قال الرئيس المصري الموقت المستشار عدلي منصور ان زيارته لدولة الكويت ولقاءه مع حضرة صاحب السمو امير البلاد الشيخ صباح الاحمد الجابر الصباح تأتي في اطار حرص مصر على تقديم الشكر للكويت اميرا و قيادة وشعبا على دعمها للشعب المصري بعد ثورة 30 يونيو ومساندة ارادته وتفعيل العلاقات الوطيدة بين البلدين التي تفردت بدرجة عالية من الخصوصية منذ عقود طويلة.
واضاف الرئيس منصور في حوار صحافي مع رئيس مجلس الادارة و المدير العام لوكالة الانباء الكويتية (كونا) الشيخ مبارك الدعيج الابراهيم الصباح بمناسبة زيارته لدولة الكويت في نهاية الاسبوع الماضي ان مصر استعادت عافيتها بعد فترة قليلة في اعقاب ثورة 30 يونيو و ستظل دولة قوية متلاحمة قادرة على مواجهة أي تهديدات امنية داخلية او خارجية.
وأشار الى ان كثيرا من دول العالم رفعت الحظر على سفر ابنائها لمصر بعد التحسن الملموس في الاوضاع الامنية.
واكد الرئيس منصور حرصه الشخصي على تذليل كافة العقبات التي تواجه الاستثمارات الكويتية في مصر معربا عن تفاؤله حول زيادة الاستثمارات الكويتية والخليجية في ظل العلاقات المتنامية معهما مشيرا الى انه يتطلع الى تعزيز هذه الاستثمارات مع وجود فرص استثمارية واعدة بمصر في كافة المجالات بما يدعم الاقتصاد المصري.
وطالب بتكاتف الجهود العربية لمواجهة التحديات المحتملة من خلال قراءة متأنية لمصادر التهديدات الامنية والارهابية والايدولوجية المتطرفة التي تتعرض لها المنطقة العربية مشيرا الى حرص مصر على دعم امن الخليج العربي باعتباره “جزءا لا يتجزأ من امننا القومي”.
وقال الرئيس منصور ان الاهتمام بالقضية الفلسطينية تراجع في ظل ثورات (الربيع العربي) مشيرا الى ان بعض ابنائها اساءوا اليها كثيرا في الاونة الاخيرة واوضح ان الحل العسكري للازمة السورية سيزهق المزيد من الارواح لكنه اضاف ان النظام السوري ينبغي ان يرحل بحل سياسي وان الدولة السورية يجب ان تبقى.
وفيما يلي نص الحوار مع الرئيس المصري المستشار عدلي منصور
س / كيف تنظرون فخامة الرئيس الى لقائكم مع اخيكم حضرة صاحب السمو الشيخ صباح الاحمد الجابر الصباح امير البلاد خلال زيارتكم المباركة للكويت وما اهم القضايا مثار البحث
ج / تأتي زيارة الكويت و لقاء صاحب السمو الشيخ صباح الاحمد الجابر الصباح في اطار حرص مصر على تقديم الشكر والامتنان للكويت اميرا وقيادة وشعبا على دعمهم للشعب المصري بعد ثورة 30 يونيو ورفضهم المساس بأمن واستقرار ارض الكنانة وانحيازهم للارادة المصرية التي تجلت بعد ثورة الثلاثين من يونيو.. فالشكر هنا واجب وليس فضيلة.
كما ان زيارتي هذه مرتبطة بقرار مصر تفعيل دورها العربي على اعتبار ان الدائرة العربية تأتي ضمن اولويات توجه السياسة الخارجية المصرية في الفترة الحالية .. وغنى عن البيان ان مصر تنظر الى امن الخليج باعتباره جزءا لا يتجزأ من الامن القومي المصري.. اما القضايا مثار البحث فهي ترتبط بتفعيل العلاقات بين البلدين والارتقاء بها الى مستوى تطلعات الشعبين في اطار ما يواجه الامة العربية من تهديدات و اخطار لا سبيل لمواجهتها دونما تفعيل واحياء مسيرة العمل العربي المشترك.
س / كيف تقيمون فخامتكم العلاقات المصرية الكويتية الوطيدة وكيف يمكن تعزيزها لتناسب طموحات و تطلعات ابناء الشعبين الشقيقين
ج / لقد تفردت العلاقات المصرية مع دولة الكويت الشقيقة بدرجة عالية من الخصوصية منذ عقود طويلة.. هذه الدرجة من الخصوصية لم تكن وليدة دعم الكويت في هذه المرحلة لارادة الشعب المصري في اختيار طريق الديمقراطية و الاصلاح الشامل و ليست نابعة من مواقف دعم و مساندة احد البلدين الشقيقين للاخر و لكنها علاقات اخوة قائمة على تبادل المصالح المشتركة و على مصالح الامة العربية فضلا عن التطلع الى مستقبل افضل للاجيال القادمة في كلا البلدين .. نحن نلمس من الاشقاء في الكويت ما تحظى به مصر من مكانة متميزة لدى الشعب الكويتي انطلاقا من الدور التاريخي الذي لعبته في الحفاظ على وحدة و استقرار الكويت و سيادة اراضيه سواء اكان ذلك خلال ازمة 1961 ومحاولات عبدالكريم قاسم ضم الكويت او من خلال مشاركة مصر الفاعلة في تحرير الكويت عام 1991 كما يلمس الكويتيون حجم تقدير مصر حكومة و شعبا للموقف الكويتي الحاسم في تأييد الارادة الوطنية المصرية و الذي يمثل التعبير عنه احد اهم اهداف زيارتي للكويت الشقيقة.
س / الشعب الكويتي يكن حبا كبيرا للشعب المصري الشقيق تقديرا لمكانة مصر و يتطلع الى عودة الاستقرار الى ربوعها.. فكيف تقيمون فخامتكم الاوضاع الامنية في مصر بعد مرور اربعة اشهر على ثورة 30 يونيو
ج/ من المعروف في ادبيات علم الثورات ان الفترات التي تعقبها انما تشهد تدهورا حادا في الاوضاع الامنية و لكن نظرا لطبيعة الشعب المصري و عمق حضارته و قدرة مؤسساته على التماسك فان الاوضاع الامنية في مصر لم تشهد تدهورا حادا كما حدث في تجارب دول اخرى عديدة.
ان الدولة المصرية التي تكون قد بدت رخوة في ماض قريب استعادت عافيتها.. فمصر الجديدة في اعقاب ثورة 30 يونيو ومؤسساتها المختلفة المدعومة بشعبها بعيدة كل البعد عن ذلك و ستظل مصر دولة قوية متلاحمة شعبا و حكومة و جيشا قادرة على مواجهة أي تهديدات امنية سواء على المستوى الداخلي او الخارجي.. ولعلكم تتابعون نجاحات العملية العسكرية في سيناء بصفة خاصة و حربنا ضد الارهاب بصفة عامة.. هذه النجاحات و التحسن الملحوظ للحالة الامنية يعكسه قرار تخفيف عدد ساعات الحظر و تؤكده ايضا القرارات المتتالية التي اتخذتها مؤخرا العديد من الدول الاوروبية برفع الحظر المفروض على مواطنيها للسفر الى مصر استنادا للتحسن الملموس في الوضع الامني بمصر.
س / هل تشعرون بالتفاؤل ازاء عودة الاستثمارات الكويتية والخليجية الى جمهورية مصر العربية الى ما كانت عليه قبل ثورة 25 يناير
ج / بالتاكيد هناك شعور بالتفاؤل حول مستقبل العلاقات الخليجية المصرية بشكل عام و مستقبل العلاقات المصرية الكويتية على وجه الخصوص .. ولاشك ان تعزيز العلاقات سينعكس ايجابيا على الاستثمارات فيما بينهما والتي نتطلع الى توفير المناخ الملائم لتعزيزها و زيادتها في الفترة القادمة في ظل وجود فرص استثمارية واعدة في مصر في كافة المجالات سواء كانت صناعية او زراعية او سياحية او عقارية او في مجال الخدمات ..
وانا شخصيا حريص على تذليل كافة العقبات التي تواجه الاستثمارات الكويتية في مصر وفقا للقوانين المصرية بما يخلق مناخا مواتيا للاستثمار و يشجع المستثمرين من دولة الكويت الشقيقة لضخ المزيد من الاستثمارات في مصر.
س / يشكو قطاع الصناعة في مصر من توقف عدد من المصانع عن العمل بسبب الاوضاع الامنية او عدم استيراد المواد الخام .. فهل هناك من حل عاجل لدعم هذا القطاع الذي يسهم في تعزيز الاقتصاد
ج / قطاع الصناعة في مصر قطاع عريق فمصر كان لها الريادة بين دول المنطقة في التوجه صوب الصناعات الثقيلة في خمسينيات القرن الماضي وتواجه تلك الصناعات بعض المشكلات لذا اصدرت توجيهاتي للحكومة بضرورة اتخاذ الاجراءات الكفيلة بحل كافة المشكلات التي يواجهها هذا القطاع الحيوي بدءا بحل مشكلات العمال و التأكيد على حقوقهم و تطوير واعادة تأهيل مصانع الصناعات الثقيلة فضلا عن تقديم الدعم المناسب للمصانع الخاصة المتعثرة ومساعدتها على النهوض مرة اخرى والتي بدأ عدد كبير منها الخروج بالفعل من عثرته .. و من جهة اخرى لعلكم تابعتم الاعلان عن تنفيذ المشروع القومي لتنمية منطقة قناة السويس الذي وجهت مؤخرا بالإسراع في تنفيذ مراحله الاولى مع التركيز على اعطاء الشباب فرصة للاشتراك و الاسهام في هذا المشروع الوطني وان يتم خلاله اتاحة اكبر قدر من فرص العمل للشباب المصري من ابناء مدن القناة و شبه جزيرة سيناء.
ان هذا المشروع يتضمن انشاء العديد من الصناعات الهامة مثل صناعة السيارات و السفن و توفير خدمات لوجستية للسفن و البضائع بكل ما يعنيه ذلك من دعم لقدرات الصناعة و الاقتصاد في مصر.. ان مصر بلد زاخر بالمقومات الاساسية و مؤهلة لتحقيق نهضة صناعية واعدة فهي لديها الموارد الطبيعية التي حبا الله بها مصر و لدينا العقول المصرية الرائدة في كافة المجالات .. انني متطلع الى مستقبل قريب سيشهد ان شاء الله تحقيق طفرة صناعية في مصر تعزز من قدرتها الاقتصادية بما سينعكس على حياة المواطن ويحقق لكل مصري ما يستحقه من عيش كريم وعدالة اجتماعية.
س / شاهدنا خلال الفترة الماضية ارتفاعا في تعاملات البورصة المصرية وايضا ارتفاعا في سعر الجنيه المصري وارتفاع الاحتياطي النقدي المصري.. وكل هذا يعطي مؤشرات طيبة لكن في المقابل هناك تخوفات من المسؤولين بشان الوضع الاقتصادي .. فما رأي فخامتكم في الوضع الاقتصادي المصري
ج / يرتبط الوضع الاقتصادي بحالة الاستقرار السياسي و لاشك ان المؤشرات التي ذكرتها تعكس تحسنا للأوضاع السياسية و الامنية الامر الذي من شأنه تشجيع المستثمرين فهناك توجيهات صريحة للحكومة بحل كافة مشكلات المستثمرين وفقا للقانون و بما يحفظ حقوق كل من الدولة المصرية و المستثمرين ..وفي هذا الاطار فإن مصر لديها بيئة جاذبة للاستثمارات الخارجية خاصة في ظل تنوع الفرص الاستثمارية وما تملكه من موقع جغرافي متميز و عمالة مدربة عالية التنافسية.
س / لجنة الخمسين المكلفة بإعداد الدستور شارفت على الانتهاء .. فكيف تنظرون الى اجراء الاستفتاء الدستوري في ظل المظاهرات العديدة التي ينظمها انصار الرئيس السابق محمد مرسي و كيف يمكن تطبيق خارطة الطريق في ظل هذه الاوضاع
ج / هذه ليست مظاهرات شعبية و انما جماعات محدودة لا يتجاوز عددها المئات و تستهدف بالأساس ارباك الاوضاع في البلاد و اعطاء الانطباع بعدم قدرة الحكومة على تسيير شؤون البلاد الا انه قد بات جليا للجميع ان قدرة تلك الجماعة على الحشد باتت شبه معدومة بعد ان كانوا يتمتعون بتأييد الاغلبية في وقت ليس ببعيد.
س / شهدت العلاقات المصرية الاميركية توترا عقب ثورة 30 يونيو .. فالى أي مستوى وصلت العلاقات بين البلدين
ج / نحن حريصون على علاقتنا بالولايات المتحدة الاميركية بقدر حرصها على العلاقات معنا .. فالسياسة الخارجية المصرية تنطلق من حقيقة واضحة تتمثل في المصالح المصرية و الامن القومي المصري و بالتالي فإن علاقتنا بالدول ترتبط بقدر مراعاة تلك الدول للمصالح المصرية الحيوية والاستراتيجية.. ويهمني الاشارة الى المبادئ الحاكمة لتوجهنا الخارجي في اعقاب ثورة 30 يونيو والمتمثلة في استقلالية القرار الوطني المصري و تغليب المصلحة الوطنية المصرية على أي اعتبارات اخرى واستعادة مصر لمكانتها الريادية و دورها الاقليمي مرتكزة في ذلك على بعدها القومي.
س / ما تقييمكم للعلاقات المصرية الاوروبية
ج / في الواقع هناك ادراك اوروبي متزايد لحقيقة ما جرى في مصر من ثورة شعبية عبرت عنها جموع الملايين في الثلاثين من يونيو.. هذا الادراك كان للمملكة العربية السعودية و الكويت و الاشقاء في الخليج العربي دورهم في ترسيخه لدى العديد من الاطراف الاوروبية..ان العلاقات المصرية الاوروبية علاقات قديمة تنطلق من حقائق الجوار المشترك و المصالح المتبادلة ونلمس مؤخرا تصويبا للموقف الاوروبي ازاء ثورة 30 يونيو و ماتلاها حيث بات هناك تفهم واضح لتطورات الاوضاع في مصر و اصبح الجانب الاوروبي مثله مثل مصر شعبا و حكومة يتطلع لتنفيذ خارطة الطريق بما يسهم في ترسيخ تجربة التحول الديمقراطي و تحقيق الامن و الاستقرار في البلاد بما يضمن كذلك استمرار العلاقات الاقتصادية بين الجانبين لاسيما و ان مصر تعد الشريك التجاري الاول للاتحاد الاوروبي وحجم التعاملات التجارية بينهما يزيد على ال 20 مليار دولار وذلك فضلا على ما تمثله مصر من حجر زاوية في استقرار المنطقة وما يعكسه استقرارها على استقرار المنطقة برمتها.
س / كيف تنظرون الى موقف بعض الدول العربية التي سارعت الى مساندة مصر بعد ثورة 30 يونيو و ما تأثير هذه المواقف في تجاوز الازمة التي اعقبت الثورة
ج / لا شك ان مصر عبر تاريخها الممتد لم تبخل على امتيها العربية و الاسلامية بتقديم يد العون والمساعدة بل خوض الحروب اذا استلزم الامر دفاعا عن الكرامة و الارض العربية ولطالما تعددت القمم العربية الطارئة التي دعت اليها القاهرة لدعم قضايا الامة العربية فكل هذا من منطلق التزام مصر بدورها التاريخي تجاه اشقائها.. ان وقوف بعض الدول العربية و مساندتها السياسية والاقتصادية للثورة المصرية يعكس اهمية مصر وادراك قادة هذه الدول ان دعم استقرار مصر وحفظ امنها هو دعم للعروبة و امنها القومي الذي يواجه تحديات واضحة في تلك الفترة الدقيقة من تاريخ الامة العربية.
س / قمتم بزيارة الى كل من المملكة العربية السعودية و المملكة الاردنية الهاشمية.. فكيف تقيمون نتائج الزيارتين
ج / كانت اول زيارة خارجية لي منذ توليت مقاليد السلطة في البلاد الى المملكة العربية السعودية التي كان لها موقف حاسم في تأييد ارادة الشعب المصري و لقد كان خادم الحرمين الشريفين اول من هنأني بتولي منصبي فقد تلقيت برقية تهنئة من جلالته قبل قسم اليمين.. ان المملكة العربية السعودية وضعت كل ثقلها السياسي و الاقتصادي في مساندة و دعم ارادة الشعب المصري التي تجلت بعد 30 يونيو رافضة المساس بأمن مصر و استقرارها او التدخل في شؤونها وهو ما عكسته كلمة الملك عبدالله بن عبدالعزيز في 16 اغسطس 2013 الداعمة لمصر و التي مثلت نقطة تحول واضحة للكثير من المواقف الدولية ازاء ثورتنا .. ثم كانت زيارتي بعد ذلك الى الاردن بهدف تعزيز اواصر العلاقات العربية العربية و تقديم الشكر للملك عبدالله الثاني على موقفه الداعم لمصر و نبذه للعنف والارهاب و رفضه المساس بأمن واستقرار مصر .. وكما تعلمون فإن جلالة الملك عبدالله اول من زار مصر من القادة والرؤساء بعد ثورة 30 يونيو.
س / متى تستعيد مصر الكنانة دورها الريادي سواء على المستوى الاقليمي او الدولي
ج / لقد بدأت مصر بالفعل في استعادة دورها الريادي سواء على المستوى الاقليمي او الدولي و هو دور تفرضه حقائق التاريخ و ثوابت القومية العربية .. تلك المكانة التي ترسخت عبر عقود طويلة و التي ستستعيدها مصر كاملة بل واكثر فور تحقيقها استحقاقات خارطة المستقبل وبعد ان شرعنا في مسيرة تحقيق الديمقراطية من خلال البدء في بلورة خارطة المستقبل فإننا حريصون على ان يكون المجتمع الدولي ايضا اكثر ديمقراطية واقل ازدواجية في معاييره على ارض الواقع .. من هنا كان تأييدنا لموقف المملكة العربية السعودية في اعتذارها عن العضوية غير الدائمة لمجلس الامن لما له من دلاله واضحة على ازدواجية المعايير الدولية ازاء قضايا المنطقة.. ويأتي ذلك متسقا مع تبني مصر لقضية تفعيل دور الجمعية العامة للأمم المتحدة باعتبارها المحفل الديمقراطي الذي يعبر عن جميع الدول الاعضاء واصلاح مجلس الامن الذي ما زال يمثل صيغة تم التوصل اليها في حقبة مغايرة لواقع عالمنا المعاصر فضلا عن تبني مصر لقضية اخلاء منطقة الشرق الاوسط من اسلحة الدمار الشامل .. ان مصر دولة قوية و متلاحمة كما سبق ان ذكرت و هو امر برهنت عليه فترة الثلاثين شهرا الماضية من تاريخنا المعاصر .. ففي الوقت الذي تستعيد مصر مكانتها كان البعض يتوقع حتمية تحقق السيناريو الاسوأ و هو ما لم يحدث ولن يحدث بفضل حكمة وتلاحم و وطنية الشعب المصري فضلا عن سماحة اسلامه.
س / كيف يمكن مواجهة التحديات المتزايدة التي تتعرض لها المنطقة العربية
ج / يجب ان تعي المنطقة العربية ما يتهددها من اخطار فهناك العديد من التحديات التي تواجه المنطقة سواء كانت تحديات نابعة من البيئة الاقليمية او من البيئة الدولية و لاشك ان مواجهة هذه التحديات تأتي من خلال قراءة متأنية لمصادر التهديد الحالية و التي تتضمن تهديدات امنية وارهابية و تهديدات متصلة بالهوية من خلال ايديولوجيا متطرفة تجد في حالة السيولة و عدم الاستقرار السياسي في بعض دول الاقليم الى جانب ضعفها الاقتصادي و المؤسسي و عدم قدرتها على الوفاء بمتطلبات التنمية سبيلا للنفاذ الى الشعوب .. وعلى مستوى الوطن العربي فان ذلك يعني ضرورة تكاتف الجهود العربية لمواجهة التحديات المحتملة في بيئة اقليمية و دولية لا نراها بالضرورة مواتية.
س / وزير الخارجية المصري السيد نبيل فهمي اعلن عن امكانية تبني حوار خليجي ايراني .. فهل هناك خطوات فعلية اتخذت بهذا الشأن ام انها مجرد فكرة
ج / مصر ترحب بعلاقات طبيعية مع كل دول العالم بما في ذلك ايران الا ان ذلك يجب ان يأتي مرتبطا بحرصنا على دعم امن الخليج العربي على اعتبار انه جزء لا يتجزأ من امننا القومي و بالتالي فإن اعلان السيد وزير الخارجية عن امكانية تبني حوار خليجي انما يعني استعداد مصر للاسهام في توفير الارضية اللازمة لمثل هذا الحوار لمن يرغب في ذلك من الدول الخليجية كون امن الخليج بالنسبة لمصر مسؤولية قومية و باعتبارنا شركاء في الهوية.
س / جددت مصر دعوتها الى انشاء منطقة خالية من اسلحة الدمار الشامل في الشرق الاوسط .. الى أي مدى يمكن تحقيق ذلك في ظل التعنت الاسرائيلي و المساندة الدولية
ج / تمثل هذه الدعوة المتجددة و الرامية لإخلاء منطقة الشرق الاوسط من اسلحة الدمار الشامل رغبة مصر في ارساء معايير موضوعية.. فإخلاء المنطقة من اسلحة الدمار الشامل سيصب في دعم السلام و الاستقرار الاقليمي و تحويل كل ما ينفق على هذه الاسلحة لخدمة اغراض التنمية التي ستستفيد منها شعوب المنطقة و هذا الامر مرتبط بطبيعة الحال بمسألة اصلاح منظومة المؤسسات الدولية و في مقدمتها مجلس الامن حتى يتسنى بلورة هذه المبادرة على ارض الواقع .. و هنا اعود مرة اخرى الى مسألة ازدواجية المعايير الدولية و لعل في تناول المجتمع الدولي لقضية الاسلحة الكيميائية السورية ما يعكس هذه الازدواجية فإخلاء المنطقة يجب ان يتضمن كافة دولها بلا استثناء وان يتعلق بكافة اسلحة الدمار الشامل سواء كانت كيميائية او نووية.
س / اعلنت القوات المصرية عن نجاحات في اطار مكافحة الجماعات الارهابية في سيناء .. الى اين وصلت الحملة التي تقوم بها القوات المسلحة والشرطة في سيناء
ج / مصر حذرت مرارا و تكرارا من ان الارهاب لا وطن له وان الدول الراعية له ستكتوي بناره ..ان حربنا ضد الارهاب في سيناء مستمرة وقد استطاعت ان تحقق نجاحات ملموسة بفضل تكاتف الجيش و الشرطة و ابناء الشعب المصري المخلصين الذين يقفون بالمرصاد لأي محاولة تهدد امن مصر او استقرارها لذلك فان مصر ستنتصر في حربها على الارهاب في ظل لحمة وطنية تجمع الشعب و جيشه و شرطته..ان ثقتي كاملة في قدرة رجال القوات المسلحة و الشرطة الاوفياء في بسط الامن والسيطرة الكاملة على كامل ترابنا الوطني فتلك الارض الغالية قد ارتوت بدماء المصريين وامتزجت على رمالها دماؤهم بدماء الاشقاء العرب .. فالارهاب الذي يدنس هذه الارض سيدحر و ستعود سريعا واحة للأمن و ركيزة لتنمية مصر المستقبل.
س / هل تشعرون بان القضية الفلسطينية تأثرت بالأحداث التي شهدتها المنطقة العربية خلال السنوات الثلاث الماضية
ج / لا شك ان القضية الفلسطينية تراجع الاهتمام بها في ظل ثورات الربيع العربي .. كما ان هناك من ابنائها من اساء اليها كثيرا في الآونة الاخيرة غير ان مصر لا يمكن لها ان تتجاهل القضية الفلسطينية ابدا .. فمصر تؤيد اعادة استئناف المفاوضات بين الجانبين الفلسطيني و الاسرائيلي على اساس مبدأ الارض مقابل السلام و اقامة الدولة الفلسطينية و عاصمتها القدس و ستظل مصر على عهدها بالقضية الفلسطينية و على عهدها كدولة تؤمن بالسلام بين الشعوب .. ان مصر ترحب باستئناف المفاوضات الفلسطينية الاسرائيلية على اسس و مرجعيات واضحة وصولا لاستحقاقات السلام و هى مسيرة ستقدم لها مصر كل الدعم و المساندة.
س / كيف تنظرون فخامتكم الى الوضع في سوريا في ظل استمرار العنف و الدمار الذي تشهده منذ ثلاث سنوات
ج / نتفهم و ندرك تماما الموقف الخليجي من الازمة السورية و المخاوف المشروعة التي يتأسس عليها .. في تقديرنا انه لا حل عسكريا للازمة السورية وان أي تصعيد عسكري او تدخل اضافي سيكون له نتيجة وحيدة دون سواها الا و هي ازهاق المزيد من الأرواح السورية .. انه من الضروري منح الحل السياسي الفرصة كاملة و بما يعزز من تماسك الدولة السورية و الحفاظ على وحدة اراضيها ومن هذا يأتي تأييدنا لانعقاد مؤتمر (جنيف 2) و انه لمن المهم التمييز ما بين النظام السوري الذي ينبغي ان يرحل بحل سياسي و الدولة السورية التي يجب ان تبقى ..فانهيار قوة العراق ثم كسر سوريا انما يمثلان خصما و انتقاصا مباشرا من رصيد قوتنا العربية.
قم بكتابة اول تعليق