أنا كتبت منذ سنوات بأن حكومتنا هي الارهابي رقم واحد. الراعي الحقيقي للارهاب ومموله، ليس على مستوى الكويت فقط. ولكن على المستوى الاقليمي، بل والعالمي ايضا. منذ ان تحالفت السلطة مع المجاميع القبلية والدينية بعد حل مجلس الامة سنة 1976 وما يسمى بالعالم الاسلامي «معفوس». طبعا ليست حكومتنا وحدها، لكنها كانت وربما لا تزال الممول الاكبر. لقد قاد «الرئيس المؤمن» انور السادات باموال البترودولار الردة الدينية، وتمكنت هذه الردة من زرع القلاقل والفتن في افغانستان وبقايا يوغسلافيا والشيشان والفلبين واندونيسيا واليمن والصومال واخيرا سوريا.
لاشك ان «الصحوة» او الدعوة الدينية التي تضخمت مع هزيمة 1967 من قبل اسرائيل للناصرية وعموم حركة التحرر العربية، ثم انتصار «الرئيس المؤمن» وبقية الدول «التقليدية» في حرب اكتوبر 1973 قد كانت عامة. اقليمية وربما عالمية ايضا، فقد لاحظ او زعم الكثيرون ايضا وجود صحوة او ردة مسيحية في الولايات المتحدة قبيل عهد الرئيس ريغان، لكن هذا كله لا يعني ان حكومتنا او النظام هنا بمجمله لم يلعب الدور الرئيس في الردة او الصحوة الدينية. بغض النظر عن التزعم الاخير لبن لادن «السعودي» وتنظيم القاعدة للارهاب، فان الواضح ان مجمل التطرف كويتي المنشأ، بدأ مع اخوان الكويت وسلفييها الذين عاثوا في الدنيا فسادا.
الان السلطة تورطت في «البعبع» او المارد الذي اختلقته. لا تستطيع، او ربما بدقة اكثر، لا تملك جرأة الفكاك من اسره وليس من مصلحتها على الاطلاق استمرار عنفوانه وتجبره، خصوصا بعد ارتباطه او قيادته لما يسمى بـ«الربيع العربي». الغريب هنا ان الحكومة تجتهد لمكافحة الارهاب الديني في مصر. وتدخل في عداء سافر معه، في الوقت الذي لا تزال تهادن فيه الاخوان والسلفيين داخل البلد. بل تدافع عنهم وتختلق الاعذار والحجج لتبرئة ما يسمى بالعمل الخيري الكويتي.
ان المجاميع الدينية تحتضر، بل يتكشف عجزها في مواجهة تكنولوجيا وظواهر العصر الحديث. لكنها لا تزال تزدهر وتفرخ في الكويت، ولا تزال حكومتنا لابسة العمامة في دعم واضح ومستمر للمجاميع الدينية او على الاقل في هدنة معها.
***
بعد اعصار «كاترينا»، الذي اجتاح ولاية لويزيانا في الولايات المتحدة، تبرعت الكويت بنصف مليون دولار لمساعدة الضحايا. كان هذا واجبا واقل تجاه الولايات المتحدة وشعبها، الذي ساهم في تحريرنا ولا يزال يساهم في مواساة الكثير من الضحايا حول العالم. آخرها المساهمة الاميركية الكبرى في مساعدة ضحايا «تيفون» الفلبين الاخير. اللافت للنظر هنا ان الكثير من الدول ساهمت ماليا وعسكريا وانسانيا في مساعدة ضحايا الفلبين. الامارات العربية المتحدة مثلا ساهمت بعشرة ملايين دولار لمواجهة الكارثة. دولة الكويت ثلاثة ارباع بنيها في الاونة الاخيرة ترعرعوا ونموا على يد فلبينيات، خدمنهم وربينهم وساعدن اهلهم من كبار السن…الا يستحق شعب الفلبين او امهات ابنائنا الحقيقيات بعضا مما افاض الله به علينا!
عبداللطيف الدعيج
المصدر جريدة القبس
قم بكتابة اول تعليق