عبداللطيف الدعيج: إشاعات غبية

انتشرت في الأيام، أو بالأحرى في الساعات الأخيرة، إشاعة اعتزال سمو ولي العهد الشيخ نواف الأحمد لأسباب صحية. كما تم الادعاء بتعيين الشيخ ناصر المحمد بديلا لولاية العهد.

الأمير أو ولي العهد حسب الدستور الكويتي، لا يُعزل ولا يَتنحى ولا يُسمح باقصائه. بل إذا دعت الضرورة، فإنه بالإمكان «نقل» سلطاته بشكل دائم أو مؤقت لمن يخلفه. وهذا فقط في حالة ثبوت عدم قدرته على ممارسة صلاحياته الدستورية أو فقدانه لأحد شروط ولاية الإمارة.

وهذا بالطبع هو لحماية استقرار النظام، ولمنع القلاقل والصراعات غير الدستورية التي اشتهرت بها أنظمة الحكم الوراثية.

والسبب هنا يعود لأن في الإمكان ــ بلا هذه الحماية ــ عزل أي مسؤول او قيادي هام باعتبار أنه من اختار ذلك، بينما الواقع أنه قد يكون مدفوعا، أو ربما مجبرا بالقوة على هذا الاختيار.

لهذا السبب ربما اختار المُغْرضون الاصرار على ترويج وترديد ان المرحوم الشيخ سعد تم عزله او تنحيته. بدلا من الحقيقة الناصعة انه بسبب ظروفه الصحية «لم يعد قادراً على ممارسة صلاحياته الدستورية».

إشاعة تنحي سمو ولي العهد او الانقلاب، التي يروج لها البعض، تبدو أكثر سخافة وغباء إن نحن استذكرنا الظروف التي سبقت نقل سلطات الأمير الراحل الشيخ سعد.

إذ رغم وضوح الظروف الصحية للمرحوم الشيخ سعد التي حالت دون ممارسة صلاحياته الدستورية، فإن نقل سلطاته كما يوجب الدستور لم تطبق. وأصرت قيادات الأسرة على استمراره وليا للعهد، رغم النداءات العديدة التي اطلقها المهتمون بالشأن السياسي والالحاح الشعبي الحاد في ذلك الوقت لــ«ترتيب بيت الحكم».

رغم كل هذا، فإن قيادات الأسرة الحاكمة فضّلت استمرار الشيخ سعد في منصبه على المساس بالاستقرار السياسي لنظام الحكم. حتى بعد أن استفحل الامر وحالت الظروف الصحية، في ذلك الوقت، للأمير الراحل المرحوم الشيخ جابر الاحمد، ايضا دون ممارسة صلاحياته بشكل تام وكامل فإن امر «تنحي»، أو بالأحرى نقل سلطات أي منهما، لم يُطرح على بساط البحث من قبل الاسرة على الاطلاق. حرصا من الجميع على ثبات الحكم واستقراره.

الإشاعات او هذه الإشاعة بالذات تستهدف الاستقرار والأمن اللذين يتمتع بهما البلد. والمؤسف أنها تثار وتُروّج من قبل الجماعات ذاتها التي تدّعي الاهتمام بالمصلحة العامة والحرص الوطني. رغم أنها ــ وحتى ان نُظِر إليها بسلامة نية ــ لا تتعدى تمهيدا وتحضيرا للناس للقبول بــ«التعديات» والانتهاكات غير الدستورية لنظام الحكم.

صاحب السمو الأمير وسمو ولي العهد باقيان الى ماشاء الله، والأفضل للمغرضين وأصحاب العقول الناقصة التسلي بشيء أخفّ ضررا عليهم وعلى الأمة من موضوع الإمارة أو ولاية العهد.

عبداللطيف الدعيج
المصدر جريدة القبس

قم بكتابة اول تعليق

Leave a Reply

لن يتم نشر بريدك الالكتروني في اللعن


*


هذا الموقع يستخدم Akismet للحدّ من التعليقات المزعجة والغير مرغوبة. تعرّف على كيفية معالجة بيانات تعليقك.