كشفت دراسة أميركية جديدة أجراها فريق يضم الأستاذ المساعد مينغ تي وانغ من جامعة بتسبرغ الأميركية “كلية التربية” وطالبة الدراسات العليا سارة كيني في معهد ميتشيغان للبحوث الاجتماعية أن الصراخ والتأنيب اللفظي الحاد للمراهقين يضرهم ولا ينفعهم. فوفق نتائج الدراسة: “الوالدان اللذان يستخدمان التأنيب اللفظي القاسي ضد أبنائهما المراهقين كالصراخ واللعن والاهانات يؤثران سلباً على الصحة النفسية لأبنائهما على المدى الطويل” “المصدر: يوريكا 4-9-2013”.
فعندما يستعمل أحد الوالدين الصراخ ضد أبنائه المراهقين بغية تأديبهم أو منعهم من القيام بتصرفات سلبية معينة, لا يدرك النتائج الكارثية لهذا النوع من التربية, ويربط الباحثون بين استخدام التأنيب اللفظي العنيف وبين تفاقم المشكلات السلوكية مثل الاكتئاب وميل المراهق للتخريب وإقدامه على سلوكيات وتصرفات معادية للمجتمع. وكشفت الدراسة أن التأنيب اللفظي الحاد تجاه المراهقين يوازي في نتائجه المدمرة الانضباط البدني “الضرب”. وحتى لو حاول الوالدان تخفيف وطأة تأنيبهما اللفظي لاحقاً عن طريق تبريرهما أنهما يفعلان ذلك حباً في أبنائهما أو من أجل مصلحتهم, فلن يخفف ذلك من الأذى النفسي على المراهقين.
أعتقد أن الابن أو الابنة المراهقين “أمانة ووديعة” في رقاب والديهم.فحري بأولياء الأمور الحرص على توفير بيئة أسرية آمنة. بدلاً من استخدام أساليب التربية التقليدية والتي ربما تعود عليها بعض أولوياء الأمور, فالمراهقون وخصوصاً في عالمنا المعاصر يتطلبون وسائل وطرق تربية مختلفة. على سبيل المثال, في الماضي, كان قليل من القسوة في التعامل مع المراهق دليلاً على حزم الوالدين وحرصهما الشديد على تنشأة أبنائهما على الأدب والأخلاق الحميدة. ولكن في عالم اليوم, وبعد حدوث تغيرات اجتماعية واقتصادية وعلمية هائلة, لم تعد تنفع القسوة في التعامل مع المراهقين أو تأنيبهم لفظياً وبشكل حاد سينفع في تصحيح بعض سلوكياتهم وتصرفاتهم. بل ينصح الكثير من المتخصصين بالبعد عن “إهانة المراهق” أو تأنيبه بشكل حاد, فالآثار النفسية السلبية للغاية للعنف اللفظي ضد المراهقين يصعب لاحقاً الشفاء منها.
كلمة جارحة أو إهانة أو مقارنة سلبية يتلقاها المراهق خلال نشأته تُعمل في عقله وفي قلبه. فمن شب على شيء غالباً يشب عليه, ومن نشأ في بيئة أسرية تتصف بقسوة الكلمات والعبارات المهينة والتأنيب اللفظي المدمر, سيصعب عليه لاحقاً تجاوز ما مر به من تجارب أسرية مريرة.
*كاتب كويتي
khaledaljenfawi@yahoo.com
المصدر جريدة السياسة
قم بكتابة اول تعليق