سمو الأمير: الطائفية البغيضة تُستغل لإضعافنا وإشعال الفتنة

(كونا) – أكد سمو أمير البلاد الشيخ صباح الأحمد أن ظاهرة الطائفية البغيضة «باتت عاملًا استغله من يسعى لإضعافنا وإشعال الفتنة بين أبناء الوطن الواحد»، داعيًا إلى «تكريس روح المجتمع الواحد المتماسك الذي يعطي المساحة لكل أطيافه دون تفرقة أو إقصاء».
وأضاف سموه في كلمته في الدورة الثالثة عشرة لمؤتمر القمة الاسلامية المنعقدة في مدينة اسطنبول التركية «ان شعوبنا عانت وستعاني المزيد من التراجع لتفاقم تلك الظاهرة التي أخذت تهز وحدة شعوبنا وتبدد آمالنا في الوحدة والتماسك».
وأشار سموه الى ان أعمال الدورة الثالثة عشرة لقمتنا الإسلامية «تنعقد في ظل استمرار الظروف السياسية والأمنية الدقيقة والخطيرة وفي ظل تراجع لأوضاعنا وعلى كافة المستويات الأمر الذي يضيف أهمية مضاعفة لهذا اللقاء المبارك ويشكل فرصة للتشاور والتباحث لمواجهة تلك التحديات والوصول إلى رسم ملامح إستراتيجية جديدة توحد صفنا وتقوي بناءنا وتحصن دولنا من تبعات تلك التحديات».
وشدد سموه على أن «معركتنا مع الإرهاب مضنية وطويلة ولكنها صلبة وإن رفضنا للتطرف والعنف قاطع وأولوية لنا على كل الأولويات».

وفيما يلي نص كلمة سمو أمير البلاد:

بسم الله الرحمن الرحيم الحمد لله رب العالمين والصلاة والسلام على نبينا محمد وعلى آله وصحبه أجمعين.
فخامة الرئيس رجب طيب أردوغان رئيس الجمهورية التركية الصديقة أصحاب الجلالة والفخامة والسمو معالي الأمين العام لمنظمة التعاون الإسلامي د.أياد أمين مدني أصحاب المعالي والسعادة، السلام عليكم ورحمة الله وبركاته.

يسرني بداية أن أتقدم بجزيل الشكر والامتنان إلى فخامة الرئيس رجب طيب أردوغان وإلى حكومة وشعب تركيا الصديقة على ما لقيناه من حسن وفادة وكرم ضيافة وإعداد متميز لهذا اللقاء الهام منذ وصولنا إلى هذه المدينة العريقة والجميلة اسطنبول التي مزجت بين عراقة التاريخ وروح التجدد.
كما لا يفوتني أن أتقدم بخالص الشكر والتقدير لفخامة الأخ الرئيس عبدالفتاح السيسي رئيس جمهورية مصر العربية الشقيقة على ما بذله من جهود كبيرة ومقدرة في سبيل إنجاح أعمال دورتنا الماضية لمؤتمر القمة لمنظمة التعاون الإسلامي وفي سبيل تفعيل وتطبيق ما تم التوصل إليه من قرارات عززت من عملنا الإسلامي المشترك.
أصحاب الجلالة والفخامة والسمو، تنعقد أعمال الدورة الثالثة عشرة لقمتنا الإسلامية في ظل استمرار الظروف السياسية والأمنية الدقيقة والخطيرة وفي ظل تراجع لأوضاعنا وعلى كافة المستويات الأمر الذي يضيف أهمية مضاعفة لهذا اللقاء المبارك ويشكل فرصة للتشاور والتباحث لمواجهة تلك التحديات والوصول إلى رسم ملامح استراتيجية جديدة توحد صفنا وتقوي بناءنا وتحصن دولنا من تبعات تلك التحديات.

لقد عانت شعوبنا وستعاني المزيد من التراجع لتفاقم ظاهرة الطائفية البغيضة التي أخذت تهز وحدة شعوبنا وتبدد آمالنا في الوحدة والتماسك كما أنها باتت عاملاً استغله من يسعى لإضعافنا وإشعال الفتنة بين أبناء الوطن الواحد وعليه فإننا ندعو من هذا المنبر إلى تكريس الانتماء للوطن وأن ننأى بأنفسنا عن أية ممارسات يشوبها النفس الطائفي وأن نكرس أيضا روح المجتمع الواحد المتماسك والذي يعطي المساحة لكل اطيافه دون تفرقة أو إقصاء.
أصحاب الجلالة والفخامة والسمو إن معركتنا مع الإرهاب مضنية وطويلة ولكنها صلبة وإن رفضنا للتطرف والعنف قاطع وأولوية لنا على كل الأولويات.
إننا مطالبون بالدفاع عن ديننا الإسلامي الحنيف أمام الهجمات والإساءات العديدة التي يتعرض لها فكم من عمل إرهابي ارتكب باسم الإسلام وكم من فتنة أشعلت بدعوى الدفاع عن الإسلام وكم من أعمال دمرت وحدة مجتمعاتنا وقتلت أبناءنا بل وقتلت الأبرياء على وجه هذه الأرض تحت راية زائفة تدعي الإسلام إزاء كل ذلك لا بد لنا من العمل سويًا على تصحيح العديد من المفاهيم الخاطئة وتنقية الشوائب التي لحقت بسمعة شريعتنا السمحاء لنقدم للعالم أجمع الوجه المشرق لهذه الشريعة القائمة على التسامح وقبول الآخر واحترام حق الإنسان في العيش الحر الكريم، إننا أيها الإخوة مسؤولون أمام الله وأمام التاريخ للقيام بهذه المسؤولية الشرعية والإنسانية والأخلاقية التي يحتمها علينا ديننا الحنيف وتحتمها علينا ضمائرنا وانتماؤنا لهذه الشريعة السمحاء.

أصحاب الجلالة والفخامة والسمو، نتابع باهتمام بالغ تطورات الأوضاع في المنطقة؛ فحول الوضع في العراق فإن بلادي الكويت تدعم أمن واستقرار هذا البلد الشقيق وقد بادرت الكويت إلى تقديم المساعدات الإنسانية والتي كان آخرها مائتي مليون دولار للأشقاء ووافقت على تأجيل سداد الدفعة الأخيرة من التعويضات، تقديرًا منها للظروف التي يمر بها الأشقاء ودعمًا للجهود المبذولة في محاربة الإرهاب ونتطلع بأمل أن يتمكن الأشقاء من خلال الإصلاحات التي ينوون القيام بها ومن خلال تحقيق المصلحة الوطنية بين أبناء الشعب العراقي الشقيق أن يحققوا آمال وتطلعات هذا الشعب.

وعن الوضع في سوريا فإننا نأمل للجهود السياسية التي تبذل حاليًا أن يتحقق لها التوفيق والنجاح في إنهاء هذه الكارثة الإنسانية غير المسبوقة في عصرنا الحالي وندعو في هذا الصدد أطراف النزاع إلى عدم تفويت هذه الفرصة وإلى تغليب مصلحة وطنهم وحقن دماء شعبهم.
وحول الوضع في اليمن فإننا نأمل أن يساهم وقف إطلاق النار الذي بدأ قبل أيام قلائل في خلق أجواء تساعد على إنجاح المفاوضات التي ستستضيفها بلادي الكويت يوم 18 ابريل 2016 والوصول إلى حل سلمي ينهي هذه الأزمة وندعو الأطراف اليمنية إلى الاستفادة من هذه الفرصة التاريخية لوضع حد لنزاع دام لسنوات عديدة.
وحول الوضع في ليبيا فإننا نرحب بمباشرة حكومة الوفاق الوطني لأعمالها تنفيذًا لاتفاق الصخيرات الذي تم توقيعه في ديسمبر 2015 متمنين لها التوفيق والسداد للقيام بمهامها لإعادة الأمن والاستقرار لربوع ليبيا الشقيقة.

أما فيما يتعلق بمسيرة السلام في الشرق الأوسط فلا زال التعنت الإسرائيلي يعرقل كافة الجهود الدولية ويقوض من فرص الوصول إلى حل نهائي.
إننا ندعو من هذا المنبر مجلس الأمن إلى ممارسة دوره الطبيعي في حفظ الأمن والسلم الدوليين بالضغط على إسرائيل وحملها على القبول بالسلام وفق قرارات الشرعية الدولية ومبادرة السلام العربية، وإن مما يدعو للأسف في هذا الصدد أن نشهد تراجعا ملحوظا لاهتمامات المجتمع الدولي بمسيرة السلام في الشرق الأوسط مما فاقم من تعقيدات الموقف وضاعف من التداعيات التي أسهمت في استمرار تهديد الأمن والاستقرار لمنطقتنا.

وحول العلاقة مع إيران فقد رحبنا بكل جهد يهدف إلى تجنيب المنطقة مظاهر عدم الاستقرار ولعل ترحيبنا بالاتفاق الذي تم بين مجموعة 5+1 من جهة وإيران من جهة أخرى لدليل على ذلك النهج ومن هذا المنطلق فإننا ندعو الجارة المسلمة إيران إلى العمل معنا لإزالة مظاهر التوتر وإقامة علاقات طبيعية ترتكز على المواثيق والقوانين الدولية وتقوم على مبدأ احترام سيادة الدول وعدم التدخل في الشؤون الداخلية لنسهم جميعًا بتحقيق الأمن والاستقرار الذي تنشده شعوبنا.
أصحاب الجلالة والفخامة والسمو، وفي الختام أجدد امتناني للأصدقاء في تركيا قيادة وحكومة وشعبًا ولمعالي الأمين العام لمنظمة التعاون الإسلامي ومساعديه على جهودهم المقدرة متمنيا لأعمال اجتماعاتنا كل التوفيق والنجاح .
والسلام عليكم ورحمة الله وبركاته.

قم بكتابة اول تعليق

Leave a Reply

لن يتم نشر بريدك الالكتروني في اللعن


*


هذا الموقع يستخدم Akismet للحدّ من التعليقات المزعجة والغير مرغوبة. تعرّف على كيفية معالجة بيانات تعليقك.