اختتمت ندوة (الكوميديا والمسرح) التي اقيمت ضمن فعاليات مهرجان الكويت المسرحي 14 اعمالها اليوم بمناقشة تجربة المسرح الكوميدي في دول الخليج العربية بمشاركة عدد من المختصين والباحثين في مجال المسرح.
وتضمن اليوم الختامي للندوة جلستين ناقشت الاولى المسرح الكوميدي في البحرين والامارات وشارك فيها كل من يوسف الحمدان وزهراء منصور من البحرين وعمر غباش من الامارات في حين ناقشت الجلسة الثانية المسرح الكوميدي في قطر والسعودية وعمان وشارك فيها الكتورد حسن رشيد من قطر وعلي السعيد من السعودية ومحمد النهاري من عمان.
وقال الباحث البحريني يوسف حمدان الذي قدم ورقة بحثية بعنوان (المسرح البحريني في غياب المشروع الكوميدي) في الجلسة الاولى ان الحالة الكوميدية في المسرح البحريني التي بدات في سبعينيات القرن الماضي لم تتمكن من دفع القارئ للتجربة الى رصد تحولاتها وتطوراتها وأنواع رؤاها ومقترحاتها الفنية والفكرية على المسرح والمتفرج معا.
واوضح ان هناك تجربتين فقط جديرتين بالوقوف والاهتمام تتمثلان في التجربة النصية في الكوميديا للكاتب المسرحي عقيل سوار والكاتب والروائي والسيناريست أمين صالح وان حظيت الأولى بفسح أكبر في حيز العرض المسرحي ذلك أنها وقفت على النموذج الشعبي.
واشار الى ان المشكلة الأكبر أن من يتبنى مشروع الكوميديا في المسرح الآن هو المنتج التجاري الذي “يعتاش على الام البشر ويسطح طموحاتهم وأحلامهم بتسذيجه للقضايا الاجتماعية والسياسية عبر الضحك على من يؤدي الدور” وليس عبر الضحك من خلال ادراك المهمة الانسانية يضطلع بها هذا المؤدي.
ومن جانبها قدمت الباحثة زهراء منصور ورقة بحثية بعنوان (التمثيل الفكاهي وصنع الكوميديا في المسرح البحريني) قالت فيها ان النشاط المسرحي في البحرين عرف كنشاط مواز للنظام التعليمي النظامي منذ بدايته عندما اختمرت فكرة تأسيس مسرح على يد البحرينيين والكادر التعليمي من الدول العربية.
ورأت ان المسرح الكوميدي في البحرين يحمل الكثير من الاشكاليات التي يرجع أسبابها الى خلط مفهوم الكوميديا والضحك مما اثر على الحركة المسرحية الكوميدية طبقا لمعايير الالتزام بالشكل الفني المعني بالشكل والمضمون أو حتى لمعايير العرض والطلب.
من جهته تطرق المسرحي الاماراتي عمر غباش بورقته التي حملت عنوان (مسرح الامارات بين الجد والهزل) الى صعوبة تقديم مسرح الكوميديا في الامارات بعيدا عن المسرح الجاد وكذلك عدم امكانية الحديث عن المسرح دون أن نعرج على مسرح الخليج والمسرح العربي وتأثير كل منهم على الاخر.
وذكر ان بدء مسيرة المسرح بالامارات كانت في العام 1948 بمسرحية (عنترة)التي قدمت في ساحة المدرسة الأحمدية بدبي وبحضور حاكم دبي انذاك الشيخ سعيد بن مكتوم ال مكتوم حيث كانت قصتها مرتبطة بأحداث وتداعيات المنطقة.
واضاف ان اول فرقة مسرحية مشهرة رسميا في الامارات هي المسرح القومي للشباب في دبي والتي باتت تسمى الان بمسرح الشباب للفنون مبينا انه مع تأسيس دولة الامارات اتخذت الدولة خطوات لتأسيس الحركة المسرحية من خلال دعوة مسرحيين عرب وخليجيين الذين ساهموا في ترسيخ بعض الاسس الاكاديمية للمسرح.
ورأى غباش ان المسرح في الامارات تميز منذ بداياته وحتى الان بالالتزام بالمسرح الجاد الذي تتخلله مواقف كوميدية مسقطة على الواقع سواء كان هذا الواقع سياسيا أو اجتماعيا.
وفي الجلسة الثانية من الندوة التي ناقشت المسرح الكوميدي في قطر والسعودية وعمان قال الكتورد حسن رشيد من قطر في ورقة بحثية بعنوان (المسرح الكوميدي في قطر) ان مسرح الكوميديا ظهر في قطر نتيجة الى عدة روافد غذت المسرح في اطاره الكوميدي مثل الاندية الصغيرة وأندية الشركات و”ليلي السمر” من خلال تقديم أعمال ارتجالية نمطية واستحضار النماذج من البيئة المحلية.
واشار الى دور التعليم الالزامي ودار المعلمين في تقديم عمل من التاريخ الاسلامي (صقر قريش) الذي ساهم في ظهور المسرح في قطر عبر اهتمام الدولة بالمسرح وظهور كيان مهم بالاضافة الى دور الاذاعة المؤثر في تكوين نواة أخرى للمسرح في قطر.
وذكر ان تاريخ المسرح الكوميدي في قطر مرتبط بنتاج الفنان غانم السليطي الذي اعتمد على موهبته وحبه للتمثيل ورسخ هذه الموهبة بالعلم والمعرفة والجهد والاجتهاد وقبل أن يخطو أولى خطواته في مجال التأليف والاخراج والتمثيل والانتاج عبر مسرحيته (عنتر وأبله).
ومن جانبه استعرض علي السعيد من السعودية في ورقة بحثية بعنوان (الكوميديا في المسرح السعودي) بدايات المسرح الكوميدي في السعودية انطلاقا من المسرح المدرسي الذي ظل لفترة طويلة هو السائد في المشهد المسرحي منذ أقدم اول عرض له والذي يعود لعام 1928.
وتطرق الى بعض التجارب المسرحية التي قدمت في مدارس عدة التي احتلت الكوميديا مساحة واسعة فيها وكذلك التجارب الفردية في الكوميديا المرتجلة مثل تجربة عبدالعزيز الهزاع في مطلع خمسينيات القرن الماضي الذي يعد رائد الكوميديا التمثيلية المرتجلة في المسرح السعودي.
وقال السعيد ان العطاء الكوميدي الارتجالي في السعودية استمر مع ظهور الأندية الشبابية والرياضية وما تقدمه من أعمال مسرحية كوميدية اجتماعية في حفلاتها و ظهور التلفزيون وانتاجها للمسرحيات المحلية.
واوضح ان انشاء جمعية الثقافة والفنون شكل بداية لظهور كوميديا مدروسة ونص مكتوب وانتهاء عصر تمثيل النص المسرحي المرتجل على الرغم من سيطرة النمط الكاريكاتوري وعدم خروج النصوص عن نطاق الطرح الاجتماعي ونقد الظواهر السلبية في المجتمع.
من جهته قال الباحث محمد النهاري من عمان في ورقة بحثية بعنوان (المسرح الكوميدي في عمان ) ان بداية دخول تجربة التمثيل الى عمان كانت من خلال المدارس السعيدية الثلاث التي كانت تقيم احتفالات لتكريم للطلبة المتفوقين دراسيا وثقافيا حيث تضمنت برامج قصيرة كالأناشيد والأغاني الوطنية التي يؤديها طلاب المدرسة وكذلك تقديم مسرحيات قصيرة.
واشار الى دور الاندية في اوائل سبعينيات القرن الماضي وتشجيعها للطلاب العمانيين داخل وخارج السلطنة لنقل مشاهداتهم للعروض من خارج السلطنة لعرضها داخليا وكذلك انشاء قسم الفنون المسرحية بجامعة السلطان قابوس لانتاج جيل من الشباب العماني المؤهل أكاديميا ليساهم في تنشيط الحركة المسرحية بالسلطنة.
وذكر ان العروض المسرحية الكوميدية استطاعت أن تقرب بين محبي هذا الفن الحديث في السلطنة خاصة في فترة السبعينيات وهي فترة بناء دولة عمان الحديثة التي كانت تقدم فيها الأندية الاسكتشات الكوميدية التي تحاكي الواقع والقضايا التي تهم المواطنين في تلك الفترة.
قم بكتابة اول تعليق