بعد أكثر من نصف قرن من الممارسة «الديموقراطية»، لا نزال في مؤخرة الدول المعنية بحقوق الناس وحرياتهم. وهو أمر ليس من المفروض أن يعنينا كثيراً، إذ إن مقارنة أوضاعنا بالغير ليست في كل الأحوال مجدية. وربما ليست عادلة، بسبب اختلاف وتنوع المنطلقات والأهداف، رغم أن الحقوق «الإنسانية» واحدة في كل أنحاء المعمورة. ولكن ما يعنينا هنا هو أننا بعد مضي كل هذه المدة، لا نزال نمارس التفرقة بيننا، ولا تزال قطاعات أساسية في مجتمعنا تعاني التمييز، بل وحتى الحرمان.
بعد خمسين سنة «ديموقراطية»، وبعد سنوات من نيل المواطنة الكويتية لحقها في التصويت وفي التأثير على القرار السياسي، بعد كل هذا لا تزال المواطنة الكويتية محرومة من كثير من الحقوق. ولا تزال وفقاً لقوانين المجتمع وتشريعاته تأتي بعد الرجل أو تحرم مما توفره هذه القوانين لأخيها أو ابنها المواطن! مع أن دستورنا الذي حماه – ادعاء بالطبع – أشاوسنا في المعارضة، وحتى في السلطة، كفل حرية المساواة وضمن العدالة لكل المواطنين، ولكن يبدو أن المواطنة الكويتية ليست «مواطناً» في نظر الكثيرين. ومن المؤسف أنها ليست مواطناً في نظرها هي. وإلا كيف تشكل المواطنة الكويتية -تعداداً – أكثرية المجتمع ولا تستطيع أن تعدل في القوانين أو تجبر مشرعي القوانين على الالتزام بمصالحها وتلبية مطالبها الدستورية المشروعة؟!
المحير أكثر أن ما يسمى بالشارع الكويتي ينتفض من أجل دعوات حفظ وصيانة أي مبلغ من المال. ومع هذا يغض النظر، هذا الشارع الحي والحساس بدرجة مذهلة لدنانير المال العام، عن التمييز والحرمان والإخلال بموازين العدالة التي يتعرض إليها الكثيرون، وفي مقدمتهم المواطنة الكويتية، التي لا تزال حتى الآن، وبعد خمسين سنة ديموقراطية، محرومة من توريث جنسيتها لأبنائها أو ضمهم للمجتمع الذي ساهمت في تعليمه وتطويره وبنائه.
هذا يعني أننا طوال ما يسمى بنضالنا «الديموقراطي» لم نكن في الواقع نناضل من أجل الديموقراطية أو العدالة والمساواة. بل كان بيننا صراع على السلطة واقتسام للمصالح وحسب.
لهذا آن لنا أن نقف الآن… وأن نتبنى الشعارات والأهداف الديموقراطية الصرفة، الأهداف التي يعم خيرها على كل الناس وكل البشر، بغض النظر عن ألوانهم أو أنواعهم، وليس شعارات اليوم التي تطالب بقسم من «الكيكة» للمحظوظين سياسياً أو جتماعياً.
عبداللطيف الدعيج
المصدر جريدة القبس
قم بكتابة اول تعليق