إقبال الأحمد: فوضى الرفاه “2/1”

يبدو اننا مقدمون على مرحلة جديدة.. لم نتعود عليها وغريبة علينا.. مثل الطفل المدلل الذي يأخذ ما يريد، لانه تعود ان لا احد يمنعه والا فالصراخ والتشنج.. وسرعان ما يتم الخضوع لطلباته لإسكاته او الاستمرار في الرفض.

مع ترديد مقولة «قرب انتهاء دولة الرفاه»، التي وردت بشكل أو بآخر في برنامج الحكومة.. حتى جوبه بالاستخفاف او الاستهزاء بمعنى الرفاه.. وبدأت الرسائل الهاتفية تنتقل من مكان لآخر تتندر بمعنى الرفاه الذي تضمنه البرنامج.. الا ان هناك من قرأ البرنامج بشكل عقلاني اكثر، وفنده بشكل اكثر هدوءا.

لا يمكن ان ننكر بأي حال من الاحول اننا دولة رفاه بكل معنى الكلمة.. الدولة التي ترعى مواطنيها من المهد الى اللحد.. ولا يعرف اهلها معنى الضريبة.. وتعتبر من اعلى الدول دخلا سواء على مستوى الدولة او الفرد.. دولة نال مواطنوها من العطايا والمميزات الكثير، جزء كبير منها من دون داعٍ او سبب منطقي.

تموين رمزي، كهرباء وماء بسعر رمزي، تعليم وصحة بالمجان، علاج بالخارج، قروض ميسرة جدا جدا للزواج والسكن، بدلات ايجار وبطالة ودعم العمالة، وامور كثيرة يحلم بها آخرون في دول اخرى.

اعرف ان مفهوم الرفاه ليس فقط الاعفاء من الالتزامات المالية، ولكنه اكبر من ذلك، حيث الضمان الصحي والتعليمي ومستوى الحرية ومفهومها واحترام القانون وتطبيقه، والعدالة في كل شيء (وهو بعيد نوعا ما في دولتنا).. ولكننا ومن الاجحاف انكار اننا في دولة رفاه ولو بمعناها المادي.

المشكلة عندنا اننا بالكويت نعيش دولة رفاه تعمها الفوضى.. سرق من سرق ومازال يسرق، لعدم وجود معايير محترمة تحترم في تطبيقها ومتابعتها في الصرف.. ولا احد يحاسب ولا احد يتابع، ولا احد يجرؤ ان يقول كفى.. وليبدأ العمل الحقيقي.

انا قد لا ألوم من استهزأ بخدمات الصحة والتعليم، ولهم عذرهم، لكن ذلك لا ينفي ابدا ان اصعب وادق العمليات تجرى للمواطن الكويتي من دون ان يدفع دينارا واحدا ويرسل للعلاج والدراسة في اكبر المستشفيات والجامعات مجانا.

الموضوع اذاً موضوع ادارة.. موضوع قانون.. ولكنه ابدا لا يحتمل الانكار اننا لسنا دولة رفاه.

فوضى الرفاه ان من يلتزم بيته، وهو موظف، اكثر ممن يداوم في عمله.. ومن يداوم في عمله اكثر ممن يعمل في مكتبه.. ومن يعمل في مكتبه اكثر بكثير ممن يعمل بضمير وجد.. لماذا كل هذا؟ لان دولة الرفاه لا تحاسب ولا تعاقب ولا تطرد موظفاً.

إقبال الأحمد

iqbalalahmed0@yahoo.com
المصدر جريدة القبس

قم بكتابة اول تعليق

Leave a Reply

لن يتم نشر بريدك الالكتروني في اللعن


*


هذا الموقع يستخدم Akismet للحدّ من التعليقات المزعجة والغير مرغوبة. تعرّف على كيفية معالجة بيانات تعليقك.