عامر التميمي: آليات لتحفيز البورصة

ما أن أعلنت بيانات جديدة بشأن حال الاقتصاد في الولايات المتحدة خلال الاسبوع الماضي، حتى ارتفعت مؤشرات الأسواق المالية. فقد أعلن أن نسبة العاطلين عن العمل قد انخفضت إلى دون السبعة في المائة، وهو مستوى لم يتحقق إلا قبل خمس سنوات، أي قبل بداية الأزمة المالية في عام 2008. كذلك أعلنت بيانات بشأن القروض الاستهلاكية تشير إلى نمو غير متوقع خلال شهر اكتوبر الماضي، بما يعني ارتفاع درجة الثقة في الأوضاع الاقتصادية بين المستهلكين. وقد أدى الإعلان عن تلك البيانات إلى ارتفاع مؤشر داو جونز بـ 198 نقطة، وتجاوز مستوى 16 ألف نقطة، كما ارتفع مؤشر 500 S&P ومؤشر ناسداك. هكذا تتفاعل أسواق المال في البلدان المتقدمة، حيث تظل البيانات الاقتصادية الأساسية، مثل معدل النمو الاقتصادي ومعدل التضخم وأسعار الفوائد المصرفية ومعدل البطالة من أهم المؤثرات على أداء تلك الأسواق. لا شك أن تفسير ذلك التفاعل قد يهم الكثير من المتعاملين في سوق المال في البلاد. إن سوق المال في الولايات المتحدة أو أي من البلدان الصناعية المتقدمة يعتمد في ادائه على النتائج الاقتصادية الكلية ومؤشرات مختلف القطاعات. ربما يتأثر السوق، أيضا، بالعوامل السياسية، ولكن تلك العوامل لن تكون ذات أهمية إذا كانت الأوضاع الاقتصادية مريحة وجيدة. هل يمكن أن نحسب لمثل تلك المؤشرات الاقتصادية حساباً؟ وهل يمكن أن يؤثر إعلانها على أداء سوق الكويت للأوراق المالية؟
الاقتصاد الكويتي يرتبط بالإنفاق العام، ولن تكون هناك أهمية لمؤشرات البطالة أو بيانات فرص العمل الجديدة أو بيانات المساكن أو حتى مستويات أسعار الفوائد المصرفية. كما هو معلوم أن فرص العمل أصبحت تخلق دون وجود احتياجات فعلية لها، وذلك من أجل توظيف المواطنين الكويتيين، وليس للقطاع الخاص أي تأثير في عمليات التشغيل، على الأقل بشكل مؤثر، ثم هل تؤثر أسعار الفوائد على عمليات الاستثمار، في الوقت الذي تقوم الدولة بالإنفاق على المشاريع الأساسية، ويظل دور القطاع الخاص مهمشاً؟ إذاً كيف يمكن التأثير على أداء سوق الأوراق المالية؟
خلال الشهور الماضية أتضح أن أداء الشركات المدرجة كان جيداً، وبلغت الأرباح الصافية المعلنة خلال فترة الاشهر التسعة الأولى من هذا العام أكثر من 1.1 مليار دينار. رغم ذلك ظل أداء السوق متواضعاً من حيث القيمة المتداولة والمؤشر السعري أو تداول أسهم الشركات الرئيسية.
كيف يمكن تحفيز الأداء في السوق علماً بأن أسعار الكثير من الأسهم، خصوصاً أسهم الشركات ذات الأداء التشغيلي، جذابة ومتدنية؟ هناك غياب لدور المحافظ الاستثمارية واللاعبين الرئيسيين، وبطبيعة الحال يفتقر السوق إلى صناع السوق الذين يمكن أن يؤدوا دوراً مهماً في توازن السوق.
لذلك يتساءل الكثير من المراقبين والعديد من المستثمرين: هل يمكن أن تعمل هيئة أسواق المال على معالجة الآليات، بما يؤدي إلى تطوير عمليات التداول وإعادة الحيوية للسوق وتأكيد دوره كحاضنة للاستثمار في البلاد؟
صرح عدد من المسؤولين بأن هناك دراسات بشأن تأسيس شركات صناع السوق، وهناك محاولات لإنجاز عملية تخصيص البورصة. فهل ستنتهي هذه الدراسات وتنجز عملية التخصيص؟ وهل ستكون كافية لتطوير نشاط سوق الأوراق المالية وتحريره من المراوحة الراهنة؟

عامر ذياب التميمي
باحث اقتصادي كويتي
ameraltameemi@gmail.com
المصدر جريدة القبس

قم بكتابة اول تعليق

Leave a Reply

لن يتم نشر بريدك الالكتروني في اللعن


*


هذا الموقع يستخدم Akismet للحدّ من التعليقات المزعجة والغير مرغوبة. تعرّف على كيفية معالجة بيانات تعليقك.