إطلاق اشاعة «عزل» سمو ولي العهد أو بالأحرى الانقلاب على نظام الحكم باعتبار سمو ولي العهد – أو بالأحرى منصب ولي العهد – ركناً مهماً من اركانه، لم تأت من فراغ، وليست تعبيراً منفرداً عن القصور السياسي، الذي يتميز به قادة وساسة المعارضة الحالية، بل هي مع الاسف نتيجة ممارسات ــ كادت تصبح تقليدا ــ من الانتهاكات والتعديات الدستورية التي تفاقمت، بحيث اصبحت فكرة او اشاعة الانقلاب على نظام الحكم مقبولة ومتناسقة والاحداث السابقة، وليست دخيلة على التقليد والموروث الكويتي. المؤسف ان الانتهاكات المذكورة، التي قادت الى هذا الاستهتار بنظام البلد واستقراره بدأتها السلطة، وتولاها بعض اركان الحكم في مختلف الاوقات والمناسبات.
من المفروض ان تكون نشأت لدينا بعد نصف قرن من الممارسة الديموقراطية والحكم الدستوري تقاليد سياسية قوامها الالتزام بالدستور والاحتكام لقواعد الحكم. بعض الشعوب لديها هذا الالتزام والاحتكام لهذه التقاليد السياسية الراقية حتى من دون دستور مكتوب، واشهرها الشعب الانكليزي. نحن مع الاسف لدينا دستور مكتوب ومفسر وملزم، مع هذا جرى التعدي عليه او اهماله في اكثر من مناسبة. ونرجو الا يستكبر البعض ويدعي ان «السلطة» او اركان النظام هم اول من استن هذه الانتهاكات. فهذا غير صحيح على الاطلاق. فاكثر الانتهاكات سنتها مجاميع التخلف الاجتماعي، وعلى رأسها المجاميع الدينية، التي كان لها شرف خط اول انتهاك في المسيرة الدستورية الكويتية، عندما أصر بعض اعضاء مجلس 1970 على استفتاء مواطن المملكة العربية السعودية «عبدالعزيز بن باز» في ذلك الوقت على انشاء بنك العيون الكويتي. منذ ذلك الوقت توالت الانتهاكات والتعديات على دستور البلد وعلى النظام السياسي، وما زلت مصرا على ان مجاميع التخلف كان لها منها نصيب الاسد. سواء فيما يتعلق بالحريات والتعبير الحر عن الرأي الذي تم تقييده لمصلحة معتقدات وتخاريف البعض او الحقوق الشخصية المكفولة دستوريا، التي تم تحديدها وفقا لما تمليه المعتقدات ذاتها.
اليوم، عندما يسيطر الغباء او ربما الدهاء على البعض، وروج بثقة لما هو مستحيل، وهو عزل سمو ولي العهد او الانقلاب على النظام العام فانه مع الاسف يستند الى تاريخ طويل من الانتهاكات الدستورية، التي جعلت مثل هذه الاستحالة تبدو مقبولة.
عبداللطيف الدعيج
المصدر جريدة القبس
قم بكتابة اول تعليق