عبداللطيف الدعيج: حكومة منع الشيشة

ليس هناك ما يثير أو يستحق النقاش، أو بالاحرى القلق الفعلي في بيانات كتلة المقاطعة أو الكتلة الوطنية، اللهم إلا ما يطرح عند المقاطعة، أو ما يلمح إليه عند الكتلة الوطنية من «برلمانية الحكومة». طبعا، الانتقال الى النظام البرلماني الكامل، وليس الحكومة فقط، مطلب دستوري، وصفة الدستورية متحدرة من دستور 1962 الذي مهّد لذلك. لكن يبقى السؤال المستحق: هل الكويت وظروفها الحالية مهيأة عمليا وبشكل سليم لهذا الانتقال؟ يبدو ان جماعة المقاطعة جازمون «وما باذنهم ماي»، بينما يبدو نواب الكتلة الوطنية اكثر تحفظا أو ترددا. اعتقد ان الانتقال التدريجي المتمثل بتكثيف التوزير الشعبي وتقليص افراد الاسرة الحاكمة، ورفع الحظر غير المعلن على شعبية وزارتي الداخلية والدفاع، اعتقد ان هذا قد يكون بداية طيبة وبداية تمهد تدريجيا وبشكل سليم لمزيد من «الهيمنة» الشعبية على الحكومة والحكم، تحقيقا للمادة السادسة من الدستور التي تم تعطيلها من قبل السلطة، ومن قبل نواب التخلف في الوقت نفسه.

ان الاصرار المفاجئ على تشكيل حكومة «برلمانية»، اي ان يكون اعضاؤها من البرلمان، في هذه الظروف التي يهيمن فيها التعصب الطائفي والقبلي والديني سيكون هدما للمبادئ الديموقراطية، واخلالا بمبدأي العدالة والمساواة بالذات اللذين سيكونان ضحية سهلة للتعصب في غياب الحماية الشعبية والرسمية ايضا للمبادئ الديموقراطية. ان من السهل تصور المأساة التي ستنجم عن القفز المفاجئ الى هذه المرحلة، عبر تصور اعادة فوز اغلبية نواب المقاطعة وتشكيلهم حكومة «برلمانية» منهم، أو خاضعة لتوجهاتهم. يعني مبارك الوعلان وزير داخلية، ووليد الطبطبائي للتربية، واسامة مناور وزير اعلام، ومسلم البراك وزيرا للتنمية والعدل ايضا، وهكذا بقية الوزارات التي سيتربع على رئاستها من يقر هدم الكنائس أو يكمم الافواه أو يمنع «الشيشة»، أو من لا يقف للسلام الوطني، أو من يسعى لتعطيل التنمية وتوفير المنح والعطايا للعاطلين عن العمل وللبطالة المقنعة.

طبعا سيعترض مؤيدو الحكومة البرلمانية والمصفقون لنواب المقاطعة، لكن هذه الحقيقة، وهي ليست تصورا أو حتى مبالغة. بل هي ملاحظة اولية وصادقة لنتائج الانتخابات الماضية، ولمواقف واهتمامات الاغلبية التي فازت بها. هل عندكم غير هؤلاء؟ وهل لدى من زكيتم ومن تبنوا دعوتكم للحكومة البرلمانية، هل لديهم مبادئ وطروح غير التي اعلنوها وحاولوا فرضها بالامس؟!

عبد اللطيف الدعيج
المصدر جريدة القبس

قم بكتابة اول تعليق

Leave a Reply

لن يتم نشر بريدك الالكتروني في اللعن


*


هذا الموقع يستخدم Akismet للحدّ من التعليقات المزعجة والغير مرغوبة. تعرّف على كيفية معالجة بيانات تعليقك.