تحولت زيارة فندق برج العرب الذي سلّط الأضواء العالمية على مدينة دبي قبل 14 عاماً، إلى حلم يسعى إلى تحقيقه الكثير من الصينيين الذين باتوا ينتقلون بسرعة من الفقر الى الثراء.
ويكفي الدخول إلى بهو الفندق المبنيّ على جزيرة اصطناعية على بعد 280 متراً من الشاطئ، لالتماس حجم إقبال الصينيين إلى هذا الصرح الأبيض الشاهق والمحكم الإغلاق بشدة إلا للنزلاء وأصحاب الحجوزات المسبقة في المطاعم، وذلك لحماية خصوصية كبار الشخصيات.
وبعد أن كان الروس يحظون بحصة الأسد لسنوات بين نزلاء الفندق، بات الصينيون يشاطرونهم المركز الأول، أو يتجاوزنهم بكل بساطة.
فندق من دون غرف
ويمكن أن تصل كلفة الإقامة في الفندق الذي لا يضم أي غرف بل أجنحة من طابقين فقط، الى 25 ألف دولار لليلة أو أكثر، مع العلم أن أصغر جناح تتجاوز مساحته 170 متراً مربعاً، وهي المساحة التقليدية لأكبر جناح في الفنادق الفخمة العادية.
وقالت هايدي هو، وهي من المسؤولين عن العلاقات مع الصينيين في برج العرب: “الصينيون يحلمون بالقدوم إلى دبي وإلى برج العرب الذي بات بالنسبة للكثيرين منهم على قائمة الأمنيات التي يجب تحقيقها قبل الموت”.
وأكدت هو، وهي صينية الجنسية: “في الصين يسمي الناس برج العرب (فندق الشراع)، وهم يرون أنه الفندق الوحيد ذو النجوم السبع”.
وغالباً ما يفضل النزلاء الصينيون الوصول إلى الفندق بواسطة المروحية التي تحطّ على منصة خاصة على ارتفاع 212 متراً، أو بواسطة سيارات “رولز رويس” التي يخصصها الفندق لخدمة نزلائه.
ويضع الفندق تحت تصرف النزلاء الصينيين خطاً ساخناً للخدمات على مدار الساعة باللغة الصينية، كما يخصص الفندق فطوراً خاصاً بالزوار الصينيين بما يراعي أذواقهم المختلفة في الطعام، في البرج الذي يبلغ ارتفاعه 321 متراً.
وقالت جمانة سويد التي تعمل في شركة متخصصة بنقل السياح الصينيين إلى العالم العربي: “الجميع في الصين يريدون شراء مقتنيات “لوي فويتون” و”هيرميس”، وأن يقيموا في برج العرب ذي النجوم السبع”.
الخصوصية الصارمة تمنع المقابلات
وليس بالإمكان إجراء مقابلات مع نزلاء برج العرب من الصينيين بسبب سياسة الخصوصية الصارمة، إلا أن تشين جي الذي أقام فيه قال: “شعرت بتحقيق أمنية كبيرة في حياتي”.
وتضاعفت بشكل كبير أعداد السياح الصينيين الى دبي في السنوات الأخيرة. وارتفع عدد السياح الصينيين الذي زاروا دبي في النصف الأول من السنة الحالية بنسبة 16% عن الفترة نفسها من العام السابق ليصل الى أكثر من 143 ألف شخص، حتى باتت مشاهد مجموعات المتسوقين الصينيين مألوفة في مراكز دبي الفخمة للتسوق.
وبعد أن كان رأس السنة الصينية يعد موسم ذروة في دبي، يتوقع أن تزداد أعداد السياح الصينيين الى الإمارة خصوصاً بعد فوزها باستضافة معرض إكسبو الدولي في 2020.
وقال سيمون زغبي الذي عمل لسنوات مديراً في قطاع التجزئة الفخمة في دبي: “الصينيون الأثرياء يهتمون كثيراً بالماركات الغالية وينفقون الكثير من الأموال لشراء الثياب والحقائب في دبي”، مضيفاً أن “السوق اعتمدت كثيراً على الصينيين خلال فترة الأزمة الاقتصادية في 2009”.
وليس هناك تصنيف معترف به يحدد مستوى الفخامة بسبع نجوم، إلا أن هذه الصفة التصقت ببرج العرب منذ أن كتبها صحافي بريطاني مع افتتاح الفندق في نهاية 1999.
النيجيريون أيضاً من أبرز نزلاء
وفي مقابلة مع وكالة فرانس برس، قال هينريش موريو، المدير العام لبرج العرب الذي تديره شركة جميرا الإماراتية، إن هذا المبنى الذي صمم على شكل شراع قارب عربي تقليدي “بني لهدف محدد هو وضع دبي على خارطة العالم وقد نجح بذلك تماماً”.
وأضاف “السوق الصينية مهم كثير بالنسبة لنا، ولكن هناك أسواق أخرى مهمة” كسوق روسيا وجمهوريات الاتحاد السوفياتي السابق، إضافة الى السوق الإفريقية. فقد بات النيجيريون مؤخراً من أبرز نزلاء برج العرب.
وكان حاكم دبي الشيخ محمد بن راشد آل مكتوم أطلق مشروع بناء هذا البرج الفريد من نوعه عام 1993 حين بدأ المعماري توم رايت من مكتب اتكينز بوضع تصاميمه الطموحة.
وافتتح الفندق عشية عام 2000، وشكّل بداية سلسلة من المشاريع الضخمة التي حوّلت الإمارة الى قطب عالمي للاقتصاد والسياحة والطيران والنقل البحري والعقارات، من هذه المشاريع خصوصاً، برج خليفة الأعلى في العالم وجزر النخيل الاصطناعية فضلاً عن العشرات من ناطحات السحاب.
والتصميم الداخلي للفندق جريء، لا بل مثير للجدل، وهو يحمل توقيع المصممة خوان تشو التي استلهمت الثقافة المحلية والعناصر الأربعة لوضع تصاميم تضج بالألوان القوية كالأصفر والأخضر والبنفسجي، وبالكثير من الذهب والأشكال والزركشة.
الحمامات مصنوعة من الموزاييك وزجاج المورانو الفاره والذهب والرخام، فيما يتمتع كل جناح بإطلالة غير محدودة على مياه الخليج الزمردية، وعلى أبراج المدينة والجزر الاصطناعية المتعددة قبالة الساحل.
قم بكتابة اول تعليق