صالح الغنام: المخلوع يتنمر

حين يرفع الرئيس المخلوع سبابته ويطالب بإقرار القوانين المتعلقة بالنزاهة والذمة المالية ومكافحة الفساد, فهذا الكلام “مأخوذ خيره”, فالمخلوع, وعلى مدى 40 عاما لم يطرح هذه القوانين إلا كشعارات في المواسم الانتخابية, بل إنه حتى لم ينسجم مع نفسه ويبادر بكشف ذمته المالية, ولو من باب تشجيع وتحميس زملائه. هذا من جهة, ومن جهة أخرى, فإن المخلوع حين يتحدث عن القانون وأهمية تطبيقه واحترامه, فكلامه هذا والهباء واحد, فالجميع يذكر كيف أنه في حملته الانتخابية الأخيرة, التف على القانون وتحايل على الالتزام بتطبيق القرارات المنظمة للحملات الإعلانية للمرشحين, باتفاقه مع إحدى المحطات الفضائية كي تضع صوره البهية على لوحات ضخمة في مداخل ومخارج مناطق دائرته الانتخابية – ولمدة أسبوعين تقريبا – بحجة الإعلان عن إجراء مقابلة تلفزيونية معه! فخرج بسلوكه هذا عن أصول المنافسة الشريفة, وكشف للعامة, أنه لا يمانع من التحايل والالتفاف على القوانين مادامت النتائج الإيجابية تصب في مصلحته.
كل ما سبق يمكن بلعه, لكن أن يتهور المخلوع إلى حد التنمر فيقول متحديا: “لنكن بلا سقف في التصدي للقوى المعادية للنظام الدستوري” فهذا أمر غريب ولا أدري حقا على من يضحك بهذا الكلام, فما هي وأين هي تلك القوى المعادية للنظام الدستوري? فإن كانت موجودة حقا, وتستحق أن توصف بالقوى, فأين هو تأثيرها على أرض الواقع? ولماذا لم تتخذ هذه القوى إجراءات حازمة ضد الديمقراطية والبرلمان والمعارضين تحديدا, ولماذا لم تستعن بها السلطة في مواجهة المؤزمين? ثم إن كانت هذه القوى “قوى” كما يزعم المخلوع, فكيف تمكن هو وأتباعه من فرض أجندتهم وإملاءاتهم على السلطة والسيطرة التامة على البرلمان وتحقيق مكاسب لم تتحقق من قبل لأي تيار معارض على مر تاريخ الكويت! كيف تمكن المؤزمون من تحقيق هذا كله في ظل وجود قوى ¯ على حد قول المخلوع ¯ تحاربهم وتعادي النظام الدستوري في البلاد! عن جد أسأل على من يضحك هذا المكلوم بفقد كرسيه? فوالله لو كان السائرون خلفه عبارة عن قطيع من الأنعام لما صدقوه.
أما ثالث غرائبه, قوله “لا يمكن من دون قانون أحزاب أن يتطور نظام الحكم الديمقراطي في الكويت”. وهنا, وبمنتهى الصراحة “مصخها” المخلوع على الآخر, فكل المحيطين به يعلمون تماما ان المخلوع يرفض العمل الجماعي التنظيمي ولا يؤمن به إطلاقا, ولا يمكن أن ينساق له أو يرضخ لقراراته. هذا الكلام موثق ومشهود, فمنذ العام 2007 نشف ريق ودم أتباع “الشعبي” وهم يتوسلون موافقته على تحويل كتلتهم إلى كيان سياسي تنظيمي تحت اسم “حشد”, حاولوا فيه ولم يلن, وتعمدوا إحراجه أكثر من خمس مرات بتحديد موعد لتدشين تنظيمهم, ومع ذلك ظل يضع العراقيل في طريق تحويل الكتلة إلى تنظيم سياسي, حتى لا يضطر للامتثال لقرارات الأغلبية, كما هو معمول به في سائر التنظيمات السياسية. وقد كتبت غير مرة, أن تنظيم “حشد” لن يرى النور إلا باعتزال المخلوع العمل النيابي أو بالانقلاب عليه, وهذا أنا وهذا أنتم… عموما, تجربة المخلوع مع “حشد” تؤكد ان الأحزاب ليست في باله, وهو يطنطن بهذه القضية وفي معيتها القوانين الإصلاحية كلما اقترب موعد الانتخابات.
salehpen@hotmail.com

المصدر جريدة السياسة

قم بكتابة اول تعليق

Leave a Reply

لن يتم نشر بريدك الالكتروني في اللعن


*


هذا الموقع يستخدم Akismet للحدّ من التعليقات المزعجة والغير مرغوبة. تعرّف على كيفية معالجة بيانات تعليقك.