عامر التميمي: بورصة الكويت عند مفترق طرق

قد ينتهي هذا العام وتظل القيمة السوقية للشركات المدرجة في سوق الكويت للاوراق المالية بحدود 30 مليار دينار، او اكثر بقليل، ولابد ان تكون افضل مما كانت عليه في نهاية ديسمبر (كانون الاول) من العام الماضي. لكن هذا السوق المالي لم يحقق الاداء المقنع خلال هذا العام، واتسمت عمليات التداول بالمضاربة والتركيز على اسهم الشركات متدنية السعر وضعيفة الاداء التشغيلي. ولم يكن التداول على اسهم الشركات الرئيسية مثل البنوك وشركات الاتصالات وغيرها من شركات ذات اداء تشغيلي واضحا ومتوافقا مع ما حققته تلك الشركات من نتائج طيبة خلال الشهور المنصرمة من هذا العام. وتقدر الارباح الصافية للشركات، التي اعلنت عن تحقيق ارباح، خلال الشهور التسعة الاولى من هذا العام بما يربو على 1.1 مليار دينار، وهو مبلغ مهم قد يرتفع الى ما يقارب 1.5 مليار دينار، او اكثر او اقل بقليل، في نهاية العام. لكن هذه الارباح التشغيلية لم تترجم الى تداول مهم على الشركات التي اعلنت تلك النتائج. لذلك ظلت قيمة التداول في السوق متواضعة وغير مقنعة، حيث تراوحت بين 15 مليون دينار الى 30 مليون دينار يوميا خلال الاسابيع المنصرمة، بالرغم من ان قيمة التداول جاورت الستين مليون دينار في عدد من ايام السنة.

كيف يمكن ان يتم تطوير اداء السوق وتحسين المؤشرات الاساسية ومن ثم رفع قيمة الاصول المدرجة في السوق؟

هناك تحديات هيكلية تواجه السوق منها غياب المستثمرين المؤسسين Institutional investors، ولم نلحظ خلال شهور هذا العام دوراً حيوياً للمحافظ الاستثمارية وشركات الاستثمار. وقد تكون الازمات التي تواجه هذه الشركات من اهم العوامل التي عطلت دورها في سوق الكويت للاوراق المالية، حيث لا تزال مشاكل المديونية واداء خدمتها من عوامل الضعف لدى العديد من تلك الشركات. لكن لابد من معالجة اوضاع الشركات الاستثمارية وتحرير القطاع من تلك الشركات التي باتت عبئا على الشركات الجيدة او تلك التي يمكن ان تعاد هيكلتها واصلاحها او اعادة رأسملتها.

من جانب آخر لابد ان تتوافر ادوات تمويل مناسبة لعمليات اقتناء الاصول المسعرة مقابل ضمانات معقولة ومناسبة، ولذلك فإن على البنوك ومؤسسات التمويل التوافق مع بنك الكويت المركزي على آليات وادوات لتمويل عمليات الاقتناء المشار اليها. من الطبيعي الاستفادة من ما هو متعارف عليه بشأن ذلك النوع من التمويل والمتوافر في الاسواق المالية التقليدية في البلدان المتقدمة. واذا كانت السيولة من العوامل الاساسية في الاسواق المالية فإن على ادارة السوق ان تسعى لجذب المستثمرين الاجانب وصناديق الاستثمار التقليدية، وبالرغم من وجود قانون يسمح لتملك الاجانب بالاصول المالية المسعرة والمدرجة في سوق الكويت للاوراق المالية فإن الاقبال عليها مازال ضعيفاً حتى من المستثمرين في بلدان المنطقة، يتطلب الامر ترويجاً مقنعاً وخلق قناعات لدى المستثمرين بنجاعة الاستثمار في مثل هذه الاصول وانجاز تعديلات على الاوضاع الاقتصادية الهيكلية.

قد تكون عملية تخصيص السوق المالي في الاشهر القادمة من عوامل الاصلاح البنيوية في البلاد، لكن هل ستؤدي هذه العملية الى تفعيل اداء السوق وكيف؟

هذه اسئلة مهمة لابد ان تطرح على المسؤولين في الادارة الاقتصادية، ولا شك في ان هناك اهمية لاختيار افضل المديرين للسوق واتباع الاساليب المجدية، ومن المتوقع ان يكون السوق قادراً ع‍ى جذب ادوات استثمار متنوعة، بالاضافة الى اسهم حقوق الملكية، حيث يمكن طرح سندات التمويل الحكومية والخاصة، المحلية والاجنبية، وتطوير التعامل بأدوات مالية اخرى مثل الخيارات، كل ذلك يظل في حدود ما هو جار في اي سوق مالي، بيد ان المسألة المتعلقة بتفعيل الاداء تظل الاكثر اهمية وتتطلب ابتكار وسائل وادوات في الادارة والتداول بما يرفع من مستوى الاداء ويحسن من المردود على عمليات شراء وبيع الاصول المسعرة، غني عن البيان ان اوضاع السوق تتطلب اهتماماً من قبل الادارة الاقتصادية في البلاد.

عامر التميمي

باحث اقتصادي كويتي

ameraltameemi@gmail.com
المصدر جريدة القبس

قم بكتابة اول تعليق

Leave a Reply

لن يتم نشر بريدك الالكتروني في اللعن


*


هذا الموقع يستخدم Akismet للحدّ من التعليقات المزعجة والغير مرغوبة. تعرّف على كيفية معالجة بيانات تعليقك.