اعتبر عدد من المحللين السياسيين الامريكيين ان الاتفاقية النووية بين دول مجموعة (5+1) وايران “تطور إيجابي لكل من الولايات المتحدة وإيران” مؤكدين ان الاتفاق مجرد “بداية لعمل طويل وليس هو النهاية”.
وذكر المحللون في تصريحات متفرقة لوكالة الانباء الكويتية (كونا) ان هذه الاتفاقية “صفقة” تهدف الى تحقيق تقدم ايجابي وهناك الكثير من الخطوات الاخرى متفقين على انه لا يمكن قبل نحو ستة أشهر القول بأنها حققت تحولا تاريخيا في “العلاقة العدائية” بين الجانبين.
وقال غاري سامور الذي تولى العمل في مجلس الامن القومي للولايات المتحدة في الولاية الاولى للرئيس باراك اوباما والمنسق السابق للبيت الابيض لمراقبة التسلح وأسلحة الدمار الشامل ان الاتفاق الاخير “هو في الأساس (مجرد) هدنة”.
واضاف سامور ان دبلوماسية الولايات المتحدة وإيران متباعدة جدا لوضع اللمسات الأخيرة على صفقة في أقل من عام لأن هذه خطوة اولى لكنها وضعت الأساس لإجراء محادثات في المستقبل معتبرا ان الاتفاق وضع من اجل “ركل القضايا الصعبة على الطريق”.
وقال “أنا أضمن انه سوف تنشأ قضايا تنفيذية كبرى ستسبب اتهامات متبادلة بسوء النية”.
واعرب عن اعتقاده بان على “الإيرانيين ان يضعوا في اعتبارهم انه إذا لم يحدث تقدم في الأشهر الستة المقبلة فإن طهران ستواجه مجددا إعادة فرض العقوبات” قائلا ان “المفاوضات ستكون صعبة”.
وشدد على ان الاتفاق الاخير محطة جيدة لبدء تلك المفاوضات التفصيلية.
ورأى سامور ان هناك ثلاثة أهداف يعتقد انها ضرورية لتحقيق الاتفاق النهائي الشامل مع إيران بشكل يمكن من حماية حلفاء الولايات المتحدة في المنطقة.
واعتبر ان عملية وقف تخصيب اليورانيوم ووصوله الى نقطة الصفر هدف لا يمكن تحقيقه لكن يمكن الوصول الى هدف “تخصيب محدود”.
وقال ان الإيرانيين قطعوا شوطا طويلا في مجال تأسيس قدرات السلاح النووية والحصول على جميع ما نريده سيكون امرا صعبا للغاية في الاتفاق النهائي.
اما الهدف الثاني والمتعلق بمفاعل (اراك) الايراني النووي فان سامور يرى انه لا بد من وقف العمل بهذا المفاعل من أجل القضاء على أي شك فيما يتعلق بطموحات إيران النووية.
وحول الهدف الثالث وهو التركيز على الكشف عن المرافق السرية قال عنه ان “ايران قد تحاول بناء منشآت سرية” جديدة لذا “يجب أن يتضمن أي اتفاق وجود آليات تحقق قوية ووسائل مراقبة مشددة”.
واردف قائلا “اذا اردنا ضمان قوة الاتفاق يجب أن نتوصل الى اتفاق مؤقت آخر كخطوة ثانية يضمن التزام ايران في غضون بضع سنوات”.
من جانبه قال الباحث السياسي في مركز ويلسون مايكل أدلر ان الاتفاق الذي تم توقيعه في جنيف السبت الماضي مجرد “اتفاق مبدئي”.
بيد ان ويلسون كان اكثر سخاء من سامور في التنويه بالجهود الدبلوماسية التي قامت بها دول مجموعة (5+1) مشددا على ان الاتفاق “خطوة أولى مدهشة” على الرغم من انه ليس “نهائيا لكنه وسيلة”.
وقال “من الجانب الإجرائي فإن هذا الاتفاق انجاز” والمفاوضات المقبلة هي الأساس معربا عن اعتقاده “انه بدون هذا الاتفاق سيكون هناك مزيد من العقوبات ما قد يؤدي إلى الحرب”.
واعترف أدلر بان هناك “الكثير من القضايا” الشائكة ستطرح للتفاوض بين الولايات المتحدة وإيران مع اقتراب المحادثات التفصيلية مستدركا انها “بداية جديدة”.
ولفت الى ان “اجواء المحادثات كانت جيدة ولم يكن هناك تهديدات بالانسحاب” من المفاوضات منوها بدور الممثلة العليا للسياسة الخارجية والامنية بالاتحاد الاوروبي كاثرين اشتون وبوزير الخارجية الايراني جواد ظريف الذي كان “يتحدث لساعات” و”يساوم على التفاصيل”.
واكد ان المفاوضات هي “السبيل الوحيد الذي يمكن من خلاله التوصل إلى اتفاق”.
ومضى الى القول “أما بالنسبة للشروط المثيرة للجدل في الاتفاق حول حق ايران في تخصيب اليورانيوم فانها على الرغم من انها لم تكن واضحة بشكل صريح في الاتفاق فهي ضرورية لدفع الإيرانيين بعيدا” عن برنامجها النووي.
بيد ان سامور قال “لا يمكن أن نرى تفاهمات كبيرة جدا خلال ستة أشهر لكن في المرحلة الثانية من المفاوضات قد يحصل الاتفاق”.
واكد في هذا الصدد اهمية “مراقبة كيف تسير الامور الصعبة قدما الى الامام لمعرفة ما يمكن التوصل اليه لاحقا”.
واعتبر ان المناخ السياسي واسلوب المحادثات امر مهم جدا في المفاوضات المقبلة خاصة بعد نحو عشر سنوات من العلاقات “العدوانية جدا” بين الجانبين.
والمح الى ان “تغيير الحالة المزاجية لدى كل من الحكومة والشارع في إيران” موضوع مرحب به “لكن ذلك لا يغير من المصلحة الوطنية”.
وراى ان الكونغرس الامريكي لن ينقض الاتفاق “على الرغم من شعور الصقور المحموم داخل مجلس الشيوخ” نحو ايران.
وعما اذا ستكون هناك فترة انتظار محتمل لمعرفة ماذا ستفعل ايران في المرحلة المقبلة يعتقد البعض أن أحد الامور الفعالة هو التوصل الى اتفاق مؤقت آخر ومع ذلك يجب الا يكون التركيز على هذه الناحية.
من جهته قال أستاذ العلاقات الدولية في جامعة هارفارد المتخصص في السياسة الخارجية ستيفن والت ان “البرنامج النووي الايراني ليس في الواقع القضية الحقيقية”.
واضاف والت وهو محلل سياسي في مقالات متخصصة ان “القضايا الأكثر أهمية هي علاقة إيران المستقبلية مع العالم الخارجي وما إذا كان الاتفاق يمهد الطريق لإعادة إدماج هذا البلد في الاقتصاد العالمي والمجتمع الدولي على نطاق أوسع”.
وتابع “مصالح امريكا تتقدم بشكل أفضل على المدى الطويل من خلال مساعدة ايران على إعادة الاندماج بالمجتمع الدولي” معتبرا ان ذلك من شأنه تعزيز القوة المعتدلة هناك.
غير ان غاري سامور ينقض ذلك بان هذا “هو المستقبل البعيد” وما يجري الان هو مجرد ارساء للقواعد الاساسية لتحقيق الاهداف لكن الامر الجيد في “هذه الصفقة انخفاض نسبة خطر الحرب وإنتاج ظروف دبلوماسية” يمكن ان تحدث تغييرا في فترات لاحقة.
قم بكتابة اول تعليق