تفكر في يوم الحج الأكبر، وقمة اجتماع المسلمين على صعيد عرفة، في أضخم لقاء سلمي عرفته الجزيرة العربية، وبحضور خاتم الأنبياء والمرسلين، بعد أن أقام التوحيد في الديار التي عاشت على الوثنية والشرك وعانت من التحريف، يقوم الرسول صلى الله عليه وسلم فيخطب بالناس خطبته العصماء التي لا تنسى ليقول لهم «كل المسلم على المسلم حرام، دمه وماله وعرضه».
أيها الناس، لا تغفلوا عن حقيقة دين الله العظيم، أداء حقوق الرب سبحانه، والوفاء بحقوق البشر، صلاتكم وزكاتكم وحجكم وصومكم كلها ترفعكم درجات عند الله، وظلمكم للناس وأكلكم أموالهم بالباطل وافتراؤكم عليهم تخسف بكم دركات في الأسفلين، وكيف يجتمع في قلب المسلم خوف من الله وظلمه للآخرين؟!
شركاء يتطاولون على حقوق بعض في تجارتهم، وأشقاء ينتقصون من حقوق إخوانهم في ورثهم، وأوصياء يتلاعبون بتركة اليتامى، وأغنياء يبخسون حقوق العمال عندهم، وموظفون يحتالون على أموال وظيفتهم، ومسؤولون يقهرون مرؤوسيهم، وأزواج يحتقرون زوجاتهم، وأبناء يعقون أمهاتهم، وهكذا ينسى الناس حقيقة الحياة وفنائها، فيجمعون الأموال بأي طريقة كانت وكأنهم سيخلّدون، وينسون أن كل ما يجمعونه سيكون من نصيب ورثتهم في الدنيا، وسيحملون وباله في الآخرة، إن لم يحسنوا بجمعه وإنفاقه.
تحللوا من حقوق الناس في حياتكم، أياً كانت، مادية أو معنوية، فكم مظلوم من الناس بوظيفته وبرزقه وبحقه والظالم أعمى يستحقر المظلوم ولا يأبه لحاله، لا يغرنك ضعف المظلوم إن كان غريباً عن داره أو عاجزاً عن طلب حقه أو وضيعاً بين الناس، مهما كان دينه ومذهبه وجنسه، فإن له دعوة عند الله لا ترد، وليس بينه وبينها حجاب، تحج وتصلي وتصوم وتزكي وتركت خلفك مظلوماً مقهوراً يدعو عليك آناء الليل والنهار، فأنى تفلح في حياتك؟
تقبل الله طاعتكم، وعيدكم مبارك، والله الموفق.
***
لا تظلِمنّ إذا ما كنتَ مُقتدراً
فالظلمُ مرتعُه يُفضي إلى الندَم
تنام عينُك والمظلوم منتبهُ
يدعو عليك وعينُ الله لم تَنَمِ
وليد عبدالله الغانم
waleedalghanim.com
المصدر جريدة القبس
قم بكتابة اول تعليق