البنك الدولي: مطلوب سياسة وطنية شاملة للأراضي

خرج خبراء العقار والخبراء الدوليون في اليوم الثاني للندوة التي نظمتها وزارة المالية بالتعاون مع البنك الدولي تحت عنوان «نحو ادارة فعالة للأراضي لتحقيق التنمية والنمو الاقتصادي» بمجموعة من التوصيات أبرزها يتعلق بضرورة إنشاء هيئة مستقلة لإدارة أراضي أملاك الدولة وتعديل القوانين المطلوبة لتفعيل العمل بها، على أن يتم الاشراف على التنفيذ من قبل مجموعة واسعة من الجهات المعنية تشترك في صياغة مشروع السياسة الوطنية للاراضي، ونشر هذه السياسة ومتابعة تنفيذها.

وقالوا ان 45% من قيم المشروعات التي تنفذها الدولة يمكن توفيرها من خلال توفير قاعدة بيانات شاملة تضم كل المعلومات عن أراضي أملاك الدولة.

في الجلسة الاولى للندوة التي ترأستها نائب رئيس اللجنة الوطنية لتنسيق وتسيير نظم المعلومات الجغرافية في الكويت ماجدة النقيب، والتي اشارت الى ضرورة مواجهة المشاكل والتحديات الاساسية في ادارة معلومات الاراضي عبر مشاركة التجارب الدولية في مجال نظم البيانات المكانية الوطنية والسياسات الداعمة، بالإضافة الى تقديم الانشطة الراهنة للجنة الوطنية لتنسيق وتسيير نظم المعلومات الجغرافية بالكويت.

واضاف رئيس مجموعة GPC مارك سورسن قائلا «ان هناك عددا متزايدا من القوى المتقاربة التي تشير الى اننا نقترب من حقبة جديدة لإعادة النظر الى البنية التحتية للبيانات المكانية لتتحول من اطار تبادل المعلومات وخدمات التطبيق الى طريقة جديدة للتطلع الى الحكومة واشراك الجمهور».

ولخص في عرضه التوضيحي موجزا للخبرات الواقعية لتطبيق «البنية التحتية للبيانات المكانية» في منطقة الشرق الاوسط وخارجها وافكارا حول الاتجاهات والفرص والابتكارات المحققة لأبعاد جديدة محتملة من «الرشد الجغرافي» في المجتمع، عارضا لتجربة ابو ظبي، حيث كانت كل وزارة لا تثق بمثيلتها من الوزارات، وكان هناك تخوف من اطلاع الجهات الاخرى على البيانات الداخلية لكل وزارة، الامر الذي تم القضاء عليه مع تنفيذ البوابة المركزية التي تم خلالها التنسيق والترتيب بين معلومات كل وزارة وعندما تم عرض البرنامج، الشيخ محمد بن راشد ال مكتوم اتخذ قرارا بالزامية تجميع البيانات، حيث اصبح هناك اليوم نحو 270 مشروعا يتم فيها استخدام معلومات البنية التحية للبيانات في ابو ظبي.

وخاطب الجهات الحكومية المعنية بادارة الاراضي في الكويت قائلا «ان التغير قادم لا محالة وعلينا الاختيار اذا كانت الكويت ستتغير نحو الافضل ام لا»، مشددا على ضرورة ان تبحث جهات الدولة عن الريادة.

نظم المعلومات

واكد ممثل لجنة نظم المعلومات الجغرافية الوطنية الكويتية ومستشار البنك الدولي جاسم العلي في عرضه تحت عنوان «واقع المعلومات المكانية بدولة الكويت» على اهمية نظم المعلومات الجغرافية من التقنيات والنظم المهمة لتقديم المعلومة الدقيقة الصحيحة لمتخذ القرار، حيث ان لهذه النظم دورا فعالا في تحسين الخدمات الحكومية وتبادل المعلومات المكانية والوصفية ما بين مؤسسات الدولة مما يجعل الوصول الى المعلومات المكانية اكثر سهولة بالنسبة لمؤسسات ووكالات القطاع العام والخاص وكذلك المواطنين ويعزز دور الحكومة الالكترونية.

وأبدى العلي استغرابه من وجود اجراءات مشددة في تبادل المعلومات بين الوزارة المختلفة، حيث يتطلب هذا الاجراء استثناء من الوزير مباشرة، مشيرا الى ان %45 من تكلفة المشاريع الحكومية والخاصة يمكن توفيرها من خلال تبادل المعلومات بين وزارات الدولة.

واعرب عن اسفه من عدم وجود قاموس معلوماتي موحد للبيانات حتى اليوم كما انه لا توجد خريطة موحدة مستخدمة في كافة مؤسسات الدولة حيث ان كل مؤسسة لديها معلومات تختلف عن الاخرى اضافة الى توافر الكثير من البيانات غير المستغلة مما يتسبب في صرف مبالغ باهظة تقدر بالملايين من الممكن توفيرها في حال وجود قاعدة مركزية للمعلومات.

وطالب بضرورة القضاء على عدم الثقة بين المؤسسات وجمع كافة المعلومات التي لها علاقة بادارة اراضي املاك الدولة تحت سقف واحد وان تكون هناك رؤية مؤسسية استراتيجية لكافة اعمال الوزارات.

المخطط الهيكلي

ومن جانبه، اكد مدير ادارة التخطيط الهيكلي في بلدية الكويت سعد المحيلبي في عرضه تحت عنوان «مشروع المخطط الهيكلي لدولة الكويت» على ان المخطط الهيكلي يعتبر الدستور التخطيطي الحضري الذي يرسم سياسة الدولة بشأن التطور العمراني المستقبلي ويترجم الرؤية المستقبلية السياسية والاقتصادية والاجتماعية على ارض الواقع فهو مشروع دولة تتشارك فيه وزارت الدولة والهيئات الحكومية ومؤسسات المجتمع المدني مجتمعة لتستكمل تنفيذه حتى تحقق العناصر المهمة لأي مجتمع وهي الارض والمرافق والخدمات وفرص العمل. كما تمكن اهميته انه يخطط لمشاريع مهمة بالامكان تنفيذها بالتنسيق مع وزارات الخدمات ذات الصلة ليحفظ ويراعي التوقيت الزمني بما يحقق توفير الجهد ومال.

وزاد المحيلبي ان المؤشرات الحالية للمخطط الهيكلي لعام 2030 كشفت عن وجود خلل، حيث انه من المتوقع ان يزداد عدد السكان وفقا للمخطط من 5.368 ملايين نسمة الى ما يفوق 6 ملايين نسمة وهو فارق كبير يحتاج الى اعادة نظر في بعض الخدمات التي سيتم تقديمها مستقبلا.

وكشف عن ان المنطقة الحضرية حاليا في خطر نتيجة التشبع في المنطقة ذاتها مع حدوث زيادة في عدد السكان بها بما يقارب مليون نسمة وهو ما سعى المخطط الى معالجته عبر تقسيم الكويت الى 7 مناطق ادارية وتطويرية بهدف تحقيق التنمية المستدامة اقتصاديا واجتماعيا.

تحديات القطاع

وتناولت الجلسة التالية عرضا للتحديات التي تقف أمام قطاع الاراضي في الكويت والعناصر الأساسية لخارطة طريق مقترحة، حيث استعرض مستشار البنك الدولي روبن ماكلارين بداية التحديات التي تواجه النظام الراهن قائلا انه لا يعمل بالكفاءة المطلوبة، مشيرا الى غياب رؤية وسياسة شاملة لقطاع الأراضي، فضلا عن ان النظام المؤسسي معقد للغاية وتتسم كوادره بضعف شديد، والمعلومات عن الأصول من أراضي الدولة غير مكتملة وان أكثر من 100 الف طلب على قائمة انتظار السكن، بالاضافة الى عدم إشراك القطاع الخاص بشكل فعال في عملية التنمية.

وطرح ماكلارين تساؤلا حول كيفية ان نجعل النظام يعمل بكفاءة، وأين ستكون الكويت خلال مدة من سنة الى 5 سنوات؟

واكد ماكلارين ضرورة البدء في تنفيذ عدد من الإجراءات مثل زيادة الحوكمة في هذا القطاع واحداث التغيير فيه، لاسيما بعد موافقة مجلس الوزراء على تشكيل فريق عمل سيعمل على صياغة السياسات لقطاع الاراضي ووضع الاستراتيجيات.

وتطرق ماكلارين الى طرح أهداف قصيرة وطويلة المدى لمشروع اراضي الدولة ركزت على ضرورة وضع شروط مفصلة لفريق العمل المخصص بالاراضي والتركيز على بناء توافق في الآراء والمصادقة، بالاضافة الى مناقشة الاجراءات بدلا من تطوير المقترحات، وتوسيع نطاق عضوية فريق العمل المختص بالاراضي، وتوثيق العلاقة مع نماذج مختلفة مثل دبي، وادماج المبادرات الحالية لتقديم خدمات الكترونية ذات قيمة أعلى.

أما الاهداف متوسطة المدى قال ماكلارين انها تبدأ بسياسة الاراضي الوطنية التي تشمل بدء وتشكيل العناصر ذات الأولوية في السياسة الوطنية للاراضي، وكذلك تحليل جانب العرض والطلب من سوق الاراضي للوصول الى مقاييس أفضل. وتمثلت الاهداف طويلة المدى في اصدار وتعديل قوانين مطلوبة لهيئة الاراضي التي قد يصعب إنشاؤها في وقت قريب، وذلك يتطلب الانشاء التدريجي لهيئة الاراضي من واقع أنشطة إدارة وتنظيم الاراضي الحالية للوزارات والجهات المختلفة، إضافة الى اشراف مجموعة واسعة من الجهات المعنية في صياغة مشروع السياسة الوطنية للاراضي، ونشر هذه السياسة ومتابعة تنفيذها.

وانتهى ماكلارين الى ماذا يمكن اعتباره نجاحا في هذا الخصوص قائلا: ان انخفاض عدد الاسر المدرجة على قائمة انتظار السكن بدرجة كبيرة، وإيجاد نظام معلومات للاراضي لدعم جميع القطاعات، مع التأكيد على إشراك القطاع الخاص مع العام. وقال ان البنك الدولي يمكن دعمه لهذه الاجندة عبر الدعم الاستثماري والتنفيذي لاصلاح التشريعات والسياسات، وايضا اعداد الدراسات التحليلية، ونظام المعلومات ومقياس العرض والطلب، واخيرا بناء الكفاءات وتبادل المعرفة.

الكويت الأخيرة خليجياً في استغلال أراضي الدولة

قال المهندس سعد المحيلبي: رفعنا جرس الانذار لمجلس الوزراء، بعد ان رأينا ان هناك توجها في عالمية ادارة الاراضي بصورة تختلف كثيرا عما هو مطبق في الكويت، مشيرا الى ان الكويت تحتل المركز السادس والاخير في استغلال اراضي الدولة على مستوى الخليج، وهذا أمر مؤسف للغاية ويكشف عن فشل حكومي.

ولفت رئيس العلاقات العامة بشركة نفط الكويت شافي محمد الحميدي ان الوضع الحالي لتنظيم الاراضي يحتاج الى رؤى جديدة لاستغلالها بشكل جيد، لافتا الى ان شركة نفط الكويت سبق ان قدمت اربعة آلاف كيلو متر للبلدية لإعداها كقسائم وجار تسليم مساحات اخرى في المستقبل.

مزايا لجذب المواطن للسكن في المناطق البعيدة

بين رئيس مجلس ادارة شركة البلاد العقارية عبداللطيف العبد الرزاق ان الاستغلال الأفضل للاراضي سيساهم في عدم هروب رؤوس الاموال من الكويت، فنحن بحاجة الى وضوح الرؤية في استخدام الاراضي بأفكار جديدة عبر الايجار طويل المدى والايجار بالتملك والشراكة بين العام والخاص وتقليص الدورة المستندية والمحاسبية.

ودعا الى ضرورة وجود عناصر جذب للمواطن للسكن في المناطق الخارجية عبر توفير مزايا اضافية يتم تنفيذها عبر خطة سريعة بين كل من مؤسسة الرعاية السكنية واملاك الدولة والمخطط الهيكلي لوضع تصور مستقبلي على المدى القصير لجذب المواطن للسكن في المناطق الخارجية.

5 خطوات مطلوبة

طرح مستشار البنك الدولي روبن ماكلارين خطة لزيادة الاستثمارات من خلال تحسين فرص الحصول على الأراضي وزيادة جاذبية ممارسة أنشطة الأعمال وذلك للاسباب التالية:

1 – رؤية واضحة لقطاع الاراضي وسياسة وطنية واضحة.

2 – توازن العرض والطلب في سوق الاراضي.

3 – زيادة إيرادات الدولة من خلال تقييمات سوقية حقيقية لعقود الإيجار.

4 – استحداث نظام المعلومات للاراضي والخدمات الالكترونية في الدولة في ما يتعلق بقطاع الاراضي.

5 – الاستخدام الامثل لأراضي الدولة من اجل تحقيق المنافع الاجتماعية والاقتصادية.

قم بكتابة اول تعليق

Leave a Reply

لن يتم نشر بريدك الالكتروني في اللعن


*


هذا الموقع يستخدم Akismet للحدّ من التعليقات المزعجة والغير مرغوبة. تعرّف على كيفية معالجة بيانات تعليقك.