تناول تقرير الشال الأسبوعي الصادر عن شركة الشال للاستشارات الاقتصادية الخلفية التاريخية عن استهلاك الولايات المتحدة للنفط، ومدى اعتمادها على استيراده وتغير مصادر الاستيراد.
ولخص هذه المؤشرات، منذ عام 1973، وهو تاريخ توفر بيانات دقيقة ومتسقة حول الموضوع، إذ يتضح أن الاستهلاك الأميركي للنفط شهد قفزة، في الفترة 1975-1978، عندما بلغ نحو 18.8 مليون برميل، يومياً، عام 1978، وهي الفترة نفسها التي شهدت ارتفاعاً في استيراد النفط، ليبلغ نحو 8.8 ملايين برميل، يومياً، تمثل نحو 47.8% من الاستهلاك الأمريكي، وضمنه ارتفع الاستيراد من منطقة الخليج (مجلس التعاون وإيران والعراق) ليبلغ نحو 2.4 مليون برميل، يومياً، عام 1977، ويمثل نحو 13.3% من الاستهلاك الأمريكي، في إشارة لارتفاع اعتماد الولايات المتحدة على نفط المنطقة.
وقال التقرير أن الفترة سالفة الذكر انتهت بانخفاض في الاستهلاك، متبوع بانخفاض في الاستيراد، ليبلغ أدنى معدل استهلاك عند نحو 15.2 مليون برميل، يومياً، عام 1983، وبعدها بعامين شهد الاستيراد النفطي الأميركي أدنى معدل له عند نحو 5.1 ملايين برميل، يومياً، فقط، ونسبة للاستهلاك انخفض المعدل لنحو الثلث، وشهد عام 1985، أيضاً، أدنى معدل استيراد من منطقة الخليج عند نحو 300 ألف برميل، يومياً، فقط، تمثل نحو 2%، فقط، من الاستهلاك الأمريكي، أي إن النصف الأول من الثمانينات مثّل فترة انخفاض الاعتماد الأمريكي على المنطقة كمصدر لاستيراد النفط. هذا التغير في نمط الاستهلاك، من ناحيتي الكم ومصادر الاستيراد، جاء رداً استراتيجياً سياسياً على قرار منع تصدير النفط إلى الغرب، إبان حرب أكتوبر 1973 ثم الثورة الإيرانية واحتلال سفارة الولايات المتحدة الأمريكية في طهران في عام 1979، وبسبب منطقي لارتفاع أسعار برميل النفط من 3 دولارات أمريكية إلى نحو 12 دولاراً أمريكياً، بسبب الحدث الأول، وإلى نحو 40 دولاراً أمريكياً، بسبب الحدث الثاني.
ولفت التقرير الى أن الاستهلاك النفطي الأمريكي ومعه استيراد النفط، بشكل عام، وضمنه الاستيراد من منطقة الخليج، زادا بعد ذلك، ليبلغ الاستيراد أعلى مستوى له عند نحو 13.7 مليون برميل، يومياً، عامي 2005 و2006، وكنسبة من الاستهلاك الأمريكي بلغ المعدل أقصاه عند نحو 66.3%، أي إن الولايات المتحدة، في ذروة الفقاعة العقارية الأمريكية، كانت تعتمد على الاستيراد لتغطية نحو ثلثي استهلاكها النفطي، أما منطقة الخليج، فمنذ عام 1989، بعد انتهاء الحرب العراقية الإيرانية وحتى عام 2012، تراوح معدل صادرات المنطقة النفطية نسبة لاستهلاك الولايات المتحدة عند نحو 11%، كان أعلاه عام 2001 عند نحو 14.4% (2.8 مليون برميل يومياً).
ورغم ذلك نلفت النظر إلى الفجوة المهمة بين معدل الاستيراد النفطي، ككل، ومعدل الاستيراد من منطقة الخليج في الفترة 1986-2006، والتي تعني أن الولايات المتحدة وجدت، تدريجياً، ولنحو 20 عاماً مصادر بديلة لمنطقة الخليج لاستيراد النفط لتغطية استهلاكها المرتفع. وقد تكون لهذه الفجوة دلالة هي انخفاض الاعتماد الاستراتيجي الأمريكي على منطقة الخليج، كمصدر حالي للنفط، مع الانتباه إلى موضوع آخر هو استمرار أهمية المنطقة كمستودع كبير للاحتياطات النفطية، وهو الموضوع الذي لا نتناوله هنا.
وقال التقرير :بالنظر إلى المستقبل نستذكر ثلاثة تطورات حديثة ومهمة في علاقة الولايات المتحدة بالنفط، التطور الأول هو ارتفاع الإنتاج الأميركي من النفط عام 2012، بوتيرة هي الأسرع في تاريخها وفي العالم ذلك العام، حيث ارتفع الإنتاج الأمريكي بنحو 846 ألف برميل، يومياً. وثاني التطورات توقع أن تصبح الولايات المتحدة أكبر منتج للنفط في العالم متخطية السعودية وروسيا، نهاية عام 2013، ببلوغ إنتاجها نحو 12.2 مليون برميل، يومياً.
وثالث التطورات تراجع الولايات المتحدة في شهر سبتمبر 2013 عن موقعها كأكبر مستورد للنفط في العالم لصالح الصين، حيث انخفض معدل الاستيراد النفطي الأمريكي لنحو 6.2 ملايين برميل، يومياً، ذلك الشهر. وعاملان مشتركان بين هذه التطورات الثلاثة هما، أولاً النفط والغاز الصخريان، اللذين يعتبران نوعين جديدين من الطاقة، رفعا الإنتاج المحلي الأمريكي وقللا الاستيراد، إضافة إلى تقنيات خفض الاستهلاك لديها، وثانياً أن هذه التطورات تضعف الأهمية الاستراتيجية لمنطقة الخليج عند الولايات المتحدة الأمريكية، بينما تزداد الأعباء الناتجة عن عدم الاستقرار في الإقليم، ويزداد ارتباط الإقليم بالشرق.(بيان صحفي)
قم بكتابة اول تعليق