فرشت الورق وأمسكت بالقلم، فاحتار واحترت معه، فماذا عسانا نكتب وعماذا، وفي اعتقادي أن عدداً من كتّاب الزوايا والمقالات يمر بمثل هذه الحال، فأصابع الكاتب كما هي أصابع عازف الناي أو ضارب القانون لا يمكن لها أن ترتاح إلا بتحريكها، بل أحياناً تكون خارج السيطرة فتراها تتحرك بشكل لا إرادي، ولكن عماذا نكتب؟ وماذا عسانا نكتب؟ أنكتب عن الشأن المحلي الذي أشبعناه تحليلا وعرضا للعديد من المشاكل التي تواجهها البلاد، ولكن ليس هناك من مجيب؟ أم نكتب عن الشأن العربي المؤلم الذي يصيب المتحدث عنه بالغثيان؟ أنكتب عن الشأن العالمي، فالظاهر منه غير الباطن، فما يحدث اليوم نرى ما يناقضه غدا؟ هل نكتب عن الثقافة والعلوم والفلسفة وعلم الكون والفضاء… إنها مواضيع أهم بكثير من السياسة وأوجاعها ودهاليزها؟ ولكن من يقرأ ذلك؟ ثم بالتأكيد ليس لدينا القدرة على ذلك.
بعد هذه الحيرة والقلم ما زال في يدي قررت أن أقوم بتوجيه بعض البرقيات إلى مجلس الوزراء الموقر صادرة من قلب كل محب ومخلص لهذا الوطن، من قلب كل من حمل الكويت وطنا، وسرى هواها في دمه، فهناك إيمان راسخ بأنه ليس لنا غير الكويت وطناً، وليس للكويت شعب غيرنا.
نكتب هذه البرقيات من منطلق الحب والإخلاص لا النقد وتكسير المجاديف وجلد الذات، فالكويت الغالية تستاهل الكثير من الجهد والعمل، وتستحق منا العطاء لنرد بعض عطائها لنا، نكتب هذه البرقيات في محاولة لتحريك مكامن الغيرة في من يملك القرار، وكان ما وصلنا إليه من انحدار لا يلامس مشاعره، ونتساءل كما تساءلنا من قبل لماذا؟
من يدفعنا إلى خانة الإحباط والتذمر التي ستؤدي بالضرورة إلى الاكتئاب “وضيقة الخلق” والهروب من البلاد كلما سنحت الفرصة، والبرقيات التي أود توجيهها الى مجلس الوزراء الموقر تتلخص في:
– هل من الصعب أو المستحيل اتخاذ قرار بإعادة النظافة إلى البلاد بعد أن هجرتنا؛ وذلك بإزالة أكوام القمامة ومخلفات البناء في مناطق الكويت وشوارعها؟
– هل من الصعب أو المستحيل اتخاذ قرار بإصلاح الطرق وردم الحفر وتجديد الخطوط الأرضية والأرصفة، وإزالة العشرات من الإعلانات التي ليس لها معنى أو ضرورة؟
– هل من الصعب أو المستحيل اتخاذ قرار بحل مشكلة “دوار البدع” الذي أصبح لا يطاق؟
– وماذا عن بعض المشاريع التي بدأ العمل بها منذ عشرات السنين ولا أحد يعلم ما هي؟ وماذا حل بها؟ ولماذا توقف العمل بها، ومثال على ذلك تلك الأعمدة التي تقع على يسار مبنى التأمينات الاجتماعية في منطقة غرب مشرف، ويتجاوز عددها المئات بمنظر كئيب وكأننا في مدينة أشباح، لا أحد يعرف لماذا أنشئت ومن أجل ماذا؟
– ثم ماذا عن مشروع “شابيز” والتل السياحي الذي يقع على شارع الخليج، وإلى متى سيبقى بمنظره المؤلم تحيط به أسوار من الصفيح؟
– ثم الكثير من دول العالم تقوم ببناء جزر صناعية لاستثمارها في العديد من المشاريع، ونحن ولله الحمد لدينا “سبع جزر” طبيعية، ولكن لم تستغل منها واحدة، لماذا؟ يا له من سؤال مؤلم والأكثر إيلاماً أنه لا أحد يستطيع الإجابة عنه، وهناك الكثير والكثير مما قيل ويقال والكل يتساءل: أين خطة التنمية التي سمعنا عنها؟ وهل هي حقيقة أم أنها من أساطير ألف ليلة؟ ولا نقول إلا لك الله يا وطن.
مع الدعاء بأن يحفظ الله الكويت وقيادتها وأهلها من كل سوء ومكروه.
خطة تنمية واقعية
ولله الحمد أعلنت الحكومة أن خطة التنمية القادمة ستكون “واقعية”، فقد صحونا من الأحلام، وانتهت الخطط الخيالية التي عشناها على مدى عقود من السنين، “وسيتم” رصد المبالغ لتنفيذ المشاريع التي أتمنى ألا يكون من ضمنها جسر جابر, ومستشفى جابر, واستاد جابر, وجامعة الشدادية, ووصلة الدوحة, ومحطة الزور، فهذه “نشيدة” حفظناها.
المصدر جريدة الجريدة
قم بكتابة اول تعليق