رصد تقرير لرئيس المعهد الإسرائيلي للسياسة الخارجية الإقليمية، نمرود جورن، الرؤية الإسرائيلية للتداعيات الحاصلة في أنقرة، وتأثيرها على الأحداث في الشرق الأوسط بصورة عامة، وفي إسرائيل بصورة خاصة .
ورأى جورن في بداية الدراسة أن رئيس الوزراء التركي رجب طيب أردوغان يدرك تماماً أنه ملتزم بمواجهة فضيحة الفساد التي تحيط به الآن، خصوصاً أنه لا يستطيع بأي حال من الأحوال أن يتجاهل هذه الفضيحة، نظراً لأن خصومه من داخل حزب العدالة والتنمية يستغلونها لتهديده ومحاولة الإطاحة به.
وأشار جورن في التقرير الذي نشره موقع المصدر للدراسات البحثية الإسرائيلية، إلى أن أساس المشكلة اقتناع عدد من الوزراء في الحكومة التركية بأن أردوغان متورط في أعمال الفساد والشبهة الجنائية التي تحيط به، خصوصاً أن نجله البالغ (29 عاماً) متورط في الفضائح المالية، الأمر الذي يزيد من تعقيد القضية بصورة واضحة.
غضب تركي
ويشير جورن إلى أن الكثير من الأتراك كانوا غير راضين بأي حال من الأحوال عن السياسات التي أنتهجها رئيس الوزراء التركي في التعامل مع التطورات السياسية المصرية وانتقاده للسلطة الحاكمة المصرية الآن، وهو ما كان له تأثير سلبي واضح على مسار العلاقات بين تركيا ومصر، إضافة إلى غضب العديد من الأتراك بسبب السياسات التي ينتهجها أردوغان أيضاً في سوريا وانتقاده المستمر للرئيس بشار الأسد وتورط عناصر من حزب أروغان في الاتفاق مع المقاتلين الاسلاميين على العبور إلى سوريا من خلال الأراضي التركية.
الطامة الكبرى
إلا أن الطامة التي عصفت بأردوغان، وهي قضايا الفساد، أصبحت تؤثر وبقوة على شعبيته، خصوصاً أن الأتراك ينبذون الفساد، ودائماً ما كان أردوغان يردد بأنه جاء لمحاربته، وتطهير تركيا من آثار الماضي وشبهاته السلبية.
ويقول جورن إن “محاربة الفساد كانت سبباً في وصول أروغان إلى السلطة”، موضحاً أن صعود حزب العدالة والتنمية إلى السلطة عام 2002 جاء بعد غضب الأتراك من النظام السياسي الفاسد، وظهر أردوغان وحزبه كأصحاب أيادي نظيفة ومحاربين للفساد.
الامتحان بات قريباً
ويذهب جورن إلى الاعتقاد أن الاختبار السياسي الأهم لأردوغان في تركيا هو الانتخابات المحلية المزمع إقامتها في مارس (آذار) المقبل، موضحاً أنَّ الانتخابات ستكون امتحاناً لقوة أردوغان قبل انتخابات الرئاسة التي تجري الصيف المقبل.
فتح الله كولن
ويعتقد التقرير أن فتح الله غولن سيكون الاسم الأبرز على الساحة التركية خلال الأيام المقبلة، مشيراً إلى أن غولن الذي يعد من أبرز الساسة الأتراك المعارضين لأردوغان، والذي يقيم في بنسلفانيا، له شعبية كبيرة بين الأتراك ممن يعتقدون أن رئيس الوزراء التركي ظلمه سياسياً بعد أن كان حليفه في الماضي.
وبالتأكيد سينتهز فتح الله غولن تطورات الموقف السياسي التركي الحالي لتحقيق المكاسب له، والعودة من جديد إلى تركيا، وخوض غمار العملية السياسية، بعد إزالة التعقيدات التي تقف حائلاً أمام عودته.
ويشير التقرير إلى أن غولن يرأس حركة دينية ليبرالية، والتي تعتبر من أهم الحركات الدينية المعتدلة في تركيا، والأهم من هذا أنه يدير منظومة واسعة من المؤسسات التعليمية، وهو ما يؤدي إلى خروج العشرات من مؤيديه التلاميذ من هذه المدارس.
أنصار كولن
وينوه التقرير إلى أن غولن له الكثير من الأنصار داخل تركيا، ولكن من الصعب معرفة عددهم حتى وأن كانت معرفة تقريبية، مشيراً إلى أن المعلومات الأكيدة توضح تواجد هؤلاء الأنصار في أجهزة حساسة بالشرطة والقضاء، لكنهم لا ينتمون إلى حزب سياسي خاص بهم.
ويحاول أردوغان منذ فترة، خصوصاً مع تصاعد أزمته السياسية، إغلاق المدارس التابعة لغولن في تركيا، إلا أنه فشل تماماً حتى الآن في تسوية هذا الأمر.
قم بكتابة اول تعليق