ويعتقد كثيرون ان أكبر إبداع في عالم الطاقة حتى الآن في هذا القرن هو تطوير تقنية استخراج النفط الصخري ويرون ان الطاقة الصخرية في القمة ليس فقط بسبب وفرتها في الولايات المتحدة بل بسبب تأثيرها العالمي العميق أيضا كما ستثبت أحداث عام 2014.
وما يؤكد نجاح الثورة للطاقة الصخرية غير التقليدية في الولايات المتحدة هو ان يصبح انتاجها من الغاز الطبيعي من الصخور نحو 44 في المئة من انتاجها الكلي ما جعل اسعاره تقل في الولايات المتحدة بنحو 200 في المئة عن سعره في اوروبا بل انها وفرت نحو 200 مليار دولار كانت مرصودة ضمن فاتورة استيراد النفط والغاز السنوية.
وفي العواصم العربية وتحديدا دول منظمة الاقطار العربية المصدرة للبترول (اوابك) يتصاعد القلق يوما بعد آخر مع تنامي نجاح ثورة النفط الصخري حتى أن موضوع جائزة (اوابك) العلمية لعام 2012 التي سلمت قبل أيام في الدوحة كان موضوعها (التقدم التقني في استكشاف واستغلال موارد الغاز الطبيعي غير التقليدية في الدول العربية).
وعلى الرغم من ذلك كله لا يعتقد ان هذه الثورة ستؤثر سلبا على الدول الشرق اوسطية المنتجة للنفط بما فيها دول الخليج العربية حيث أن هذه الثورة حققت نتائج واضحة في الولايات المتحدة وكندا فقط وتظل نتائجها شبه منعدمة في بقية دول العالم وهو ما لا يقلق دول المنطقة خصوصا اذا علمنا ان إمدادات منطقة الخليج تمثل نحو 10 في المئة فقط من إجمالي واردات الولايات المتحدة من النفط.
وما يؤكده استقراء الواقع واستشراف المسقبل على المدى المتوسط ان الشرق الأوسط سيظل ساحة تشكل أهمية جيوسياسية كبرى وسيظل نفط الشرق الأوسط يشكل ضرورة أساسية لعمل الاقتصاد العالمي وهذا يعني ضمنا أن المنطقة ستظل في الأرجح تشكل مصلحة استراتيجية مركزية للولايات المتحدة.
وبشأن اسعار النفط فإن النفط التقليدي لا قلق عليه على الاقل على المدى المتوسط حيث ان تكلفة انتاج برميل النفط الصخري المتوقع أن تصل الى 50 دولارا خلال السنوات الخمس المقبلة لا يمكن أن تقارع سعر تكلفة انتاج برميل النفط التقليدي والتي هي في المتوسط نحو ثلاثة دولارات للبرميل.
لكن السيناريو الممكن حدوثه هو انخفاض اسعار النفط بشكل عام مع زيادة المعروض من النفوط بأشكالها المختلفة وحدوث فائض في المعروض عن الطلب وهو ما قد يخفض الاسعار ويؤثر على الانتاج. وتظل هذه الحالة من عدم القلق متوفرة لدى الدول المنتجة بالرغم من توقعات إدارة معلومات الطاقة الأمريكية التي تقول إن إنتاج النفط الذي تجددت حيويته مع استغلال التكوينات الصخرية سيصل إلى مستويات قياسية بحلول عام 2019 لترفع بذلك توقعاتها إلى مستويات لم تكن متصورة قبل سنوات قليلة.
وكانت هذه الادارة توقعت ارتفاع الإنتاج في الولايات المتحدة أكبر بلد مستهلك للنفط في العالم بواقع 800 ألف برميل يوميا في كل عام حتى 2016 ليبلغ حينئذ 5ر9 مليون برميل يوميا مقتربا من المستوى القياسي لعام 1970 البالغ 64ر9 مليون برميل يوميا.
ومن المتوقع في 2019 ان يشكل إنتاج النفط المحلي الامريكي 63 في المئة من إجمالي الإمدادات التي تحتاج اليها الولايات المتحدة بزيادة كبيرة عن عام 2011 حين كان الإنتاج يغطي 38 في المئة من إجمالي الاحتياجات.
وهنا تجدر الاشارة الى أن كثيرا من الدول المنتجة للنفط التقليدي لديها كميات كبيرة ايضا من النفط الصخري بحسب التقديرات الأولية وبالنظر الى الكويت نجد انها بحسب خبراء في تصريحات سابقة لوكالة الانباء الكويتية (كونا) تحوي نحو 23 طبقة أرضية (طفلية جيرية محكمة) هي ما يعرف بالصخور الزيتية تحوي بين 7 الى 10 مليارات برميل نفط مكافئ بتحفظ شديد.
يبقى في النهاية حقيقة واقعة وهي ان ثروة وثورة النفط الصخري أو الحجري أو أي مسمى لهذه الطاقة غير التقليدية ستؤثر يوما ما بشكل كبير على الاسواق النفطية وأن الدول المنتجة للنفط التقليدي عليها أن تعد العدة لخوض المعركة بأساليب حديثة حتى وإن كانت هذه المنافسة الشرسة لا تظهر في الافق القريب.
قم بكتابة اول تعليق