صباح تنعى صديق دربها وديع الصافي

يودع لبنان في الرابعة من بعد ظهر غد الاثنين في كنيسة «مار جرجس» في وسط العاصمة بيروت عملاقه الفني وقطعة أصيلة من سماء لبنان وديع الصافي.

فقد رحل عميد الفن اللبناني والعربي عن عمر يناهز الـ 92 عاما (وديع فرنسيس، 1921- 2013) إثر أزمة قلبية أصابته عند السابعة من ليل الجمعة في منزل نجله طوني في المنصورية فنقل إلى مستشفى«Bellevue»، حيث فارق الحياة.

رحل صاحب الأغنية الشهيرة «ما أغلى من الولد إلا البلد»، بعد ان قال لعائلته عند ذهابه للمستشفى «أعرف أني ذاهب لملاقاة ربي» وغادر الدنيا، طاويا معه عصرا من الطرب الأصيل وتراثا فنيا تخطى الـ 5 آلاف أغنية نحتت هوية الأغنية اللبنانية التي كرسته عميدا لها، رحل صاحب الصوت الذي لا يتكرر الذي صدح في كل العالم العربي، رحل أبو لبنان تاركا وراءه قطعة منه على الأرض التي أحبها وعشقها وغناها بفنه وألحانه، رحل غصن الأرز في وطني الى عالم الخلود لتبقى أغاني موحد الوطن خالدة، غاب وديع الصافي وفي قلبه حسرة على لبنان وأوضاعه والغصة في قلبه على حالة الفن والفنانين وإهمال الدولة اللبنانية لهؤلاء العمالقة الذين نقلوا الصورة الأنقى والأجمل عن لبنان.

وحول خبر رحيل الصافي مواقع التواصل الاجتماعي إلى جدران علق عليها النجوم اللبنانيون وأيضا السوريون، معبرين عن حنينهم إلى أغنياته، وحزنهم على فراقه، ونشروا نادرة له وأخرى لهم معه، ومقاطع خاصة من أغنياته، وكتبوا عبارة الحزن والأسى والأسف لفقدانه، وقالت نانسي عجرم: «لبنان في حالة ألم وجميعنا في حالة ألم. وديع الصافي، رمز لبنان الخالد، ارقد بسلام»، ونعته هيفاء وهبي قائلة: «العظماء ما بيموتوا.. وانت المعلم الكبير.

لبنان رح يفتقدك ويبقى خالد بصوتك. الله يرحمك وديع الصافي»، ونعاه أيضا فارس كرم ورويدا عطية ووائل كفوري وميريام فارس ونادين وويلسون نجيم وعاصي الحلاني ونوال الزغبي وكارول سماحة وجورج قرداحي وأصالة وهيلدا خليفة وراغب علامة، وغيرهم.

وقد نعى وزير الثقافة اللبناني غابي ليون وديع الصافي الى اللبنانيين وقال: «ما يعزي أن رحيل وديع الصافي سيجمع اللبنانيين في ظل الانقسام المؤسف في الوطن».

وأضاف: «اسم وديع الصافي يختصر لبنان الذي من الصعب أن يشهد ظاهرة فنية مثله».

كذلك نعت نقابة الفنانين المحترفين في لبنان «رئيسها الفخري الكبير وديع الصافي». وتقدمت وزارة الاعلام السورية ونقابة الفنانين السوريين بأحر التعازي راجين من الله الرحمة والمغفرة للراحل الكبير والصبر والسلوان لعائلته وجمهوره وجميع اللبنانيين.

من جانب آخر، نشرت بعض الوسائل الإعلامية أخبارا عن سبب وفاته، حيث اشارت الى ان الراحل توفي بعدما سقط وتعرض لكسر في جسده مما استدعى نقله الى المستشفى بصورة عاجلة.

لكن مصادر من عائلة الراحل الصافي أكدت، حسب وقع «النشرة»، ان سبب وفاته أزمة قلبية حادة نقل على اثرها الى المستشفى ومن ثم توقف قلبه عن العمل ففارق الحياة.

وأكدت المصادر ان الراحل لم يتعرض لأي كسر أو سقوط كما زعمت بعض الوسائل الإعلامية، متمنين عليهم الدقة في نقل المعلومات.

سيرته الفنية:

ولد وديع الصافى (أنطوان فرنسيس) في 1921-07-24، في قرية نيحا الشوف وهو الابن الثاني في ترتيب العائلة المكونة من 8 أولاد، عمل والده بشارة يوسف جبرائيل فرنسيس رقيبا في الدرك اللبناني، وقد عاش الصافي طفولة صعبة غير مستقرة.

عرف الفقر والعوز فهو الأخ الأصغر لتوفيق والأكبر لكل من ليندا وماري وجاندارك وتريز وايليا وناديا المعروفة فنيا باسم هناء الصافي واشتهرت باغنية «يا بيتي يا بوايتاتي».

تنقل وديع في اكثر منطقة لبنانية بسبب طبيعة مهنة الأب، الذي كان خيالا في قوى الأمن الداخلي، ولاحقا مد يد العون لوالده وهو لم ينه بعد الثالثة عشرة من عمره عندما عمل مساعدا له في المؤسسة الأمنية نفسها.

رغم ممانعة الأم والأب خوض ابنهما المعترك الفني، فإن وديع وجد ملاذه عند خاله نمر الذي كان يدربه على عزف العود بعد عودته من «النوبطشية». ثمرة هذا التعاطف تمثل بآلة عود أهداها له الخال ومازال وديع يحتفظ بها حتى الآن.

وشاءت الظروف أن يحمل له شقيقه توفيق، قصاصة ورق عن إعلان لمسابقة غنائية تنظمها «إذاعة لبنان» الرسمية المعروفة يومذاك بـ«إذاعة الشرق الأدنى». شارك وديع في المسابقة ونال الجائزة الأولى في الغناء من بين 40 متباريا.

وكانت اللجنة الفاحصة مؤلفة من ميشال خياط، سليم الحلو، ألبير ديب ومحيي الدين سلام، وانتسب بعدها إلى الإذاعة، التي كانت بمثابة معهد فني، ساعدته على إنضاج موهبته، وهناك أطلق عليه اسم وديع الصافي بدلا من وديع فرنسيس، كما أثبت سريعا تميزه، وكانت أولى أغنياته الخاصة «يا مرسال النغم»

عاش وديع الصافي فترة طويلة رحالة، يتنقل من بلاد الى اخرى حيث لم تتسع بيروت للمطرب الصغير الباحث عن الأفضل، فسافر اكثر من مرة بحثا عن لقمة العيش وكانت بدايته مع احد متعهدي الحفلات من آل كريدي، وذلك اثناء الحرب العالمية الثانية عندما اختاره ليقوم بجولة فنية في دول أميركا اللاتينية المزدهرة حينها بالصناعة والزراعة، واستقر في البرازيل ثم عاد الى لبنان ليكتشف ان الأغنية اللبنانية مازالت في بداياتها لولوج العالم العربي وبقي في لبنان طيلة فترة الحرب اللبنانية، وتعرض لأكثر من نكسة صحية منها عام 1979 عندما أصيب بمرض باكتيري في رئتيه ومرة أخرى عام 1989 عندما خضع الى عملية قلب مفتوح، ووصلت أصداء شهرته إلى أنحاء العالم، وحمل 4 جنسيات هي المصرية، والفرنسية، والبرازيلية، إضافة إلى جنسيته اللبنانية التي طالما افتخر بها. وتعاون الراحل طوال مشواره مع مجموعة كبيرة من الشعراء، وكان مارون كرم أكثر من جمعه تعاون به الى ان رحل قبل 3 سنوات ومن الأعمال التي جمعتهما «بيت صامد بالجنوب»، «لا انت راضي»، «ندم» (دق باب البيت عالسكيت)، «مرسال الهوى».

وفي نهاية الخمسينيات، انطلق العمل بين عدد من الموسيقيين من خلال «مهرجانات بعلبك»، التي جمعت وديع الصافي، وفيلمون وهبي، والأخوين رحباني، وزكي ناصيف، ووليد غلمية، وعفيف رضوان، وتوفيق الباشا، وسامي الصيداوي وغيرهم.

كرمه اكثر من رئيس جمهورية وحمل اكثر من وسام استحقاق منها 5 أوسمة لبنانية نالها ايام كميل شمعون، فؤاد شهاب وسليمان فرنجية والياس الهراوي، أما الرئيس اللبناني اميل لحود فقد منحه وسام الارز برتبة فارس.

ومنحته جامعة الروح القدس في الكسليك دكتوراه فخرية في الموسيقى في 30 يونيو 1991.

لم يبخل يوما بدعمه أي فنان صاعد وقدم الكثير من الديو مع العديد من نجوم الجيل الجديد، كيف لا وهو صاحب القلب الطيب ولشعوره بأبوة تجاه العاملين في الفن، رغم ان بعض المذكورين يتحملون المسؤولية في استغلال اسمه.

فنان لبناني يعتبر من عمالقة الطرب والغناء في لبنان والعالم العربي، حيث أضاف للتراث العربي مجموعة فريدة من الأغاني الرائعة التي يحبها الأجيال.

بفنه الفريد أصبح وديع الصافي رمزا للغناء والتلحين، وصوته معروف بالشموخ والقوة مثل الجبال، كانت وصيته الدائمة لأولاده ان يتسلحوا بالمحبة: «لتكن المحبة زادكم اليومي وانتم تعملون وانتم تأكلون وانتم تتحدثون وانتم تغنون».

صباح تنعى صديق دربها

نعت الفنانة الكبيرة صباح، من خلال صفحة

«SABAH THE LEGEND»، رفيق دربها وكفاحها وصديق العمر الفنان الكبير العملاق وديع الصافي الذي وافته المنية بعد عمر مديد مليء بالعطاء والفن والابداع والاصالة والشموخ.. وقالت: «أرزة من ارزات لبنان هوت اليوم وجبال لبنان انحنت حزنا واتشحت بالسواد على رحيل هذا العملاق الكبير».

وتقدمت الشحرورة بأحر التعازي لعائلة الفنان الكبير في هذا المصاب الجلل وفي رحيل فقيد العائلة وفقيد لبنان الكبير وديع الصافي.

وتابعت صباح: «الله يرحمك يا استاذ وديع تغمدك الله بواسع رحمته ، وجعل مثواك الجنة الى جانب الابرار والقديسين.. الله معك يا كبير.. سوف تبقى خالدا في قلوبنا وخالدا بفنك الاصيل وبأغانيك وبأعمالك العظيمة التي ستبقى محفورة على جدار الزمن وفي تاريخ الفن اللبناني العريق.. فلتسترح نفسك في السماء.. الراحة الدائمة،اعطه يا رب ونورك الازلي يضيء له..».

قم بكتابة اول تعليق

Leave a Reply

لن يتم نشر بريدك الالكتروني في اللعن


*


هذا الموقع يستخدم Akismet للحدّ من التعليقات المزعجة والغير مرغوبة. تعرّف على كيفية معالجة بيانات تعليقك.