حضرت يوم السبت 23 نوفمبر الاجتماع السنوي لمنتدى الطاقة العربي وتمتعت، واستفدت، من المداخلات والحوارات التي جرت حول قضايا النفط.. وقد تركز الحوار حول مسألة التطورات الراهنة والمتوقعة للإنتاج من النفط الصخري والغاز الصخري والتأثيرات المتوقعة على سوق النفط، سواء ما يتعلق بالإمدادات أو الأسعار. وقد بينت الإحصاءات والبيانات الحديثة أن إنتاج النفط في الولايات المتحدة أخذ بالإرتفاع لدرجة أصبحت الإمدادات المحلية تزيد على المستورد من النفط الخام. كما أوضحت احدى الأوراق المقدمة في الاجتماع أن الولايات المتحدة باتت مصدرة صافية للمنتجات النفطية.
التساؤل المطروح هل يمكن أن يكون الإنتاج من النفط الصخري والغاز الصخري قابلا للإستدامة؟ ثم ما هي التكاليف المتوقعة لعمليات الإنتاج، وما هو مستوى الأسعار المقبول لتحقيق نتائج اقتصادية مواتية من الاستثمار في عمليات التنقيب والإنتاج؟
لا شك أن تطور التقنيات الحديثة في الصناعة النفطية، خصوصاً عمليات التنقيب والحفر قد مكنت من تحقيق نتائج ملموسة خلال السنوات والشهور الأخيرة. ويقدر حجم الإحتياطي من النفط الصخري Shell Oil في الولايات المتحدة بحدود 50 مليار برميل، وإن كان هناك من يشك في هذا التقدير ويزيد بالزعم أنه من الصعب تقدير الإحتياطيات الطبيعية من النفط والغاز في الحقول الصخرية. مهما يكن من أمر فإن مسألة الإنتاج من النفط الصخري أو الغاز الصخري أصبحت ممكنة نظراً لارتفاع الأسعار وتطور التقنيات المستخدمة في الإنتاج. ويرى بعض المختصين أن الأسعار إذا استمرت على مستوياتها وظلت تزيد على السبعين دوراً للبرميل فإن الإنتاج سيكون مجدياً اقتصادياً. لكن هناك من يرى أن الإنتاج قد يكون مجدياً حتى في حال تراجعت الاسعار إلى ما دون ذلك نظراً لاحتمالات تطور كفاءة الإنتاج.
المسألة الأخرى التي اثيرت في الاجتماع هي ما يتعلق بمكانة منظمة الأوبك في حال تمكنت البلدان المنتجة من خارج الأوبك، مثل الولايات المتحدة أو كندا، من رفع طاقاتها الانتاجية على مدى السنوات القادمة، وهل ستستمر بالاحتفاظ بحصتها التقليدية في سوق النفط وتزود الأسواق بما لا يقل عن 30 مليون برميل من النفط يومياً؟ هناك من يرى أن الأوبك تمكنت في أزمات سابقة مثل أزمة 1966 وأزمة 2008 من التفاعل مع معطيات السوق، وتحدت المشاكل وعملت على تماسك الأسعار بعد اتخاذ قرارات مثل تخفيض الانتاج. كذلك أقر إقتصاديون بأن عددا من بلدان الأوبك، خصوصاً في منطقة الخليج العربي، يمكن أن تزيد من الإنتاج وبما يؤدي إلى خلق منافسة حادة لهذه المنتجات المستجدة. هذه مقترحات قد لا تكون عملية أو قابلة للإقرار من دول الأوبك.
من جانب آخر لابد أن نؤكد أن بلدان الخليج تصدر نفوطها إلى البلدان الأسيوية والتي تستحوذ على 55 في المائة من الصادرات النفطية الخليجية، وليس من المقدر أن تصبح البلدان المنتجة للنفط الصخري أو الغاز الصخري ذات حضور في الأسواق الآسيوية في المدى القريب. غني عن البيان أن سوق النفط على مدى العقود الطويلة الماضية قد مر بأوضاع متنوعة ومتناقضة وشهدت الأسواق صعود وهبوط الأسعار، لكن أوبك التي تأسست عام 1960 كانت لاعباً أساسياً ومهماً في كل الأحوال، وربما ستظل خلال السنوات القادمة بالرغم من المتغيرات التي شهدتها البلدان المنتجة المنضوية تحت لوائها.
عامر ذياب التميمي
باحث اقتصادي كويتي
ameraltameemi@gmail.com
المصدر جريدة القبس
قم بكتابة اول تعليق