يقول المتوكل الليثي :
“يا أيها الرجل المعلم غيره
هلا لنفسك كان ذا التعليم
ابدا بنفسك فانهها عن غيها
فإن انتهت عنه فأنت حكيم
لا تنه عن خُلُقِ وتأتي مثله
عار عليك إذا فعلت عظيمُ”
أقابل بين الحين والآخر بعض الأفراد الساخطين دائماً وأبداً والذين أمتهنوا وعظ الناس بينما هم أنفسهم لا يبدو يتعظون ولا يعتبرون بما تطلقه ألسنتهم وتناقضه أفعالهم ! فثمة نوعية معينة من بني البشر آلت على نفسها مسؤولية أمر الناس بالبر بينما ينسون أنفسهم. ومن ينصح الناس بالبر والاحسان في العمل والصدق بينما يقتنص الفرص المناسبة لتحقيق مصالحه الشخصية بأي وسيلة كانت, هو شخص متناقض التفكير, يقول ما لايفعل, ويتصرف عكس ما يقول ويعظ! وبالطبع, يملك هذا النوع من الأشخاص المتناقضين القدرة على تبرير تصرفاتهم السلبية التي تناقض مواعظهم ونصائحهم. فمرة يبرر هؤلاء لفهم ودورانهم وإهمالهم أداء واجباتهم ومسؤولياتهم الاجتماعية بسبب فساد بيئتهم,وفق زعمهم, ومرة يلوون ألسنتهم بحثاً عن تبريرات متحذلقة لأفعالهم السلبية, وأحياناً كثيرة يتهربون من مواجهة من يجادلهم بالعقلانية والمنطق.
الجعظري هو الذي يتباهى بما لا يملكه, وهو من يتخيل نفسه أصلح بني البشر, بينما تناقض أفعاله أقواله. والمتسخط هو الذي أدمن التسخط والتذمر اللامنطقي تجاه الآخرين وتجاه مجتمعه, فلا يعجبه العجب, ولا يعتبر بأقواله, فنظرته سوداوية ومتشائمة على الدوام, ولا يرى سوى ما هو سيئ في الناس الآخرين, بينما يتغاضى عن مواجهة نفسه ومكاشفتها حول تناقض أقواله ونزعاته وأهوائه وميوله الشخصية مع ما هو مفترض عليه أن يقوم به.
ليس ثمة طريقة محددة للتعامل مع من يعظ الناس وينسى نفسه, ولكن يوجد طرق مناسبة لفضح تناقضه: على سبيل المثال, مواجهته بتصرفاته الفعلية وسؤاله مباشرة عن كيف يبرر ما قام به مع أنه يتعارض بشكل واضح مع واجباته ومسؤولياته الاجتماعية والوطنية. وكيف ينهى عن سلوك أو تصرف سلبي معين, مع أنه قام بفعل عكس ما يقول وينصح به الناس? وكيف يعتبر نفسه واعظاً وناصحاً للآخرين وهو لا يزال يراوح مكانه, فلا رفعته مواعظه في أعين الناس, ولا هو حقق فعلياً وواقعياً ما هو من المفترض أن يحققه الإنسان السوي والمستقيم أخلاقياً.
كاتب كويتي
khaledaljenfawi@yahoo.co
المصدر جريدة السياسة
قم بكتابة اول تعليق