن تقوم بتطبيق برنامج اصلاحي مماثل.، حيث سوف تقتصر الاجراءات الاصلاحية على تقديم نظام البطاقة الذكية الذي قد طال انتظاره، بالاضافة الى تحسين ضريبة القيمة المضافة بدلا من ضريبة المبيعات الحالية. ومن المتوقع أن تقلل البطاقة الذكية من عمليات الاحتيال ومن استهلاك الطاقة. لكن أثر ذلك سيكون محدودا نسبيا ولن يكون كافيا لضبط ميزانية مصر.
ويعزى ارتفاع الضغوطات على الوضع المالي في السنة المالية 2012-2013 الى التكلفة المرتفعة لخدمة الدين العام والمعونات الحكومية، حيث ارتفعت مدفوعات الفوائد بواقع 41 في المئة الى ما يشكل 8.4 في المئة من الناتج المحلي الاجمالي، مقارنة مع 6.8 في المئة في السنة المالية الماضية. في الوقت نفسه، فان المعونات التي تعتبر الركيزة الأساسية للاصلاحات المالية قد سجلت نموا بواقع 31 في المئة، مشكّلة 11.2 في المئة من الناتج المحلي الاجمالي، مقارنة مع 9.7 في المئة في السنة المالية الماضية.
لكن العجز الصغير في الحسابات الجارية وتوقف هروب رأس المال ووجود دعم مالي ضخم من دول مجلس التعاون كلها عوامل أدت الى تحسن المركز المالي الخارجي لمصر. كما سجلت الاحتياطات الرسمية ارتفاعا مرة أخرى لتصل الى 18.9 مليار دولار في أغسطس، ما يغطي فترة 4 أشهر من الواردات تقريبا.
وقد تحسن المركز المالي الخارجي نتيجة فرض ضوابط على حركة رؤوس الأموال ووجود دعم كبير من دول مجلس التعاون.
وقد تحسنت الحسابات الجارية، حيث سجلت انخفاضا في العجز ليصل الى 2.1 في المئة من الناتج المحلي الاجمالي للسنة المالية 2012-2013 بعد أن كان 3.1 في المئة في السنة المالية 2011-2012.
و يرجع هذا التحسن لانخفاض الواردات غير النفطية بواقع 4 في المئة. حيث أن الواردات النفطية قد شهدت نموا ضئيلا عن العامين الماضيين عند 6 في المئة. أما تحويلات العاملين في الخارج، فقد ارتفعت بواقع 3.8 في المئة فقط في السنة المالية 2012-2013، دون احداث تغيير في العجز.
واضاف التقرير : لقد تحسنت التدفقات المالية والرأسمالية خلال السنة المالية 2012-2013. حيث سجلت استثمارات المحافظ تدفقا بقيمة 1.5 مليار دولار بعد خروج 5 مليارات دولار العام الماضي. وفيما تراجع صافي تدفقات الاستثمار الأجنبي المباشر، الا أن الحساب المالي قد استفاد من الدعم المالي الكبير على شكل الايداعات المباشرة بقيمة 4 مليارات دولار مع بنك مصر المركزي خلال السنة المالية 2012-2013.
وقد استقر الجنيه خلال الأسابيع الأخيرة بعد أن واجه انخفاضا كبيرا في بداية العام مرتفعا مقابل الدولار الى 6.89.
وقد خسر الجنيه المصري ما يقارب 12 في المئة من سعر صرفه مقابل الدولار الأميركي، وذلك بعد أن تبنى بنك مصر المركزي نظاما جديدا للعملات معلنا نهاية مساندته غير المشروطة للجنيه، ومقدما مزادا يقتصر على العملات الأجنبية.
وقد تسارع التضخم مرة أخرى في العام 2013 بعد تراجعه في العام 2012، وذلك نتيجة انخفاض الجنيه. حيث ارتفعت أسعار المستهلك بواقع 9.7 في المئة في أغسطس من العام الماضي. وقد تراجع التضخم في نوفمبر من العام 2012 قبل تسارعه خلال النصف الأول من العام 2013. و مع استقرار الجنيه، فانه من المتوقع أن يتراجع التضخم في الأشهر المقبلة.
كما انخفضت أسعار الأسهم مؤخرا على خلفية تحسن الأوضاع الداخلية. حيث ارتفعت عائدات أذون الخزينة المصرية السنوية لتصل الى 14 في المئة خلال يونيو، وقد وصلت لأقل مستوى لها منذ مستواها المنخفض في العام 2011، لتصل الى 10.95 في المئة في نهاية سبتمبر.
وبينما تراجعت مقايضة العجز عن سداد الائتمان فانها لا تزال مرتفعة عند 642 نقطة أساس، مقارنة بنهاية يونيو عند 843 نقطة أساس.
وعلى نحو غير مفاجئ، فقد جاء أداء سوق الأسهم المصرية ضعيفا مقابل الأسواق الاقليمية.
وفيما ظل المؤشر الرئيسي (EGX30) ثابتا خلال العام 2013، عاد وارتفع قليلا بواقع 6.4 في المئة في يوليو وذلك نتيجة التفاؤل بشأن نظام الحكم الجديد، وبأنه سوف يهيّئ بيئة أعمال مستقرة بعد الانتهاء من فترة التغيير بحلول منتصف العام المقبل. ?البيانات الأساسية
قم بكتابة اول تعليق