هديل الحويل: ما الحب إلا .. عيد

بغض النظر عن اعتبارات حضارية وثقافية, وأخرى دينية أو فلسفية عقائدية, وأحيانا سياسية, يظل الاحتفاء بعيد ميلاد احدهم مصدر فرحة وبهجة تدخل نفس القيم على الحفل قبل المحتفل به, وذلك لأن الاحتفال بعيد ميلاد إنسان عزيز -بصورته البسيطة والأولية- يذكر المرء منا أن في حياته من يستحق أن يحتفل بوجوده, وبتجديد الاكتشاف هذا يتجدد إحساس الإنسان منا بأهميته وأحقيته هو الآخر بالاهتمام والاحتفاء. 

ونحن عندما نبحث في شعور طفل يدرك قرب يوم ميلاده, سنجده يشتعل حماسة كلما قرب اليوم المنشود, فيستعصي عليه أن يستسلم لنوم, أو أكل, أو لعب من دون أن يترقب ومن دون أن يحاول فك رموز الاتصال بين أبويه, فيظن أن حوارهما عن عيد ميلاده, وأن نظراتهما عن الحفل المفاجأة, وأن همساتهما عن الهدايا المخبأة, وأن إشاراتهما حول الضيوف, وذلك لأنه يشعر أن العالم يدور حوله وأن الأرض تتمركز عند لحظة بدايته, وأنه سر سعادة أبويه, وأنه عطية وهبة وجب على كل من تمتع بها أن يقدرها بأن يحتفل بها, وأن وجوده غير مسلم به, وأنه على قدر من الأهمية ما يفوق اهتمام أبيه بالنزاعات السياسية, أو انشغال أمه بأعمالها, أو تعاطي إخوته مع همومهم المدرسية, أو تلوي جديه إثر مشكلات مرضية, فيكون مرجع إحساسه هذا يختبئ وراء إدراكه الخالص ويقينه القاطع بأنه “محبوب”.
وكم سيكون العالم جميلا والناس فيه أجمل لو أجمعوا وأقسموا على أن لا يأخذوا وجودهم في حياة بعضهم البعض على أنه أمر مسلم به, فسيتذكرون حظهم السعيد من الحياة عندما اختارت لهم أن يعيشوها معا, ويحتفلوا بإدراكهم هذا ويحتفوا ببعضهم كل على طريقته, فتتجدد فيهم السعادة وترمم فيهم مشاعر حلوة قد تغطيها أشغال الحياة, وواجباتها فلا يعودوا يرونها وأحيانا ينسون أنها كانت موجودة في يوم ما.
واحدى تلك الطرق السهلة التي نذكر بها أنفسنا بأننا نحب ونهتم وأننا نستحق الحب والاهتمام هي الاحتفاء بعيد ميلاد القريبين إلى أنفسنا وقلوبنا, وهي في الحقيقة طريقة لا تضر أحدهم, لا من قريب ولا من بعيد, مهما كان التزامه الديني أو ميله العقائدي, لأنها لا تطال بأثرها أبعد من الأشخاص المعنيين في المناسبة, فتبعث بأرواحهم بهجة تسبق يوم الميلاد بأيام وتلحقه بأيام, فكأن ذلك الشهر من التقويم السنوي الذي يقع فيه تاريخ الميلاد يتلون فجأة بلون زهري, فيعمد كل واحد – لم يمت الطفل فيه بعد- إلى تخطيط مشاريعه وأعماله حول يوم ميلاده الزهري, فيعطي نفسه من نفسه إجازة معنوية, يسهل معها ترقب المفاجآت, وتحليل الإشارات العائلية, ورموز الاتصال الخفية بين أفراد العائلة, فيتذكر أنه مهم, وأنه يعيش, وأنه يسعد, وأنه يشقى وإنما لسبب, وأنه يلهث ولكن لأناس يستحقون التعب, فيكون مرجع إحساسه هذا يختبئ وراء إدراكه الخالص ويقينه القاطع بأنه “محبوب”.

h-alhuwail@yahoo.com
– See more at: http://www.al-seyassah.com/expoinc/pages/runtime/exhibitor/dsn1/ra/3/ci/3578/ni/4266?siteId=483&linkid=181&cid=233616#sthash.eQXQaeFS.dpuf

قم بكتابة اول تعليق

Leave a Reply

لن يتم نشر بريدك الالكتروني في اللعن


*


هذا الموقع يستخدم Akismet للحدّ من التعليقات المزعجة والغير مرغوبة. تعرّف على كيفية معالجة بيانات تعليقك.