أحمد الجارالله: مبادرة صباح الأحمد التاريخية

بماء الذهب سيسجل تاريخ مجلس التعاون لدول الخليج العربية مبادرة صاحب السمو الامير الشيخ صباح الاحمد لتنقية أجواء البيت الخليجي التي أعادت تصويب أمور اعتادها العالم, ولعقود عدة, من منظومة أثبتت في كل المراحل, وخصوصا الحساسة منها, انها مضبوطة الايقاع على خدمة المصالح العليا للشعوب الخليجية, وحتى اذا سمع أحيانا عزف نشاز, فهناك مبادرات بوزن مبادرة رائد الديبلوماسية العالمية, تعيد دوزنة الايقاع.
التاريخ, أيضا, سيسجل تجاوب خادم الحرمين الشريفين الملك عبدالله بن عبدالعزيز مع المبادرة, فهذه القامة العربية والاسلامية الكبيرة حريصة دائما على لمّ الشمل العربي والاسلامي, فكيف اذا كان المسعى يتعلق بأمر البيت الواحد الساعي الى وحدته خادم الحرمين الشريفين؟
قمة الرياض المصغرة سدت الذرائع بوجه المراهنين على تفرق اليد الخليجية القابضة على سيف حماية مصالح دول وشعوب المنطقة, وردت خناجر الفتنة والمكائد المحاكة في ليل التسويات الدولية الى نحرها, وأثبتت ان هذا البيت مبني على اسس صلبة لا يمكن لأحد مهما كبرت قوته ان يزعزعها.
في مقابل هذا أيضا تحسب لأمير قطر الشيخ تميم بن حمد آل ثاني روح الانفتاح والحرص على وحدة الموقف الخليجي التي أظهرها في تجاوبه مع المبادرة التي تعني في الحسابات الدولية بداية مرحلة جديدة مغايرة تماما لما ظهر عليه الموقف الخليجي من ملفات كبرى اعتبرتها بعض الدوائر الاقليمية فرصة لتعزيز حضورها الأمني والسياسي في الاقليم, وتغيير الخريطة السياسية للمنطقة.
لقد أسقطت مبادرة سمو الأمير الشيخ صباح الاحمد حسابات دوائر مشبوهة توهمت قدرتها على الصيد في الماء العكر بين أبناء البيت الواحد, وفاتها أنها كانت تنظر بعين كليلة الى هذا النبع الصافي أو أنها لم تتعلم من التجارب الماضية التي أثبتت ان هذا النوع من الرهانات خاسر منذ البدء, فالماء الخليجي, حتى اذا شابه بعض التعكير في وقت من الاوقات, سرعان ما يعود الى نقائه لأنه يجري في نهر المصير الواحد الذي بذلت في سبيله الدماء والتضحيات الكبرى.
يشهد العالم ان سمو الأمير الشيخ صباح الاحمد هو صاحب المبادرات التي أطفأت حرائق كبرى في العديد من الدول, فكيف اذا استشعر التباسا في تفسير بعض المواقف وخصوصا في ظل الحديث عن مخططات جديدة ترسمها قوى كبرى في العالم للمنطقة أطلقت على هامشها تحليلات وعنعنات كثيرة عن مستقبل الخليج, وكأنه أرض بلا شعوب ودول غير مستقلة ولا قادرة على تقرير مصيرها بنفسها, وتحديد أولويات مصالحها وفرضها على العالم, كما كانت الحال في أوائل ثمانينات القرن الماضي حين اجتمع قادة الخليج تحت مظلة “مجلس التعاون” وواجهوا معا كل الازمات التي تعرضت لها دولهم.
هذا هو الخليج العربي, قادة يدركون مصالح شعوبهم ويسهرون على خدمتها, ولا يتوانون لحظة عن بذل الغالي والنفيس في سبيلها, لأنهم قادة جبلوا على السعي الى خير تلك الشعوب.
أحمد الجارالله

المصدر جريدة السياسة

قم بكتابة اول تعليق

Leave a Reply

لن يتم نشر بريدك الالكتروني في اللعن


*


هذا الموقع يستخدم Akismet للحدّ من التعليقات المزعجة والغير مرغوبة. تعرّف على كيفية معالجة بيانات تعليقك.