أكد أستاذ العلوم السياسية الدكتور سامي ناصر خليفة فى حوار لهنا الكويت أن هناك مجموعة مؤشرات إذا أحسنت السلطة التنفيذية الاستفادة منها، فمن الممكن أن نتحدث بنظرة إيجابية أكثر، من ضمن هذه المؤشرات وصول النائب مرزوق الغانم إلى رأس السلطة التشريعية
وتابع خليفة : المعارضة السياسية في الكويت، كمن عرف الحق وأخطأ الطريق، تتحدث بلغة قيمية رائعة جدا، كالتزامها مبادئ الدستور، وتعلن شعارات براقة جدا كمحاربة الفساد ووضع الشخصية الصحيحة في الموضع الصحيح، أو الرجل المناسب في المكان المناسب، ولكن ما يؤسف أنها لا تمارس هذا الأمر على نفسها.
كيف تري الواقع السياسي فى الكويت؟
هناك ثلاث نقاط قد تكون هي الأهم، التي تحكم المشهد السياسي الكويتي، الأولى ما يتعلق بالانتخابات، وشكل العلاقة بين السلطتين (التشريعية والتنفيذية)، وخلق حالة من الاستقرار السياسي.. والمشكلة التي كنا نواجهها في السابق كيف يمكننا إيجاد علاقة إيجابية تخلق حالة من الاستقرار بين السلطتين، وعلى أساسها يستمر أي من المجلسين مدة أطول، سواء كان مجلس الأمة أم الحكومة، وبالتالي، ينعكس الأمر إيجابا على حالة الشارع. في الفترة السابقة كنا نعيش حالة من عدم الاستقرار، ونحن نعول على الفترة المقبلة بأن نشهد حالة من الاستقرار.
تركيبة المجلسين هل تبشر بهذا الاستقرار؟
هناك مجموعة مؤشرات إذا أحسنت السلطة التنفيذية الاستفادة منها، فمن الممكن أن نتحدث بنظرة إيجابية أكثر، من ضمن هذه المؤشرات وصول النائب مرزوق الغانم إلى رأس السلطة التشريعية. نحن نعرف أن هناك مجموعة تجاذبات في قوة النفوذ السياسي في الكويت، متى ما اشتركت هذه القوة في مجموعة نقاط، وتم تفعيلها في أروقة المجلس، سنكون بصدد مشهد إيجابي، ومتي فُعلت نقاط الاختلاف بين هذه القوة، سنجد مشاحنات ومضاربات.. ونحن نعتقد اليوم بأن هناك مجموعة نقاط إيجابية وإذا لم تتم الاستفادة منها اليوم، فقد لا تأتي الفرصة في القادم من الأيام.
أيضا هناك نقطة مهمة، وهي أن الجميع اليوم ممثل في المجلس، كل القوى والتجمعات السياسية، إلا من رغب أن يكون خارج المجلس.. وبالتالي، الفصائل كلها ممثلة، وكلنا يعرف أن الأحزاب التي كانت في المعارضة لها تمثيل غير مباشر في مجلس الأمة.. اليوم المطبخ الجديد يملك مقومات أن يخرج لنا بـ طبخة جميلة، والسؤال كيف؟ هذا هو التحدي القادم.
الحديث عن الأولويات المشتركة بين مجلس الأمة والحكومة، هل تكون حجز الزاوية لبداية التعاون والإنجاز؟
الجميع ينتظر مشاريع شعبية يغلب عليها طابع الإنجاز، وما لم يضع رئيس الوزراء اليوم القضايا الشعبية التي تأتي في أولويات الشارع الكويتي، أعتقد بأنه ستكون هناك مشكلة.. فهناك مشاريع تتحمل التأخير قد يستفيد منها من يريد أن يستفيد من تباطؤ حركة الحكومة والمجلس نحو الإنجاز.. لذلك، أنا مع أن يذهب سمو الشيخ جابر المبارك إلى وضع القضايا التي تأتي على رأس أولويات الشارع الكويتي في اهتماماته اليوم.
كيف تقيم المشهد الإعلامي الكويتي، بمختلف وسائله؟
إذا وضعنا في الاعتبار أن الإعلام سلطة مؤثرة جدا في توجيه الرأي العام وتقويم مسار القرار في السلطة لدينا، سنجد أن الدور يكاد يكون معدوما في هذا الاتجاه، لسبب رئيس واحد، وهو أن معظم وسائل الإعلام المحلية تعاني الاصطفاف غير الحميد، أي أنها تمثل مكونات معينة أو أحزابا معينة أو جهات نفوذ معينة أو مجموعة من التجار أصحاب النفوذ.. لذلك يؤدلج الخبر وتؤدلج كل السياسات في هذا الاتجاه، فكيف يمكن أن نصنع بلدا ضمن هذه التوليفة؟
نعم، قد يكون التنافس بينهم فيه إثراء للفكرة، وثراء للحوار يغذي الأفكار أكثر، ولكن المؤسف قوى النفوذ التي تسيطر على وسائل الإعلام، التنافس بينها ليس إيجابيا ولا مهنيا.. لذلك، نرى أن أسلوب التصيد واضح، وتحويل الاختلاف إلى خلاف واضح، والإثارة الرخيصة في بعض الأحيان، وفي كثير من صحفنا ظاهرة بشكل ملفت.
وماذا عن وسائل التواصل الاجتماعي، ومدى تأثيرها في المجتمع، سلبا أو إيجابا؟
وسائل التواصل الاجتماعي، مثل توتير وفيسبوك.. وغيرهما، تعبر عن الحالة الساخطة للمجتمع، وهي حالة في نظري طبيعية، عندما يكون المجتمع في حالة من اليأس من الحلول المطروحة، ومن صعوبة المعالجات، ويجد متنفسا كبيرا له في وسائل الإعلام، فكيف لا يستغلها؟ ولكن الخلل ليس في استغلال الشارع لهذه الوسائل وإبداء سخطه، بل في فشل الحكومة ومؤسسات النفع العام والمجتمع المدني في توظيف هذا السخط واستيعابه لخدمة المجتمع. ما يؤسف، أنه لا يوجد هذا التوظيف ولا هذا النوع من الاستهداف.. لذلك، تصبح مخرجات هذه الوسائل للأسف الشديد غاية في الخطورة على الوضع الكويتي.
كيف تصف المعارضة في الكويت؟
المعارضة السياسية في الكويت، كمن عرف الحق وأخطأ الطريق، تتحدث بلغة قيمية رائعة جدا، كالتزامها مبادئ الدستور، وتعلن شعارات براقة جدا كمحاربة الفساد ووضع الشخصية الصحيحة في الموضع الصحيح، أو الرجل المناسب في المكان المناسب، ولكن ما يؤسف أنها لا تمارس هذا الأمر على نفسها، فكيف ستكون نموذجا يحتذي به الآخرون؟ فنراها للأسف الشديد تتحدث عن الدستور، وهي أول من ينتهكه، وتتحدث عن الفساد ونحن نعرف البير وغطاه، وكيف ينخر الفساد في جسم المعارضة.. فللأسف الشديد، المعارضة التي جاءت بعد عام 2006 تختلف تماما عن المعارضة التاريخية، التي جاء بها تاريخنا السياسي في دولة الكويت، التي كانت تتكلم عن احترام الدستور، وتجسده إلى واقع في جسم المعارضة نفسها.. لذلك، كان هناك حماس شديد في إيصال شخصيات بارزة في المعارضة إلى مواقع مهمة نافذة في السلطة، بهدف الإصلاح والتغيير.
أما اليوم، فليس لدينا أي قناعة بأن يتغير شيء، بعد وصول شخصيات من المعارضة إلى السلطة! بل نرى من هم بالمعارضة ومن هم بالسلطة تقريبا لون تقليدي واحد، لا يعول عليه، لا في التغيير ولا في الإصلاح.
قم بكتابة اول تعليق