عبداللطيف الدعيج: ذكاء حية وغباء ساسة

هناك تسابق وتهافت من قبل الكثير من مدعي السياسة، أو المشتغلين بها، لتعديل النظام السياسي. المتسابقون والمتهافتون، كما بينا يوم أمس، حريصون ومشغولون بالفعل في تعديل النظام السياسي، وفي الحد من سلطات الأسرة، او بالذات رئيس الدولة عند مناقشة اي مناسبة لتعديل الدستور.

وكل هذا يجري بالطبع تحت دعاوى التقدم والتصدي لما اسقمنا البعض بمضغه لسياسة وممارسات «النهج العشائري» الذي تتصف به وتصرّ على ممارسته السلطة. إن سلّمنا بهذا، وفيه بعض الصحة، فهل نهج السلطة هو الوحيد المعادي للتنمية ولحركة التقدم، بل هل هو النهج الأكثر خطورة؟!

لا يمكن لصاحب عقل إلا أن يستغرب هذا الاندفاع في انتقاد السلطة، وفي الوقت ذاته هذا الخنوع أو غض وصرف النظر عن العوائق والبنى القديمة والعتيقة، التي هي صاحبة النصيب والأثر الأكبر في تعطيل التنمية، وفي زرع العوائق في المسار التنموي والتقدمي. كما لا يمكن أيضا القبول بهذه المهادنة، بل في الواقع، المشاركة والتحالف مع المجاميع الرجعية التي لديها نزعات واضحة ومعلنة في معاداة التحرر وفي التصدي للتقدم ولكل تنمية سواء سياسية او اجتماعية؟ كيف يمكن لذي عقل تقدمي وديموقراطي أن يؤمن بأن إبطال الانتخابات الفرعية والمدافعين عن حق إجرائها من الممكن أن يؤمنوا بحق وحقيقة في العمل السياسي الديموقراطي المعزول عن ثقافتهم وانتمائهم الاجتماعي.

أذكر في بداية الخمسينات، أيام الروضة، أي ما يعادل المرحلة الابتدائية هذه الأيام. كان لدينا في كتاب المطالعة قصة عن صاحب حقل أراد أن يقتل الحية التي تسكن حقله. هوى عليها بالفأس، لكنه أخطأ وترك أثرا على الجحر. الحية خافت ولزمت جحرها مما أدى إلى تكاثر القوارض والحيوانات التي أتلفت محصول صاحب الحقل. هذا الذي لم يجد بداً من مصالحة الحية ومراضاتها. رد الحية كان بسيطاً وعفوياً… كيف أأتمنك وهذا أثر فأسك؟

بعض ديموقراطيينا ووطنيينا مأخوذون بالمجاميع الرجعية ومفتونون بعملها السياسي، لا لشيء إلا لأنها تدّعي المعارضة وربما أيضا الحفاظ على المال العام. لكنهم ينسون أنها من كان لها فأس وفؤوس، ليس على مساكننا أو مؤسساتنا، بل على رؤوسنا، وقضايانا التي همشت وأعدمت.

عبداللطيف الدعيج
المصدر جريدة القبس

قم بكتابة اول تعليق

Leave a Reply

لن يتم نشر بريدك الالكتروني في اللعن


*


هذا الموقع يستخدم Akismet للحدّ من التعليقات المزعجة والغير مرغوبة. تعرّف على كيفية معالجة بيانات تعليقك.