اعلنت جمهورية جنوب افريقيا وفاة زعيمها السابق نيلسون مانديلا عن عمر يناهز ال95 عاما بعد صراع طويل مع المرض.
وفي كلمة مقتضبة عبر التلفزيون قال رئيس جنوب افريقيا جاكوب زوما الليلة الماضية ان بلاده فقدت بطل النضال ضد نظام الفصل العنصري واول رئيس اسود لجنوب افريقيا ديمقراطية مضيفا ان “الامة فقدت أشهر أبنائها”.
واشار الى ان بلده ستنكس اعلامها اعتبارا من اليوم الجمعة الى حين موعد جنازة مانديلا التي لم يحدد موعدها بعد.
واثر الاعلان عن خبر وفاة مانديلا بادرت عواصم العالم للتعزية في وفاة رمز هذه الجمهورية الافريقية في تاريخها الحديث.
وفي واشنطن وصف الرئيس الامريكي باراك اوباما مانديلا في تصريح له الليلة الماضية بأنه الزعيم الأكثر تأثيرا في بلاده معتبرا انه بالغ الشجاعة والأمر الجيد لأي واحد من البشر على ظهر الارض في اليوم انه عاصر تاريخه الشجاع.
وذكر بيان للبيت الأبيض ان الرئيس أوباما اتصل فور تلقيه النبأ برئيس جنوب افريقيا جاكوب زوما للتعبير عن “تعازيه القلبية” لوفاة الرئيس “المثالي”.
واضاف البيان ان اوباما عزى ببالغ الاسى في وفاة هذه الشخصية “غير العادية التي تتحلى بشجاعة ادبية ولطف وتواضع” مؤكدا انه تأثر به في حياته الخاصة فضلا عن الملايين في جميع أنحاء العالم.
وأكد أوباما خلال الاتصال أن “الشراكة القوية والتاريخية بين الولايات المتحدة وجنوب أفريقيا سوف تستمر وسوف تستمد القوة من تراث مانديلا” قائلا “طالما نحن نعمل معا لتعزيز المساواة والمصالحة وكرامة الإنسان ونسعى الى بناء عالم أكثر عدلا وازدهارا فإنه (مانديلا) سيكون سعيدا”.
وفي بيان منفصل اشاد أوباما بشجاعة مانديلا معتبرا انه لا ينتمي الى عصره فقط بل الى العصور المقبلة.
وقال “أنا واحد من ملايين لا تحصى استلهموا الكثير من حياة نيلسون مانديلا” مضيفا “خسرت الولايات المتحدة صديقا مقربا وخسرت جنوب افريقيا محررا لا يقارن وخسر العالم مصدر وحي للحرية والعدالة والكرامة الانسانية”.
وتابع أوباما الذي يعد أول رئيس أمريكي من أصل إفريقي انه عندما اطلق سراح مانديلا من السجن عام 1990 “أعطاني شعورا بما يمكن للبشر القيام به”.
واضاف “لا أستطيع أن أتخيل حياتي الخاصة بشكل كامل دون هذا المثال… وما دمت على قيد الحياة سأفعل ما بوسعي لاتعلم منه”.
وقال ان رحلة مانديلا ضد العنصرية وانتقاله من السجن الى الرئاسة رحلة كرامة لا تتزعزع في التضحية والايثار حيث ضحى بحريته من أجل الآخرين لتغيير بلاده نحو الافضل مشيرا الى انه تصالح مع اولئك الذين سجنوه والتزم بنقل السلطة.
ورأى ان البشرية جمعاء تتطلع الى مثل هذه القدوة في حياته العامة والخاصة وثورته المناهضة للفصل العنصري من أجل العدالة.
وفي نيويورك أعرب الامين العام للامم المتحدة بان كي مون عن “بالغ” الحزن لوفاة مانديلا.
وقال بان في بيان الليلة الماضية ان مانديلا “داعية لحقوق الإنسان وسجين رأي وصانع للسلام انتخب رئيسا لمرحلة ما بعد الفصل العنصري في جنوب أفريقيا ويعتبر مصدر إلهام للجميع”.
ووصف بان مانديلا بانه “كان عملاقا للعدالة ومصدر إلهام للانسانية”.
واضاف “بالنيابة عن الأمم المتحدة أتقدم بأحر التعازي لشعب جنوب افريقيا وخصوصا عائلة نيلسون مانديلا وفي الواقع عائلتنا”.
واشار الى العالم كله تأثر الى حد كبير في كفاح مانديلا ونكرانه للذات من أجل الكرامة الإنسانية والمساواة والحرية.
وقال ان مانديلا “دخل الى حياتنا بشكل شخصي عميق وفي الوقت نفسه لا أحد في عصرنا فعل المزيد لتعزيز قيم وتطلعات الأمم المتحدة” حيث “قدم مانديلا كل ما هو ممكن لعالمنا وداخل كل واحد منا لكي نحلم ونعمل معا من أجل العدالة والإنسانية”.
وقال ان القوة المعنوية لمانديلا كانت حاسمة في تفكيك نظام الفصل العنصري مشيرا الى انه رغم اعتقاله سنوات طويلة فانه لم يضمر ضغينة لاحد بل عقد العزم على بناء جنوب أفريقيا جديدة تقوم على الحوار والمصالحة.
واعتبر ان مانديلا كرس حياته لخدمة شعبه والإنسانية وقدم تضحية شخصية عظيمة في “نكران الذات والشعور العميق بالهدف المشترك”.
وفي الوقت نفسه اصدر رئيس الدورة ال68 للجمعية العامة للأمم المتحدة جون دبليو آشي بيانا مماثلا اعرب فيه “عن بالغ الحزن لوفاة رمز السلام الدولي وأحد أعظم القادة في العالم المعاصر”.
واشاد آشي بوصفه رئيسا للجمعية العامة بمانديلا معربا عن خالص التعازي لأسرته وللشعب وحكومة جنوب أفريقيا “لفقدان مهندس معماري كبير من جنوب افريقيا الجديدة”.
وفي بروكسل اعلنت دول الاتحاد الأوروبي الحزن لخبر وفاة مانديلا ل “مكافح العنصرية والفصل العنصري” معتبرة انه احد “أعظم الشخصيات السياسية المعاصرة”.
وقال رئيس المجلس الأوروبي هيرمان فان رومبوي ورئيس المفوضية الأوروبية خوسيه مانويل باروسو في بيان مشترك “هذا يوم حزين للغاية ليس فقط لجنوب أفريقيا بل للمجتمع الدولي”.
واضاف البيان ان “مانديلا كان المفتاح الوحيد في تحويل جنوب أفريقيا إلى دولة ديمقراطية كما هي عليه اليوم وهو يمثل الكفاح ضد العنصرية والعنف السياسي والتعصب”.
ومن جانبها قالت الممثلة العليا للاتحاد الأوروبي للشؤون الخارجية والسياسة الأمنية كاترين أشتون “ان مانديلا أكثر من أي شخص آخر كان موحيا لجيلي ولعالمنا”.
واضافت اشتون “اليوم نحن نحزن لموته ليس فقط لانه هزم الفصل العنصري في جنوب أفريقيا بل لانه أظهر للناس في كل قارات العالم أن القوة المعنوية للديمقراطية يمكن ان تتغلب على الطغيان”.
من جانبه قال رئيس البرلمان الأوروبي مارتن شولتز ان جنوب أفريقيا خسرت اليوم قائدا سياسيا كما خسر العالم بطلا معتبرا انه “واحد من أعظم البشر في عصرنا”.
واضاف شولتز “نيلسون مانديلا يموت اليوم لكن إرثه سوف يستمر إلى الأبد لقد كان مقاتلا شجاعا ومصدر إلهام لكثير من الناس في جميع أنحاء أفريقيا وأوروبا والعالم بأكمله”.
يذكر ان مانديلا انتخب عام 1994 ديمقراطيا كأول رئيس أسود لبلاده بعد قضاء سنوات طويلة من عمره في السجن في ظل الحكم العنصري السابق.
وحاز مانديلا الذي اعتقل لنحو 27 عاما على جائزة نوبل للسلام بسبب نضاله ومقاومته لسياسة التمييز العنصري في خمسينيات وستينيات القرن الماضي.
ولد في 18 يوليو 1918 في ترانسكي بجنوب إفريقيا وتخرج من جامعة جنوب إفريقيا بدرجة البكالوريوس في الحقوق عام 1942 وانضم إلى المجلس الإفريقي القومي الذي كان يدعو للدفاع عن حقوق الأغلبية السوداء في جنوب السنغال عام 1944 وأصبح رئيسا له عام 1951.
وفي عام 1961 بدأ مانديلا بتنظيم الكفاح المسلح ضد سياسات التمييز العنصري وفي العام التالي ألقي القبض عليه وحكم بالسجن لمدة 5 سنوات وفي عام 1964 حكم عليه بالسجن مدى الحياة بتهمة التخريب وبعد 27 عاما من السجن أفرج عنه في 20 فبراير 1990 وفي عام 1993 حاز على جائزة نوبل للسلام.
وفي 29 أبريل 1994 انتخب مانديلا رئيسا لجنوب إفريقيا وفي عام 1999 أعلن تقاعده بعد فترة رئاسية واحدة وفي العام نفسه أسس مؤسسة نيلسون مانديلا الخيرية.
قم بكتابة اول تعليق