الحية الفطنة لم يعمها معسول الكلام أو ادعاءات الحرص والطيبة عن اثر فأس الفلاح ومحاولته شق رأسها التي انجاها الله منها. بعض أو معظم وطنيينا ومدعي التقدمية والديموقراطية هنا لا يملكون، مع الاسف، هذه الفطنة. فهم أعمتهم اشاعات الفساد ومزاعم سرقة بعض ملايين ما يسمى بالمال العام عن آثار الدمار الحضاري والتخريب الاساسي للتنمية والتقدم اللتين اضطلعت بهما مجاميع الردة والتخلف السياسي والاجتماعي التي انقادوا خلفها، بل وسلمها بعضهم قصب الريادة والقيادة للعمل الوطني الديموقراطي.
أعمت اشاعات سرقة المال العام واقاويل الفساد الكثيرين مع الاسف عن محاولات مجاميع الردة في خنق الحريات الشخصية والسياسية، بل نجاحها في السنوات الاخيرة في تقييد حرية التعبير واستلاب حريات الناس والتدخل العنيف في حرياتهم الخاصة. نسي الكثير منا ممارسات وسلوكيات العجب العجاب التي مارستها مجاميع الردة بـ«شفافية» ومثابرة، من منع الشيشة الى اعدام المسيء لأي من «ثوابتها» وعقائدها الثابتة أو المزعومة.
بالامس تحت دعاوى «إلا الدستور» سرقوا حرياتنا وتصدوا لتقدمنا. واليوم يشتد عودهم ويقوى بأسهم وتحت شعارات الحكومة الشعبية بل وتداول السلطة يجتهدون للانقضاض على ما فاتهم تخريبه أو هدمه بالامس. والعجب العجاب ايضا انهم يجدون من يصدق، بل ويصفق، ويتبعهم -معميا بمزاعم الفساد ودعاوى حماية المال العام- عن حقيقة الخطر الذي يمثلونه كمجاميع الردة الاجتماعية والدينية.
كيف لمن حرص في اول تفوق نيابي له على اعدام من يشكك في مزاعمه أو حتى يتساءل عن حقيقة وصدق رواياته وحتى خزعبلاته التاريخية، كيف له ان يكون «ديموقراطيا» ومؤمنا صلبا بتداول السلطة.! كيف نقبل نحن أو حتى نتفهم اننا بعد اجتهادات الغاء عقوبة السجن في الرأي نبصم على اعدام من يسيء الى بعض الروايات والمزاعم التاريخية التي حشا بعضهم بها عقولنا وقلوبنا في ظل غياب العقل والمنطق وسيطرة القوة الغاشمة.
ان الديموقراطية ليست نصوصا مكتوبة وحسب، بل ممارسة وتطبيق حقيقي لحرية الرأي والمساواة والعدل بين المواطنين. ليس ديموقراطيا من يفرض رأيه بقوة القانون، سيف القانون ام سيف القصاب. وليس ديموقراطيا من لا يسمح لغيره بان يتملك السلطة أو ان يكون جزءا منها، وليس ديموقراطيا بالتأكيد من لا يترك للغير مجالا للتنفس أو التواجد وهو بالذات ما اجتهدت تاريخيا ولا تزال تجتهد مجاميع الردة الدينية في تحقيقه.
عبداللطيف الدعيج
المصدر جريدة القبس
قم بكتابة اول تعليق