مشهدان متناقضان تمام التناقض، الأول يعكس سلوكا آدميا حضاريا، والآخر يمثل سلوكا همجيا لا أخلاقيا.
شاهدنا الأول في محاكمة الرئيس المصري السابق لا الأسبق حسني مبارك والثاني في محاكمة قيادات الإخوان المسلمين في مصر.
المشاهد للمحاكمتين يتذكر كيف أنه في محاكمة مبارك ومن معه من مساعدين كان الاحترام الواجب للقضاء والإيمان بالتقاضي ووجوب الامتثال لمجريات المحاكمة اعترافا بمفهوم القضاء والعدل.
حينما نادى القاضي على حسني مبارك وهو مسجى على سرير طبي أجاب مبارك بقوله «موجود يا افندم»، وهذا أيضا ما بدر ممن معه من الذين جرت محاكمتهم.
ولست هنا بصدد الدفاع عن حسني مبارك فلقد عبرت عن موقفي المؤيد للثورة الشعبية التي قامت ضده، ولكنني بصدد تأكيد حقيقة موثقة شهد عليها الناس ممن تابعوا تلك المحاكمة التاريخية.
وعلى عكس ذلك ما جرى في محاكمة مجموعة الإخوان المسلمين من فوضى وإهانات موجهة للقاضي وسباب وشتم وأصابع ترفع في مشاهد مخلة مخجلة تدلل على عدم فهم هؤلاء المتهمين لمفهوم القضاء والتقاضي، وأن القاضي ليس خصما لمن يحاكمهم وأنه يقف في منطقة وسطى بين المتهم ومن اتهمه.
هذا الفهم الذي يعرفه الناس أجمعون لم يكن متهمو تلك الجماعة يفهمونه حيث اعتبروا القاضي خصمهم وهو من اتهمهم، أو أنهم يعرفون ما هو التقاضي وما هو دور القاضي ولكنهم لا يريدون أن يحاكموا حتى لا تنكشف أفعالهم وجرائمهم التي يحاكمون من أجلها فلجأوا الى هذا الأسلوب الفوضوي للتغطية والتعمية.
وإذا ما تركنا قاعة المحكمة وتوجهنا الى الشارع المصري نفسه نرى أيضا مشاهد متكررة، فإن كان الماثلون في القفص في المحاكمتين يمثلون النخبة كل في عهده فإن الشارع يمثل القاعدة والعامة والدهماء من الناس، لنرى كيف أن مناصري مبارك والمتمسكين بحكمه والمنضوين تحت تجمع أسموه «آسفين يا ريس» كانوا يعبرون عن آرائهم بسلمية ودون اللجوء إلى العنف والقتل والترويع، عكس ما فعل ومازال يفعل مؤيدو مرسي.
إنه الاختلاف في الفهم ودرجة الوعي والحس الوطني الذي ومع الأسف لا يتوافر لدى جماعة الإخوان المسلمين التي لا ترى للوطن وأهله من ضرورة إن لم يكونوا هم الحكام.
katebkom@gmail.com
المصدر جريدة الانباء
قم بكتابة اول تعليق